دورات تأهيلية للأزواج

من المعلوم أن الخلافات الزوجية إذا أحسن معالجتها فمن الممكن أن تكون عاملاً من عوامل الحوار والتفاهم، خاصة إذا كان السعي من قبل الزوجين في مواجهة الخلاف من أجل القضاء عليه لا من أجل تضخيمه وتوسيع نطاقه.. ولكن للأسف الشديد فإن مجتمعنا اليوم يشهد حالة من المبالغة (والفجور) في الخصومة بين الزوجين عند أول مشكلة تحدث…؟! فنجد أحد الزوجين يتعالى على الآخر بالنسب أو بالمال أو بالثقافة مما يجعل في الأمر صعوبة وخلافا بدلا من أن يسير في طريق العلاج الصحيح….
فلماذا زاد هذا الأمر في أسرنا…؟!؟ ولماذا بات الخلاف بعيدا عن الأصول والضوابط..؟!
وما هو الحل في رأي قضاة الشرع…؟!؟

القاضي الشيخ زكريا غندور قال: إذا فقد الدين عند احد الزوجين حصل الافتراء والتقول والمبالغة في الخصومة التي قد تصل إلى أبعد الحدود فليس بعد الكفر ذنب وبعض الخلافات تصل إلى درجة العداوة وللأسف حتى ليخجل المرء من ذكر حدودها ومستواها.
وقال: وقد رأينا أكثر من مرة من تبالغ أو يبالغ في الخصومة وعندما تصطلح الأحوال فيما بين الزوجين أو يتم إصلاح ذات البين تفاجأ بمن يقول لك هكذا قالوا لي ان ابلغ القاضي إذا تقاضينا حتى تصبح الأمور لصالحي فتعلم بان المتدخلين في الخلاف اخطر من المختلفين وينسى هؤلاء ان الانسان يسأل عن كل ما يقوم به في حياته من قول أو فعل.

وشرعاً لا تجوز المبالغة في الخصومة «فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وبعض نتائج المبالغة في القول أو الفعل تنعكس على الابناء والبنات وعل صيت الأسرة بين الناس ونعم الرجل الذي يتحمل ويجتهد للحفاظ على أسرته في دينها ودنياها وأسرارها ونعم المرأة التي تصبر على الجوع وترفض أكل المال الحرام ونعم الزوجين الصالحين المدركين بأن الله يمهل ولا يهمل فتكون حياتهما عيشاً بالمعروف أو فراقاً باحسان..

وأضاف: والمؤسف اننا نسمع في المحاكم احياناً ازواجاً قضيا معاً 30 – 40 سنة زواج ثم يقفان لطلب التفريق لعلة الشقاق والنزاع وتسمع أحياناً احدهما يعلن انه لم ير يوماً جيداً في حياته من الآخر فكيف بالابناء الذين ملأوا حياتهما سعادة؟!
واختتم: ان تقوى الله والتضحية والاحتساب عند الله والتعاون على البر والتقوى تحمي الاسر من نتائج المبالغات في الخصومة والتدين هو الحصن من الانزلاق إلى ذلك وغياب الدين يؤدي إلى تهديد البيت بالدمار في اي وقت.
القاضي عساف

< أما القاضي الشيخ محمد عساف فرأى بدوره ان على الأهل العمل فور حصول أي خلاف بين الزوجين إصلاح ذات البين وتأمين الصلح بينهما لأن المبالغة في الخصومة تبدأ ممن يحيطون بالزوجين مما يزيد النار اشتعالاً والخلاف ازدياداً.
وقال: والمبالغة في الخصومة عادة ناتجة عن الغياب لتقوى الله من النقوس مما يؤدي إلى اطالة الخلاف، وازدياد فحش الكلام بين المختلفين وربما وصل إلى التعدي اللفظي أو الفعلي والافتراء والكيدية تجاه بعضهما البعض خاصة إذا انعدمت التقوى وتطور النزاع وحصل تعسف من فريق تجاه الآخر.

وتابع: إذن، لا بد من ان يدرك الزوجان ان اصل الحياة الزوجية المودة والرحمة والتربية الصحيحة وتقوى الله وان يعلما ان القانون يحاسب وفق المادة 27 على حصول الكيدية أو التعسف في حق المدعي أو المدعى عليه بغرامات مالية وفق القانون المدني وبالتعويض والعطل والضرر الذي لا حدود له خاصة إذا ازداد هذا التعسف ويمكن للمحاكم الشرعية ان تطبق القانون المدني في هذا المجال إذا حصلت مبالغة في الخصومة وفحش في الكلام والاساءة بغير وجه حق ونحكم فيها بالعطل والضرر والغرامات.

 ورأى القاضي الشيخ عارف الحاج: أنه في العادة فإن المبالغة في الخصومة وفي طرح الخصوصيات واستعراضها أمام الآخرين لا تتأتى الا من أصحاب العقول الصغيرة ممن ليس لديهم ذرة من ضمير وهم بذلك يخالفون الآية الكريمة ولا تنسوا الفضل بينكم} فيخالفون الشرع من الناحية العملية.
وأضاف: وسواء كانت هذه المبالغة من الزوج أو الزوجة فإن الطامة الكبرى لا تقع عليهما وانما على اطفالهما واولادهما الذين سيتحملون نتائج نشر الفضائح الأسرية أمام الناس وخصوصاً أفراد العائلتين من اخوال وأعمام وعمّات وخالات بما لا يمكن نسيانه والحديث عنه طوال العمر حتى ولو اصطلحت الاحوال، وفي حال عدم وجود الأولاد تعود هذه النتائج على الزوجين في هذا المجتمع الذي سيرى ان الزوج يسيء للزوجة أو انها تسيء إليه، يعيبها وتعيبه، وبالتالي فإذا تمت المصالحة بينهما يعود ذكر هذه الأمور من قبل الناس إلى اثارة النعرات في حياتهما.
وقال: وفي الأصل يبنى الزواج على التأبيد ولكن ربنا سبحانه وتعالى حلل الطلاق بين الزوجين رغم كرهه له حيث ان ابغض الحلال عند الله هو الطلاق وقد شرعه عز وجل لاسباب جوهرية ومنها ما يمس بالشرف والعرض وليس لأي امر تافه أو غير جوهري.

لكن ما يحصل في أيامنا هذه وللأسف هو عدم الالتزام بالشريعة وبما أنزله الله على نبيه الكريم # لهداية الناس وإرشادهم وتنوير بصيرتهم وبصرهم ولو ان الانسان علم ما أمر به الله في الشرع واوجبه عليه ذكراً كان أم انثى لما وصلنا إلى هذا المستوى المتدني من العلاقات بين الزوجين ومن الاساءات والفضائح التي تنتشر اخبارها بين الناس نتيجة المبالغة في الخصومة والازياد في الاساءة والاهانة والتعرض للآخر من قبل كل من الزوجين.
واختتم: وفي اعتقادي لا حل لهذه الاشكالية الا بتنمية الوازع الديني والحس الاخلاقي للمسلم والمسلمة واتباع تعاليم التربية الإسلامية الصحيحة ولا بأس من اخضاع الزوجين لدورة تأهيلية إسلامية تعرف كلاً من الزوجين بحقوقهما وواجباتهما تجاه بعضهم البعض حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات وتسيء إلى العلاقات الاجتماعية بين الناس.

السابق
الإيمان بالله يتراجع في العالم
التالي
الرابطة الدرزية – سيدني كرمت العريضي