النهار: المبارزة النيابية فتحت البازار الانتخابي المبكر و8 آذار تواجه المعارضة بإغراق عددي

لم يكن أدلّ على الطابع الانتخابي المبكر والغالب على جلسة المناقشة العامة النيابية للحكومة في يومها الأول، من المفاجأة "الرقمية" التي أعلنها رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء، موضحا ان 20 نائبا تعاقبوا على الكلام في اليوم الاول وبقي على لائحة طالبي الكلام لليومين الثاني والثالث 53 نائبا، اضافة الى رد الحكومة على المداخلات.
هذه الحصيلة رشحت واقعا جلسة المناقشة الاولى للمجلس منذ سنوات لاحتلال مرتبة قياسية اذ نادرا ما بلغ مجموع طالبي الكلام 73 نائبا من أصل 128 يشكلون مجموع أعضاء المجلس. ومع أن الرتابة كانت سيدة الموقف بالنسبة الى الكثير من الكلمات والمداخلات التي ألقيت في اليوم الاول، فان ذلك لم يقلل أهمية الدلالات السياسية التي اكتسبها المناخ العام للجلسة في ظل عدد من المداخلات النارية للمعارضة أو توزيع الادوار الذي ظهر واضحا لدى بعض كتل الموالاة.
ولعل المفارقة التي أبرزتها مصادر نيايبة معارضة، ولم تنفها اوساط نيابية في الغالبية، تمثلت في أن الدفاع الحقيقي عن الحكومة اقتصر على رئيسها نجيب ميقاتي، الذي اضطر الى قلب الادوار من بداية الجلسة، فأدلى بمداخلة مرتجلة تضمنت خلاصة مقتضبة عما قامت به حكومته منذ تأليفها.
وفي المقابل أمطر نواب المعارضة الحكومة بهجمات لاذعة في ملفات الامن والاقتصاد والاتهامات الفضائحية من غير ان يطرح أي منهم الثقة بها او بأي من وزرائها. أما نواب الموالاة فغلبت على كلماتهم هجمات مضادة على الحكومات السابقة وتبرير عجز الحكومة الحالية بـ"الارث الثقيل"، علما ان معظم كتلهم كانت مشاركة في تلك الحكومات.
واتخذ الانقسام السياسي بعده المباشر في اشتباك كلامي حاد بين النائب مروان حماده وعضو "تكتل التغيير والاصلاح" النائب اميل رحمه في موضوع محطة الاتصالات في الباروك، وسرعان ما اتسع الاشتباك مع تدخل النائب أكرم شهيب في مواجهة رحمة متضامنا مع حماده. وجاءت مداخلة الاخير واحدة من أعنف الكلمات التي ألقيت امس اذ حذر فيها حماده من "انهيار مدو للحكم ومؤسساته كما في العام 2005". واعتبر ان "الرصاصات وان أخطأت الدكتور سمير جعجع تدق نذير الخطر الداهم وتنبئ بأيام بائسة". ورأى انه "مع اندحار الديكتاتورية في سوريا انكشفت اكثر وأكثر علاقة هذه الحكومة او بعضها المهيمن طبعا بايران". وذهب الى تحذير اللبنانيين من "انتخابات تجري في ظل السلاح أيا يكن القانون الذي يحكمها لأن مستقبل لبنان ستفصله الانتخابات النيابية سنة 2013".
كذلك حمل نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري بشدة على "الحكومة المنتهية مدتها والتي فاحت رائحة صفقاتها وفسادها"، وخاطب الرئيس ميقاتي قائلا: "استقل قبل أن تخسر كل رصيدك". وطالب النائب محمد قباني بمحاكمة الوزير جبران باسيل "بتهم مخالفة القوانين وهدر المال العام".
وبرز في المقابل توزيع أدوار بين نواب "تكتل التغيير والاصلاح" في الهجمات على الحكومات السابقة وكان أبرزها للنائبين رحمه وسيمون أبي رميا اللذين حملا هذه الحكومات تبعة "الارث الثقيل من الديون والاستئثار بالسلطة وشرائها".
وقال مصدر نيابي بارز في قوى 14 آذار ان المشهد النيابي تميز بمقاربة الملف السوري للمرة الاولى بوضوح، فيما كان اداء وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" على مشرحة الانتقاد في اليوم الاول من الجلسة. كما اطل الملف الانتخابي من زاوية عرض مشكلة سلاح "حزب الله". واعتبر المصدر ان اثارة محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "جاءت من زاوية الارهاب الذي يستهدف ايضاً الرئيس سعد الحريري لمنعه من العودة الى لبنان وتخويف النائب وليد جنبلاط تمهيداً للامساك باستحقاق انتخابات 2013". وقال ان معطيات مهمة كشف النقاب عنها في المداخلات حول وزارتي الطاقة والاتصالات يؤسس عليها. وتوقع المصدر المعارض نفسه "مفاجأة" اليوم في استعادة مواقف سابقة لاحد النواب في حق ر ئيس كتلته.
وأفادت مصادر معنية "النهار" ليل امس ان "امر عمليات" صدر عن مراجع في قوى 8 آذار بتسجيل اكبر عدد ممكن من الاسماء على لائحة طالبي الكلام واغراقها بعدد كبير منهم مما استدعى تحركاً مضاداً من المعارضة. وقد ادى ذلك بالرئيس بري الى الطلب من جميع الاطراف اعادة النظر في طالبي الكلام، بدءاً بكتلته، لتأمين انتهاء الجلسة مساء غد.

رفض استخدام القليعات
في مجال آخر، علمنا ان لبنان الرسمي رفض طلباً دولياً لاستخدام مطار القليعات لمصلحة فريق المراقبين الذي قرر مجلس الامن ارساله الى سوريا لأسباب لوجستية. ويأتي اقتراح استخدام المطار من زاوية جغرافية تتصل بالمناطق السورية الساخنة ولا سيما منها محافظة حمص والاعداد المسبق للتصرف في حالات الطوارئ مثل اجلاء اصابات محتملة عبر أقرب منفذ هو عملياً مطار القليعات الذي يتمتع بميزات لا تتوافر في منافذ اخرى في سوريا بما فيها الحدود السورية – التركية.
وتقرر الرفض الرسمي اللبناني وفق المعلومات المتداولة من زاوية محاذرة سلوك اتجاه يقود في النهاية الى مسار "الممرات الانسانية" التي سبق للبنان ان رفضها ضمن سياسة "النأي بالنفس" المعتمدة.
وكانت المرة الاخيرة التي خرج فيها موضوع تشغيل مطار القليعات في جلسة لمجلس الوزراء من خلال الخطة التي طرحها وزير السياحة فادي عبود لتنشيط القطاع على مستوى لبنان.

السابق
ملهاة الفصام اللبناني 
التالي
إسرائيل ستضرب إيران والحزب معاً