جنبلاط في السعودية: تحضير لما هو آتٍ ام عودة خالية الوفاض؟

يبتعد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كثيرا عن النظام السوري من دون أن يفك ارتباطه بفريق 8 آذار.. يقترب جنبلاط من المملكة السعودية مجددا من دون أن يعود الى فريق 14 آذار.. جنبلاط مستمر في سياسة غير مستقرة ومتأرجحة ولكنه يزن خطواته جيدا ويمشي بين النقاط بطريقة بالغة الدقة والحذر، والثابت الوحيد وسط كل المتغيرات والتقلبات و بقاؤه في الحكومة. لكن "حبل الودّ" عاد وانقطع بين جنبلاط والسعودية إثر تأمين زعيم المختارة الغطاء السياسي والنيابي للانقلاب الذي حصل على حكومة الرئيس سعد الحريري، وأدّى إلى تغيير الأكثرية النيابية لصالح قوى 8 آذار

الآن ماذا عن زيارته ولقائه اليتيم مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل؟ هنا ثمّة معلومات مؤكّدة تشير إلى أنّ الزيارة كانت خاصة أكثر ممّا هي زيارة سياسية للمملكة، بمعنى أنّ جنبلاط غادر على متن طائرة النائب نعمة طعمة وبرفقته ومعه نجله تيمور، وأمضيا ليلتين في دارة النائب طعمة في السعودية، واللقاء مع الأمير سعود الفيصل جاء نتيجة اتّصالات سابقة كان أجراها النائب جنبلاط هاتفيّاً مع وزير الخارجية السعودي، في وقت أنّ الملفت كان غياب وزير الأشغال غازي العريضي عن الزيارة، الأمر الذي وضعته أوساط درزية في إطار استياء المملكة من زعيم الإشتراكي وفريقه السياسي، ومنهم الوزير العريضي بسبب الانقلاب على الحكومة الحريرية، والدليل أنّ رئيس "جبهة النضال" ووزراءَه لم يكونوا موضع ترحيب في المملكة في الزيارة الأخيرة على غرار المراحل السابقة، بل إنّ اللقاء مع الفيصل، بحسب المعلومات، جاء على خلفية الموقف المتشدّد لـ"أبو تيمور" من النظام السوري، والذي يتناغم مع موقف الأمير الفيصل، وكونه رئيس الديبلوماسية السعودية فإنّه من الطبيعي أن يلتقي بجنبلاط، بينما الأمر الآخر والأكثر غرابة فيتمثّل بعدم حصول لقاء جنبلاط مع الرئيس سعد الحريري بعدما قيل الكثير بأنّه تحصيل حاصل، وهنا تشير المعلومات إلى أنّ آخر لقاء حصل بين الرجلين كان في تركيا على هامش زيارتهما لأنقرة، وإن كانت منفصلة، إنّما وفي لقاء "على الماشي"إتّفقا على أن يلتقيا في السعودية. وحول هذه الزيارة يمكن في قراءة سياسية أولية إيراد الملاحظات التالية:

ـ الزيارة حققت هدفا المباشر في خرق جدار القطيعة الذي رفعته السعودية عاليا وفي كسر جليد العلاقة الذي تراكم على طريق المختارة ـ الرياض نتيجة تطورين: الأول لا يتحمل جنبلاط مسؤوليته ويتصل بانيار معادلة الـ "س.س" الذي ران عليه واعتمده غطاء للعودة الى دمشق.. والثاني لا يمكن لجنبلاط أن يتنصل من مسؤوليته وو الانقلاب على الرئيس سعد الحريري حليف السعودية في لبنان ونقل الأكثرية والحكم الى ضفة حزب الله.
الزيارة تحققت بعد جد وإصرار من جنبلاط على إعادة فتح خطوطه مع السعودية، خصوصا بعدما أحرق كل سفنه مع سورية وبات يحتاج الى غطاء عربي.. وعمل لتحقيق ذه الزيارة النائب نعمة طعمة بعدما كان الوزير غازي العريضي الناشط الأبرز في ذا المجال، كما دخلت تركيا على الخط، وكان جنبلاط زارا أخيرا والتقى ناك على امش مؤتمر اسطنبول وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.

ـ الزيارة أعطيت طابعا خاصا (بضيافة طعمة) مع اختراق سياسي (لقاء مع الفيصل) من دون حصول لقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز… وإذا كان اصطحاب جنبلاط نجله تيمور يدل على رغبته في رؤية »أفق مستقبلي« للعلاقة، فإن عدم اللقاء مع الملك يدل على عدم تجاوز مشكلة الماضي القريب عندما انقلب جنبلاط على الحريري ومن خلاله على الدور السعودي في لبنان.. وتريد السعودية أن تسمع من جنبلاط ما يكفي من تبريرات وتوضيحات بشأن انقلابه الحكومي عام 2011 وتنتظر ما يكفي من خطوات لتصحيح الخطأ الذي ارتكبه.

ـ لا انعكاس لذه الزيارة على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. فلا جنبلاط في وارد الخروج منا ولا مصلحة له في ذلك، ولا السعودية في صدد إحداث تغيير حكومي وسياسي في لبنان في الوقت الحاضر وتركيزا منصب على الأزمة السورية وحصر تداعياتا وأخطارا والحؤول دون تمددا الى لبنان.

ـ زيارة جنبلاط الى السعودية مؤشر الى المرحلة المقبلة التي لا صلة بالانتخابات النيابية وما بعدا، وحيث ان جنبلاط يلتقي مع الحريري على رفض النسبية والالتفاف على مشروع جار لتحجيمما، ولديه رغبة استئناف العلاقة والتحالف الانتخابي مع الحريري والطريق لذلك يمر حكما عبر الرياض.. جنبلاط يريد عودة الحريري الى لبنان وقيام حوار بين الحريري وحزب الله ولعب دور الوسيط والجسر بين السنة والشيعة وإنشاء حالة قريبة الى تلك التي قامت في العام 2005 وعرفت بالتحالف الرباعي.

السابق
تفهم الثنائي الشيعي لجنبلاط
التالي
عراقيون يبتزون سعوديين في لبنان ؟!