شريف الأخوي حاضراً في ذكرى الحرب

في مدينة صور التي ولد فيها وترعرع، يستريح شريف نور الدين الأخوي في لحده، في مقبرة النبي اسماعيل عند الشاطئ الجنوبي للمدينة.
يستريح ابن صور التي بقيت بعيدة عن الاقتتال الداخلي خلال الحرب الأهلية، منذ العام 1987، بعدما وافته المنية وهو يخضع لعملية جراحية في الجامعة الأميركية في بيروت. وهو الذي كان أنيس اللبنانيين في أفراحهم وأتراحهم، من خلال صوته الصادح من الإذاعة اللبنانية، وقبلها من إذاعة «الشرق الأدنى». وقد شكل حالة فريدة من نوعها، لا يبخل النقاد والكتاب في حفظها ونقلها، وخصوصا خلال فترة مواكبتهم هموم اللبنانيين في عز الحرب الأهلية، التي اندلعت في العام 1975.

لهذا الإعلامي الكبير مسيرة طويلة في العطاء والنجاحات، وقد تميز بجرأته الكبيرة خلال تناوله لموضوع الحرب، التي نحتفل بذكراها السابعة والثلاثين، إذ كانت كلماته عبر المذياع تضع الإصبع على الجرح، وكانت تتسلل من عباراته أجواء الطمأنينة الى قلوب اللبنانيين، في مواجهة الرصاص والقنص الذي كان يعطل حركتهم وانتقالهم بين المعابر والمناطق.
طبعت في ذاكرة الكثيرين ممن عايشوا تلك الحرب جملة لا تتعدى الكلمتين «سالكة وآمنة»، أو سلكت وأمنت، وقد شكلتا عنوان برنامج أطلقه الأخوي مع بدايات اندلاع الحرب. وذلك في إشارة منه الى وقف عمليات القنص والرصاص، حيث كان يستغل المواطنون هذه الفرصة للتنقل على معبري المتحف البريبر وبشارة الخوري وسواهما لتفقد عزيز أو لجلب حاجياتهم.

تعدى دور شريف الأخوي الذي ولد في العام 1928 من الحديث داخل استديوهات الإذاعة اللبنانية، ليصل به الأمر الى التنقل في محاور القتال في ملالات قوى الأمن الداخلي، يرشد الناس المذعورين والقلقين الى المعابر المفتوحة، التي تقودهم الى منازلهم في ساعات توقف العمليات العسكرية، وصولا الى تحويل غرفة الاتصالات الكاملة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الى غرفة عمليات تنقل وقائع الأوضاع الأمنية المتفجرة على مدى 24 ساعة، ومباشرة على الهواء.
قبل الحرب المشؤومة، عرف شريف الأخوي الذي رافقته زوجته يمن الأخوي، في مسيرته الإعلامية في الإذاعة اللبنانية بتقديم برنامج «نزهة»، كان يتابع من خلاله حركة مناطق السياحة على اختلافها في كل الأراضي اللبنانية، متزامنا مع برنامج صباحي حول أوضاع الطرق والسير ومخالفاته، بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي.

جذبت ظاهرة الأخوي العديد من المراسلين الصحافيين من اليابان والصين وبريطانيا وفرنسا وأميركا وسواها. واحتل أغلفة بعض المجلات العالمية، وتم إنتاج أفلام وثائقية عنه.
رافق عدنان قرعوني ابن شقيقة شريف مراحل كثيرة من حياة الأخوي المهنية والشخصية. ويقول قرعوني الذي تأثر كثيرا بخاله، ان شريف الأخوي ابن مدينة صور لم يخطئ والده بتسميته أبدا، فقد كان شريفا بكل المعاني، وكان حبه الأول للبنان. لم يتحيز لطرف خلال الحرب الملعونة. وبقي على نقاوته وبياض كفه حتى وفاته، من دون أن يتحقق حلمه بإنشاء «بيت لبنان الكبير» بالرغم من الوعود التي أغدقت عليه.

السابق
مساع لانتقال هادئ للباعة الجوالين في صيدا
التالي
وداعاً لأجندة الديموقراطية!