إعمل خير.. ما تزت الزيت

على خط الشياح – عين الرمانة، تعبر "بوسطة" البلدية معلنة حرباً بيئية هذه المرة في وجه ملوثات لا تقل أذى عن النفايات الصلبة. الهدف "الزلق" فيها، زيت الطبخ الذي يتغلغل في البنى التحتية والمياه الجوفية محدثاً "انسدادات" وأزمات تضرب البحر بنسبة تلوث تفوق العشرين في المئة، وهو رقم تنبهت جمعية "Mer Terre Liban" الى تبعاته الصحية مطلقة الخميس المقبل بالتعاون مع بلدية الشياح في المجمع الثقافي الرياضي حملة: "ما تزت الزيت. جمعوا بالبيت بتلموا البلديات لنوفر علبيئة ملوثات". وفي أجندة العمل سلسلة خطوات بينها قيام مندوب البلدية بجولات دورية على المنازل بدءاً من أول أيار لتسلم الزيوت المنوي التخلص منها بغية إعادة تدويرها الى مازوت أخضر صديق للبيئة، الأمر الذي يجاري أهداف الحملة التي تخلص الى نتيجة رئيسة: "ما في شي بيروح ضيعان… كل شي بيتحول".
 
في حديثها عن الحملة، تسجّل رئيسة الجمعية فيكي سلامة غصن اعتراضاً على تعبير "حرب بيئية" من منطلق الحث على استخدام تعابير أكثر ايجابية. تقترح: "نضالاً لأجل مياه وخضرة بلدنا"، هذا النضال الذي خبرته "فعلياً" منذ زيارتها مدينة "نيس" الفرنسية حيث التقت قبل نحو عامين برئيسة الجمعية الأم هناك. كانت الجمعية تسعى في حينه الى تشكيل مرصد للنفايات الصلبة في بلدان البحر المتوسط. اتفقا على تأسيس الفرع اللبناني، ومنه الانطلاق لاختبار الشاطئ، وتحديداً في انطلياس حيث جرى تنظيفه مرتين في السنة من أجل معرفة كمية ونوعية ومصدر النفايات الصلبة بغية معالجتها بالطريقة المناسبة، إلا أن النتائج لم تظهر بعد.الاهتمام البيئي المصوّب في الداخل على النفايات الصلبة، حفّز الجمعية للإضاءة على تلوّث آخر غير مرئي ناتج عن تراكم الزيوت الذي لا يقل خطراً. عندها أخذ أعضاء الجمعية اللبنانية مهمة "تدوير الزيت" على عاتقهم. وفي خطوة داعمة، فتحت بلدية الشياح أبوابها، فكان التعاون الأول الذي ترجم بملصقات من شأنها تنبيه سكان المنطقة الى ما يفعله الزيت في مسالك الصرف الصحي. تشرح "غصن": "تسبب مطعم للوجبات السريعة في المنطقة بضرر كبير في شبكة الصرف الصحي بفعل كمية الزيوت التي يتخلص منها بطريقة كبّدت بلدية الشياح خسائر بعدما اضطرت الى حفر الطرقات ومعالجة الانسدادات بفعل الشحوم. وفي الوقت نفسه كان لدينا هاجس دائم للبحث عن وسيلة تمنع السيدة من التخلص من زيت القلي في المجلى أو المرحاض". وبدأ العمل على الأرض بالطلب من المطعم، وغيره من المطاعم في المنطقة بتجميع الزيت على أن يتولى فريق من الناشطين وعمال البلدية تجميعه لاستثماره بما يخدم ولا يضر بالبيئة. وكبر المشروع ليشمل المنازل على أن يتم في خطوات لاحقة التعاون مع البلديات المجاورة بما يسمح بتجنيب المياه اللبنانية "صبغة" التلوث. وتلفت غصن: "في جولاتنا الميدانية، وجدنا أنّ لا دراسات دقيقة عن أثر الزيت في المياه اللبنانية، وهو الأمر الذي حفّز أساتذة الجامعات على الطلب من تلامذتهم في العام المقبل متابعة هذا الجانب في دراساتهم العليا".

في مقارنة الراهن اللبناني مع الخارج، تلفت الناشطة البيئية الى أنّه في بلجيكا، البلد الذي ارتبطت شهرته بالبطاطا المقلية، هناك مستوعبات مخصصة للتخلص من الزيوت. وبما أن فرز النفايات مسألة ما زالت في بداياتها في لبنان، كان لا بد من تبني المشروع الذي يبدأ من المنازل الى المطاعم والفنادق ومن ثمّ يأخذ سيره الى "كاراجات" الحدادة والميكانيك اللذين يستهلكان الزيوت بكثرة، والأخيرة متوافرة بكثرة في منطقة الشياح وجوارها. أما مسألة التخلص من الزيت، فإن دخلت فيها التجارة، تضاعف الخطر على الإنسان. توضح غصن: "هناك تجار يجمعون الزيت من المطاعم لبيعه علفاً للدجاج الذي بدوره يصل الى الإنسان بسمومه المضاعفة. في هذا الجانب، لا بد من عين راصدة تحول دون ذلك. والى ذلك ثمة من يستخدم الزيت التالف في صناعة الصابون، وتبقى النقطة المضيئة والايجابية أن يجري إعادة تدوير الزيت ليصبح مازوتاً أخضر. ففي نهر الموت هناك معمل ناشط في هذا الجانب على أمل افتتاح معامل مماثلة في لبنان".

"إذا ما كل شخص كان مسؤول بيئي ما فينا نخلّص بيئتنا" وصية يطلقها أعضاء الجمعية التي تجاوب معها عدد من طلاب جامعة "LAU" ممن تطوعوا لزيارة المنازل، يرافقهم مندوبون من البلدية، للإضاءة على المشروع الذي تراوح وقعه بين مؤيد "بشدة" أو لامبالٍ على قاعدة: "شو وقفت عليّ". وفي تلك القسمة، لا خوف على المشروع من منطلق الرهان على حماسة اللبناني وغيرته على بلده: "مش صحيح اللبناني ما بيهمو بلدو… وقت الجد دايماً بيكون حاضر". 

السابق
العفو الدولية تندد بالتمييز ضد المسلمين في أوروبا لاسيما بالحجاب واللحى
التالي
بورصة الترشيحات للانتخابات البلدية تتسارع في حاصبيا