خطيئة الغباء

لو كان الامر منوطا بي لبعثت بالمقدم شالوم آيزنر الى البيت فقط بسبب غبائه.
عام 2012 ينبغي لكل ضابط في الجيش الاسرائيلي – مهما كانت رتبته ومنصبه – ان يفهم بأن الكاميرات توجد في كل زاوية. وان الكثير من الناس «يستهدفون الجيش الاسرائيلي». قد يكون من الصعب اسداء النصيحة للمقدم آيزنر للحفاظ على ضبط النفس في ضوء استفزازات المتظاهرين، ولكن هذا بالضبط كان هدفهم: خلف استفزازات كي يضرب الضابط المتظاهر في وجهه وتسوء سمعة الجيش الاسرائيلي في كل زاوية في العالم.
شخصيا أنا لا أعرف المقدم شالوم آيزنر، لا أعرف اذا كان طويلا أم قصيرا، ليس لدي أي فكرة اذا كان مقاتلا متفانيا أم فأر مكاتب، ليس عندي أدنى علم عن ارائه السياسية. كما أني لا اعرف ما الذي اظهره التحقيق في قضية الضربات التي وجهها لمتظاهر يساري في غور الاردن، ولكني لو كانت لدي المعطيات لبعثت به الى بيته فقط بسبب الغباء.

في وضع كهذا يتربص فيه الكثيرون للجيش الاسرائيلي وتشق كل صورة طريقها الى استديوهات التلفزيون في العالم، من اقصاه الى اقصاه، ينبغي ان تتوفر نسبة ذكاء متوسطة فما فوق لدى المرء كي يفهم بان كل عمل شاذ من جانب ضابط من الجيش الاسرائيلي سيحظى بآلاف الاصداء والضرر الذي سيلحق بسمعة وصورة دولة اسرائيل جسيم للغاية.
ما لم يفهمه المقدم آيزنر فهمه على الفور رئيس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس الاركان، قائد المنطقة الوسطى وآخرون حاولوا صب الماء على النار التي اشتعلت في محطات التلفزيون، البث الاذاعي وعناوين الصحف. وقد عملوا بسرعة كي يحصروا الاضرار وان يعرضوا على الملأ محاولة للتحقيق واستخلاص الاستنتاجات وتعلم الدروس. فهل نجحوا في ذلك؟ من شبه المؤكد أن لا. وذلك لأن كل العالم «يتربص» بدولة اسرائيل ولا أحد يقدم لنا التنزيلات في محكمة وسائل الاعلام.

مسألة اخرى كانت وينبغي أن تبحث هي هل كان حكيما وسليما العمل بهذا الشكل ضد مئات المتظاهرين الساعين الى خرق النظام. جوابي الخاص هو لا. الاف التظاهرات كانت هنا في اسرائيل وفي المناطق، وعلى ما يبدو ستكون المزيد كهذه ايضا. واذا لم يكن معروفا عن أمر شاذ على نحو خاص، فإن السبيل السليم برأيي هو تجاهلها. عن كم تظاهرة سمعنا أو قرأنا في السنة الاخيرة؟ تقريبا ليس عن أي منها. وذلك لانه لا يحصل ولم يحصل أي شيء. المتظاهرون يبحثون بالذات عن العناوين الرئيسة. حتى لو كان صحيحا الخبر بان المتظاهرين اعتزموا خرق النظام في المطار، ما كان هناك أي سبب يدعو الى الصخب المسبق الذي أبدته قوات الامن.

بالطبع سيسأل الناس ويسألون لماذا لا تتناول وسائل الاعلام بشار الاسد وسلوكه في سوريا، لماذا نكون نحن فقط دوما في مركز الاهتمام؟ الجواب يجب أن يقدمه السائل لنفسه: هل كان يريد أن تكون دولة اسرائيل مثل سوريا؟
أحد ما في الحكومة، في الجيش الاسرائيلي وفي قوات الامن الاخرى يجب أن يفكر جيدا كيف يؤدي مهامه بحيث لا يدفع المتظاهرون اليساريون ضباط الجيش الاسرائيلي الى ارتكاب الاخطاء. إذ في الزمن القريب المقبل على ما يبدو بانتظارنا المزيد فالمزيد من الاحداث من هذا النوع.

السابق
الحذر.. فخ سوري
التالي
صورة كألف كلمة