اللواء: برّي يقرف ولن يُعيدها وميقاتي يدافع بالوزراء… والجميّل يُصرّ على طرح الثقة

لأنه في النهاية تكمن العبرة، يمكن القول ان قوى 14 آذار ومعها كتلة الكتائب اخفقت في التنسيق في ما بينها، بحيث سارت الامور بما لم تشتهِ سفن المعارضة، على مدى ثلاثة ايام من المناقشات شارك فيها 62 نائباً، بينهم 34 نائباً من المعارضة و28 من الموالاة، تقاذفوا التهم في ما بينهم وتبادلوا الحملات، لتنهي القصة باصرار النائب سامي الجميل على طرح الثقة بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، من دون ان تنجح الاتصالات لثنيه عن موقفه، فكان ان استجاب الرئيس نبيه بري، الذي اشاد الرئيس فؤاد السنيورة بادارته للجلسات، للطلب الكتائبي، والذي لم يرق لكتل 14 آذار التي قاطعت عملية التصويت وخرج نوابها من القاعة، ليستقر مشهد طرح الثقة على 63 نائباً قالوا «نعم» و3 نواب قالوا «لا» هم كتلة نواب حزب الكتائب.
ولاحظت مصادر نيابية بارزة بعيد «النهاية الدراماتيكية» لجولات المناقشات التي دارت على مدى 28 ساعة، ان غياب التنسيق احياناً والعزف المنفرد احياناً اخرى ساهم في بعثرة الجهود، واضاعة «الثمرة السياسية» التي كانت تقضي ليس بتعويم الحكومة او اسقاطها في الجلسات بل في تهشيم صورتها، والتأسيس لارضية سياسية تسمح بالمطالبة بتغييرها، باعتبار انها «ليست مؤتمنة على اجراء الانتخابات النيابية، وان الفرصة متاحة لحكومة حيادية تعمل على تخفيف التشنج والتوتر»، وفقاً لكلمة الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس كتلة المستقبل النيابية.

وإذا كانت المعارضة لم تعقد في حسابها إسقاط الحكومة في هذه الجلسة، فإنها كانت تؤسس لتوقيت مناسب يسمح لها بالاستفادة من فرصة مؤاتية لخطوة من هذا النوع، الا أن تعويم الحكومة، ولو بثقة دون النصف، فتح الأفق السياسي أمام عمر جديد للحكومة الحالية، وربما لانطلاقة جديدة تتضح خطوطها العريضة في جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في السراي الكبير.

ومع أن الرئيس نبيه برّي الذي أخذ درساً من النموذج الذي اعتمده في إدارة جلسات المناقشة العامة، آخذاً بعين الاعتبار إرضاء «الأخوة الزملاء» لدرجة تحول هذا الارضاء إلى ما يشبه «الغنج والدلال»، أكثر من اللازم، مما ذهب بالجلسات إلى حدّ «القرف» لدى الرئيس برّي، متعهداً بعدم اعادتها على هذا النحو، وألا يكون ملكياً أكثر من الملك، فان الكتل المكونة للأكثرية الحكومية، تنبهت لمفاجأة آخر الليل، واستدعت على عجل رؤساء الكتل المشكلة لها، مطمئنة الى موقف النائب وليد جنبلاط بالتصويت لمصلحة بقاء الثقة بالحكومة، فقدم ليلاً إلى الجلسة النواب: ميشال عون وسليمان فرنجية وطلال ارسلان وأسعد حردان، وأصروا على البقاء حتى اللحظة الأخيرة، فيما كان نواب 14 آذار يفتقدون التنسيق مع الكتائب، رغم انهم نجحوا في جلسات المناقشة في وضع الحكومة في الزاوية، الامر الذي فرض على رئيسها الاستعانة بالوزراء للرد على الحملات والكلمات قبل أن يلقي خطاباً غلب فيه السياسي العاطفي الطرابلسي على ما عداه، مع تعهد بتحمل المسؤولية كلما دعا الواجب.

ومع التسليم بأنه من المبكر تقييم الرابح والخاسر في جلسات الأيام الثلاثة، إلا أن الضرورة تقضي أن «يوم الأقطاب» في الكلمات والمداخلات، قد أعاد المواقف إلى المربع الأول، وإن بقيت رئاسة المجلس همزة الوصل بين كل التيارات والكتل، وإن بقي مجلس النواب «صحن الخصام والوئام».
1- شكلت كلمة الرئيس فؤاد السنيورة مطالعة ومراجعة لمراحل بارزة من الحياة السياسية لمرحلة ما بعد الـ 2005 وما قبلها، وكادت تشكل نقطة التقاء مع نواب 8 آذار، لا سيما كتلة الوفاء للمقاومة، إلا أن الردود الانفعالية والمقاطعة لخطاب السنيورة كشفا أن لا تقدّم في رأب الصدع ما بين تيار «المستقبل» و«حزب الله».
2- أظهر «حزب الله» أنه المدافع الرئيسي عن الحكومة إلا أن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد سدد من موقع الصديق انتقاداً غير مألوف للرئيس ميقاتي عندما انتقد أداءه السياسي القائم على نظرية «صفر مشاكل»، فإذا بالنتائج تأتي بمشاكل من كل الجهات، وأنه لم يأخذ برأي أصدقائه في الحكومة ومد اليد أكثر من اللازم لخصومه في المعارضة الذين لم يربحهم ولم يستفد من الأصدقاء.

وكان رد فعل الرئيس ميقاتي على هذا الموقف ابتسامة من دون أي كلمة.
3- أبدى نواب «التيار الوطني الحر» شراسة في مواجهة انتقادات نواب كتلتي «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، مع أن نواب «القوات» قدموا مداخلاتهم بلهجات هادئة وبعيداً عن الاستفزاز.
4 – سجل المراقبون فشل وزير الطاقة جبران باسيل في مسك ملفه وتفنيد الانتقادات التي وجهت اليه، على الرغم من الوقت الذي اتاحه له الرئيس بري، وعجز ان يميز بين الرد على مداخلات النواب وهي مشروعة من على منبر مجلس النواب، او عقدمؤتمر صحفي في وزارة الطاقة.
وإزاء هذا الاضطراب اختلط عليه الشرعي والدستوري مع «الثوري» و«الميداني»، فظن نفسه انه وزير العدل في حركة انقلابية تشكل محاكم ميدانية وتتخذ الاجراءات فورا، وهو الامر الذي فاجأ الرئيس بري والنواب، فجرى تذكيره من قبل رئاسة المجلس بأن ما طرحه يفتقر إلى القانون الدستوري.
5 – ومن النتائج التي لم تكن لمصلحة النائب سامي الجميل، في اصراره على طرح الثقة اضاعة مطلبين قدمهما كبديل للثقة، وهما: تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في نفقات الكهرباء وانتزاع اقرار من وزير المال بانه لن ينفق 400 مليون دولار لمصلحة الاخوين فتوش في قضية الكسارات.

ورغم ان الرئيس بري وافق على تبني احالة اقتراح لجنة تحقيق برلمانية إلى الهيئة العامة لاتخاذ القرار المناسب، فإن الهرج والمرج مع الاصرار على طرح الثقة، ذهب بهذين الاقتراحين، فلم يربح الثقة ولم يربح الاقتراحين.

السابق
الحياة: اليوم الثالث للمناقشة العامة…جلسة المحرمات وبري ينسى إقفال الميكروفون: قرفت… قرفت
التالي
مجهول يهدد 3 قضاة لبنانيين بالقتل