تفهم الثنائي الشيعي لجنبلاط

فتح البحث في قانون الانتخابات الباب واسعا أمام حركة اصطفافات جديدة، منها ما هو تثبيت لتحالفات قائمة، ومنها ما هو محاولات لكسب حلفاء جدد، ومنها ما هو محاولات لاعادة تركيب السلطة من نوع اقتراح «المستقبل» تشكيل حكومة حيادية او»حكومة تكنوقراط» تشرف على الانتخابات. لكن يبقى في صلب حركة الاصطفافات هذه مواقف وحسابات النائب وليد جنبلاط باعتباره العنصر المؤثر بل الحاسم في أي تركيبة جديدة ستمسك بالمجلس النيابي المقبل، وبالتالي تمسك بالحكومة الاولى التي ستنبثق عن المجلس الجديد.

وتعتبر أوساط سياسية متابعة للحراك الجاري حول قانون الانتخاب، ان حركة جنبلاط الاخيرة هي باب لولوج الاصطفافات الجديدة المرتقبة، وتقول أن زيارة جنبلاط للسعودية، اسقطت أي رهان على احتمال انقلابه مجددا على مواقفه الاخيرة وتموضعه «الوسطي» الجديد، وهو سيمضي في هذا الخيار الى النهاية متكلا على قوة موقعه السياسي والطائفي كعامل حاسم في أي تركيبة سياسية جديدة لقيادة الدولة والبلاد تنبثق عن الانتخابات المقبلة، ولهذا فإن جنبلاط متمسك بشدة بموقفه الرافض للنسبية في القانون الانتخابي ويفضل عليه قانون الستين او أي قانون يشبهه من حيث الدوائر الصغرى الكفيلة بضمان حصوله على كتلة نيابية وازنة.
وترى الأوساط نفسها أن جنبلاط الذي يستشعر اهمية دور الاقليات الطائفية في التركيبة اللبنانية السياسية، لا سيما الاقلية الدرزية، يستشعر في الوقت ذاته حاجة هذا الدور الى راع ٍ دولي او اقليمي يحميه، ولما قرر جنبلاط فتح النار على النظام السوري، لجأ الى الراعي الاقليمي الثاني، أي السعودية، لتثبيت موقعه السياسي في اللعبة السياسية اللبنانية، لكن في الوقت ذاته، يشعر جنبلاط انه لا يزال قادرا على لعب هذا الدور الداخلي القوي بموافقة قوى اخرى، لا سيما الرئيس نبيه بري و«حزب الله»، ومن هنا يمكن قراءة وفهم موقف الوزير محمد فنيش لـ«السفير» امس الاول، بقوله «ان حزب الله يؤيد اعتماد مبدأ النسبية في دائرة موسّعة، مع الانفتاح على هواجس الآخرين ومحاولة معالجتها، وصولاً الى تأمين تفاهم وطني على قانون انتخاب». ويجمع المراقبون على ان فنيش يقصد «بالاخرين» جنبلاط وحده!

بهذا المعنى لا نتائج مربحة لكل حركة جنبلاط الخارجية ومواقفه الداخلية، من دون دعم او موافقة او مباركة او تفهم «الثنائي الشيعي» لهواجسه ولحفظ دوره، وهذا ما يفسر إصرار هذا الثنائي القوي، كما يصر جنبلاط، على إبقاء خيط التواصل قائما بينهم برغم الاختلاف في النظرة الى كثير من الامور الداخلية والى مقاربة الوضع السوري.

وبهذا المعنى ايضا، يمكن تفهم مسعى «الثنائي الشيعي» الى استنباط حلول او مقترحات لقانون انتخابي، يكفل موقع جنبلاط، ويخفف في الوقت ذاته من الحالة الطائفية والمذهبية المستشرية في البلد، بما يوفر حسن التمثيل لكل الطوائف والقوى السياسية، خاصة ان هذا «الثنائي» وجنبلاط مضطران للتوافق على ادارة اللعبة الانتخابية في بعض الدوائر المشتركة شعبياً (بعبدا والبقاع الغربي مثلا) سواء بالتحالف او التفاهم الضمني او حتى في حال خوض المنافسة، الا في حال قرر جنبلاط النأي بنفسه عن هذا الثنائي كما فعل في انتخابات 2009 فأضطر لخوض المعركة ضده في بعبدا حيث خسر جنبلاط وفي البقاع الغربي حيث فاز.

لن تكون زيارة المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل اليوم الى منزل جنبلاط، الا في سياق يفترض أن يمتد طويلا في رحلة البحث عن قواسم انتخابية مشتركة تطمئن الزعيم الدرزي.

السابق
الراي: حكومة ميقاتي تقلّع شوكها بشقّ النفس والمعارضة تلوّح باستنهاض عام ضد التهديد بالحرب
التالي
جنبلاط في السعودية: تحضير لما هو آتٍ ام عودة خالية الوفاض؟