الراي: جنبلاط يمدّد عمر حكومة ميقاتي و… يهدّد بقاءها

رغم ظاهرة الابتهاج التي تملكت قوى الاكثرية ولا سيما منها فريق «8 اذار» عقب نيل الحكومة «ثقة متجددة « وإن هزيلة في مجلس النواب الاسبوع الماضي، بدا هذا الفريق متوجساً من الزيارة التي يقوم بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيم «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط للسعودية منذ مساء الاحد الماضي. وما اثار توجس قوى «8 آذار» يتصل بجملة عوامل مفترضة تقف وراء هذه الزيارة التي جرى الاعداد لها طويلاً ويمكن ابراز اهمها بالمعطيات الآتية:

اولاً: اثار توقيت الزيارة بعد اقل من يومين من التصويت على الثقة بالحكومة ريبة فريق «8 آذار» في ان يكون التوقيت متعمداً لدفع جنبلاط الى مزيد من التقارب مع فريق «14 آذار» ولا سيما منه زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري. ذلك ان جنبلاط وصل الى جدة غداة استقبال العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز للرئيس الحريري. ومع ان اي معلومات معلنة لم تصدر حتى صباح امس عن اللقاءات التي يجريها جنبلاط في السعودية، فان احتمال لقائه الحريري للمرة الاولى منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي شكلت مشاركة جنبلاط فيها الضربة القاصمة لحكومة الحريري السابقة بدا كبيراً جداً. وهو الامر الذي اثار توجس قوى «8 آذار» ولو انها بدت مرتاحة جداً الى تصويت بعض نواب جنبلاط الى جانب الثقة بالحكومة. ثانياً: يدرك فريق «8 آذار» ان جنبلاط لن يقدم على اي خطوة لفرط الحكومة حالياً لاعتبارات داخلية تتصل بالاستقرار. ولكنه يدرك ايضًا ان الزعيم الدرزي وصل في عدائه مع النظام السوري الى مرتبة تتقدم بكثير حتى فريق «14 آذار» نفسه. وفي ضوء ذلك فان زيارته للسعودية ستجعله يتقدم خطوات اضافية في احراق مراكبه بالكامل مع هذا النظام مما يوسع التباينات بينه وبين حلفاء النظام ولو ان جنبلاط يحافظ على علاقته بركنين اساسيين هما الرئيس نبيه بري و»حزب الله».

ثالثاً: تخشى قوى «8 آذار» ان يطور جنبلاط في مرحلة مقبلة رفضه القاطع المعروف لاعتماد النسبية في قانون الانتخاب الى مماشاة قوى «14 آذار» في مطالبتها بحكومة حيادية تشرف على الانتخابات مما يهدد بقاء حكومة ميقاتي واشرافها على هذه الانتخابات. بل ان بعض هذه القوى تعتقد ان الحكومة الحالية ستغدو اكثر فاكثر «رهينة» موقف جنبلاط الذي يوفر لها استمرار دعم الاكثرية من جهة ولكنه يهددها في اي لحظة في حال تعاظم الضغط لفرض اعتماد النسبية في قانون الانتخاب من جهة اخرى.
وقد برز هذا القلق لدى قوى «8 آذار» وحتى لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه مع ملامح الانزعاج الشديد الذي ابداه فريق جنبلاط النيابي والوزاري من النائب الكتائبي سامي الجميل لدى اصراره على طرح الثقة بالحكومة. اذ ان هذا الفريق اقدم قسراً على منح الثقة فيما لم يخف امتعاضه من اضطراره الى منح الحكومة فرصة اضافية، وهو امر قد يجد ترجمة سلبية لاحقاً في حال حشره في الزاوية خصوصاً ما لم يجر صرف النظر عن اعتماد النسبية في قانون الانتخاب.

رابعاً: تدرك قوى «8 آذار» ان الحكومة الحالية ولو نالت الثقة، تبدو متعبة تماماً تحت وطأة الملفات الثقيلة التي تواجهها. وتبدو مواقف جنبلاط في معظمها من هذه الملفات مخالفة او متباينة مع شركائه في الحكومة، بما يعني ان العودة الى معالجة هذه الملفات ولا سيما منها المالية والكهربائية وسواها ستبقي جنبلاط على مسافة بعيدة من المكونات الاخرى في الحكومة. وفي ضوء ذلك يجري الحديث عن «حوار» تتهيأ قوى «8 آذار» لفتحه مع الزعيم الدرزي بعد عودته الى بيروت سعياً الى تجنب كسر الجرة معه حول قانون الانتخاب الذي بات يختصر تقريباً كل الاولويات ويطل بقوة على مشهد سياسي حار ومفتوح على شتى التطورات.
وعصر امس اعلنت مفوضية الاعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» ان جنبلاط «قام بزيارة خاصة الى السعودية حيث كان بضيافة النائب نعمة طعمة، واثناء الزيارة التقى وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل بحضور النائب طعمة ونجله تيمور جنبلاط». 

السابق
عن المجالس المذهبية المتعاظمة
التالي
الحياة: أرمن لبنان للعرب في ذكرى المجازر: لا تنسوا أن تركيا ابادت شعوبكم