صيد ومصيدة فرنسيان

لفت نظري وأنا أراجع أمس الإثنين صباحا عدد "الفيغارو" الوَرَقي ليوم الجمعة المنصرم أي الصادر قبل يومين من الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت أمس الأول الأحد والواصل بريدياً الى بيروت خلال "الويك أند"… لفت نظري أن الرئيس المرشح نيكولا ساركوزي قال في مقابلة خاصة مع الصحيفة أن منافسه مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند سيكون رهينة لمرشحة "الخضر" ايفا جولي ومرشح "جبهة اليسار" جان لوك ميلانشون.

المفاجأة في هذا الكلام ليست فقط أن هذا ما حصل فعلاً في الجولة الأولى من حيث اعتماد فرانسوا هولاند العلني على تصويت مؤيدي جولي وميلانشون في الدورة الثانية الآتية يوم 6 أيار، بل أيضا أنه تكلم عن النسبة التي سيحصل عليها كلٌ منهما بدقة كاملة كما لو أن الانتخابات جرت فعلاً. إذ قال متهكما ومستنكرا أنه إذا كان هولاند قد قدّم كل هذا التنازل لجولي في المجال النووي فقرر الاستغناء عن 24 مفاعلاً نووياً فرنسياً إذا فاز أي نصف الطاقة النووية السلمية الفرنسية وجولي "تزن" 2 بالماية من الناخبين، فماذا سيقدِّم من تنازلات لميلانشون الذي "يزن" ستة أضعافها كقوة ناخبة؟

المثير في كلام ساركوزي أن هذه النِسب هي حرفياً تقريبا ما حصل عليه الإثنان اي 2,31 لجولي و11,11 لميلانشون. هذا يدفع للسؤال الفوري عما يبقى من كل الضجة الهجومية القائمة ضد شركات استطلاعات الرأي عندما تكون المعطيات لدى المرشحين بهذه الدقة؟!
في المقابلة نفسها يضرب ساركوزي تحت الحزام حين يتساءل عن السبب الذي حال دون أن يقرر الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران تسليم فرانسوا هولاند أي حقيبة وزارية في عهده الممتد 14 عاماً لأن "كل خبرة" هولاند هي في الحزب لا الدولة؟
… المفاجآت ممكنة رغم الاندفاع الكبير للمرشح الاشتراكي والذي يستند الى دعم كتل انتخابية مصمِّمة بينما ساركوزي عليه خلال الاسبوعين المقبلين أن يحظى ليس فقط بدعم الوسط المؤيد لفرانسوا بايرو وناخبي مارين لوبن في أقصى اليمين بل عليه أن يضمن نسبة تصميم وحماس تتيح تباعاً الحصول على أكثرية 9,13 الوسطية و17,9 اللوبينية. وهذا ما يحتاج الى جهد استثنائي الآن.

بعض أهم ما سمعت أمس الأول في السهرة الطويلة على التلفزيونات الفرنسية ولعله الأهم هو قول جان بيار رافاران رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق في (2002 – 2005) في معرض الدفاع عن سياسات ساركوزي التقشفية: "العالم القديم الذي عرفناه كان تحت السيطرة الاقتصادية للولايات المتحدة الاميركية. عالم اليوم هو تحت سيطرة القوى الاقتصادية الآسيوية".

السابق
الامم المتحدة تحقق اليوم من صدقية تطبيق الحكومة السورية لقررات انان
التالي
فلسطين على وشك الانفجار… إن لم يكن الآن فمتى؟