شبح المستعمر

الحفاظ على التفاؤل بثورات الربيع العربي يشترط الوعي الوطني والقومي والبعد عن النزعات الحزبية والتنظيمية والتكتلات السياسية بالارث او الاحتفاظ بالنفوذ المحدود، والذي يدعو الى اليقظة والحذر ايضاً هو ان الكيانات في المنطقة صنيعة استعمارية للابقاء على التحكم بالسياسة والاقتصاد والتدخل كلما كانت الفرصة سانحة وذات جدى لمن ما زالوا يتصرفون بوحي مصالحهم والهيمنة على الثروات الطبيعية.

ولا يخرج الانقسام في السودان عن تلك القاعدة الاستعمارية منذ ما قبل اقرارها خارطة سايكس – بيكو والاخطر هو وعد بلفور الذي فرض كياناً عنصرياً على المنطقة لفصل اجزائها وتهديد وحدة شعبها وصولاً الى التأثير السلبي على النزعة القومية ووحدة الارادة والقدرة الجماعية على المواجهة حفاظاً على الاستقلال والسيادة على الارض واقامة اسواق مشتركة وتبادل تجاري يعود بمردود على الانماء والتقدم.

ولأن ذلك الاسلوب الاستعماري ما زال موجوداً لاسباب مختلفة ابرزها منع نتائجه وارتداداته المستمرة وهذا ما يدعو الى التبدل في المفاهيم والممارسات باعتماد ديمقراطية تترجم مطامح الشعب، غير ان ما نشهده في دول الربيع العربي يبعث على القلق من صدمة تبدو بوادرها من الصراع على النفوذ المحدود عبر تولي مراكز القيادة في الدولة والمؤسسات ولو من دون اجماع وهو ما يؤدي الى تنافس بين اطياف المجتمع الواحد ومن ثم ايجاد مناخ انقلابات وثورات جديدة تتمثل الآن بمظاهر مليونية لترجمة شعارات الثورة الى واقع ملموس ينسي الشعب حكم التسلط الفردي والتضييق على الحريات وجعل الولاد بالاكراه والخوف لمن يصل الى السلطة بما يتعارض مع الوضع السائد في الدول المتقدمة فلا فساد ولا افساد ولا ثراء غير مشروع وصرف النظر على حاجات المواطنين ومطالبهم.

ويرجى ان يكون منع من كانوا نافذين في عهد ذهبت به الثورة او من يعتنقون مفهوماً لا تيفق مع طبيعة العصر وفق ما تقرر في مصر منطلقاً لارضاء الفئات الشعبية مقدمة للمضي نحو الانتقال من نظام كم الافواه الى نظام العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وهذا ما يجب ان يحدث في اليمن وليبيا وتونس لرفع حواجز عالية تمنع نزعة الهيمنة من جديد وتحول دون التفلت من وحدة الارض والشعب وتجعل التوجه نحو تحرير الارض جماعياً، وبهذا يكون الطريق مفتوحاً امام القدرة الكافية لمنع الشرذمة والتفتت اوالعودة الى ماضي تقاسم الكبار مناطق نفوذ على حساب دول وشعوب.

السابق
الانباء: الأجواء الانتخابية تؤجج كلمات النواب في البرلمان وزعيتر يصف ميقاتي بأبومسلم الخراساني
التالي
الشرق الأوسط: لبنان يرفض طلبا دوليا لاستخدام مطار لمصلحة المراقبين الدوليين في سوريا