فاجأهم سامي فهَرع السنيورة إلى الجميّل

فسّر سياسيون هروع الرئيس فؤاد السنيورة الى زيارة الرئيس أمين الجميّل بأنه محاولة لرأب صدع بدأ يَتّسع في العلاقة بين حزب الكتائب وفريق 14 آذار، والذي كان من أبرز مظاهره انفراد النائب سامي الجميّل بطلب حجب الثقة عن الحكومة مفاجئاً حلفاءه الذين انسحبوا من التصويت وحمّلوه مسؤولية مَدّها بدعم جديد، فيما كان المطلوب من جلسة المناقشة ان تضعضعها وتفقدها رصيداً كان رئيسها نجيب ميقاتي قد بدأ يجمعه من خلال أدائه المستقِل خلال عام ونيّف.

ويعتقد هؤلاء السياسيون ان السنيورة يخشى من وجود علاقة غير معلنة بين حزب الكتائب والمراجع الرئاسية الثلاثة، قد تؤدي الى انتقال نواب الكتائب الخمسة الى ضفّة الموالاة، بحيث يتعطل تأثير انسحاب محتمل لوزراء النائب وليد جنبلاط ونوابه من الاكثرية. ويقال إن هذا الموضوع كان محور بحث عميق بين جنبلاط ومسؤولين سعوديين خلال زيارته الاخيرة للرياض.

وتقول اوساط مطلعة إن جنبلاط حاول ان يوضح للمسؤولين السعوديين حراجة موقفه القائم على دعم الأكثرية في لبنان والخلاف معها حول الموقف من الأزمة السورية، وهو موقف مُركّب ومُعقّد لا يمكن تفهّمه بسهولة لدى العاصمة السعودية
غير أن هذه الاوساط تؤكد ان الرياض ليست في وارد الاستغناء عن ميقاتي في هذه المرحلة بالذات، لأنّ بقاء الرجُل، وإن كان متحالفاً مع مَن تعتبرهم خصوماً لسياستها في المنطقة، هو "أبغض الحلال" بالنسبة اليها، فاستقالته قد تفتح الاوضاع اللبنانية على احتمالات مقلقة بالنسبة الى الدور السعودي، وبالنسبة الى الاستثمارات السعودية الضخمة في الاقتصاد اللبناني، خصوصاً في المجالين العقاري والمصرفي.

وما يزيد الأمور تعقيداً انّ الرئيس سعد الحريري لا يعترض فقط على بقاء ميقاتي، بل أيضا على عودة السنيورة نفسه، والذي هو المرشح البديل والمفضّل عند المسؤولين السعوديين، ويُقال إن الحريري قد رشّح الوزير السابق محمد شطح لرئاسة أي حكومة في حال استقال ميقاتي، واستحالَت عودته رئيساً.

وعلى رغم أن التحليلات تربط مصير الحكومة بمَسار الأزمة السورية، ما يؤكد أن البلدين ما زالا في إطار معادلة "وحدة المصير والمسار" التي كانت تعترض عليها 14 آذار، فإذ بها، من خلال أدائها تجاه دمشق، تعيد ربط لبنان بهذه المعادلة التي لم تكن في نظرها أكثر من غطاء لِما كانت تسمّيه "الوصاية السورية".

وتقول اوساط قريبة من 14 آذار إن التكتيك الذي اعتمدته خلال جلسة المناقشة كان هدفه التلاعب بأعصاب ميقاتي ودفعه الى الاستقالة، على غرار ما جرى للرئيس عمر كرامي غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. إلّا أنّ ميقاتي فاجأهم بهدوئه، وبخطاب رجل الدولة الذي كانت رصانته مناقضة لحفلة الشتائم والمهاترات التي وَقع بها بعض نواب المعارضة، وكذلك بعض نواب الأكثرية، تاركاً للوزراء أن يردّوا. وكان الرد الأبلغ لوزير المال محمد الصفدي، الذي جمع بين صلابة الموقف وتبديد محاولات الايقاع بينه وبين ميقاتي.

يقول المثل الشائع: "الضربة التي لا تميتني تزيدني قوة"، وميقاتي وحكومته قد ازدادا قوة بعد جلسة المناقشة، على رغم الإساءات التي تعرض لها النظام الديموقراطي البرلماني. وفي ظلّ كل هذه المعطيات، يبدو ان عمر الحكومة الميقاتية طويل، وان الحديث عن حكومة حيادية لانتخابات 2013، قد يفسّر بأنه محاولة من المعارضة لتأجيلها في ظلّ خلاف يتسِع حول قانونها، وكذلك في ظلّ حديث عن صعوبة إجرائها مع وجود السلاح.

وتردّد أوساط مؤيدة للحكومة ان النقاشات الدائرة بين أركان 14 آذار تَشِي بقلق كبير ينتابهم إزاء المستقبل، ولعلّ هذا القلق هو الذي يجعل جنبلاط أكثر حذراً وتوازناً في خطواته المقبلة، خصوصاً مع ما يرتسم في الافق الاقليمي والدولي من متغيرات لِغَير مصلحة واشنطن وحلفائها.

السابق
اجتماع حريريّ
التالي
اطرد مستشاريك