عراجي: عدم إعطاء موضوع الليطاني الأولوية إهمال متعمد بحق المواطن البقاعي

تحدث النائب عاصم عراجي في جلسة المناقشة العامة في مجلس النواب، فقال: "نناقش اليوم مسيرة حكومة مر على تأليفها ومباشرة عملها حوالي السنة، وهي تسير بالبلد من تأزم سياسي واقتصادي إلى فوضى وجمود وتخبط، حيث بتنا لا نعرف "هل توجد فعلا حكومة تدير شؤون الناس، أم سمتها النأي بالنفس عن كل شيء" حكومة شكلت في غفلة من الزمن، تخطت إرادة الناس وقدمت الوعود العرقوبية، فإذا بحكومة "كلنا للعمل" تصبح كلنا للفوضى والمناكفات والجمود والتردي المعيشي والاقتصادي.
لم يشهد لبنان منذ قيام الدولة، وحتى في أحلك أيامه، أداء أسوأ من الأداء الذي تتحفنا به هذه الحكومة. فالحدود مستباحة دون حسيب أو رقيب، وكرامة المواطن ليست في حساباتها، وروائح الفساد تنبعث في كل أرجاء الوطن. وأقل ما يقال عن الوضع الحكومي: "إنه مساكنة بالإكراه، بين بعض مكوناتها التي تنتمي إلى تحالف واحد، جمعهم هاجس السلطة والتفرد بهذا البلد، وفرقتهم الأنانية والمصلحة الشخصية، وشهوة السلطة وجني العمولات، وإصلاح الوضع المادي للأزلام والمحاسيب".
كما أصبح الإستخفاف بعقل المواطن، من السمات الأهم لعمل هذه الحكومة، كذلك الطلات الإعلامية من خلال المؤتمرات الصحفية لبعض الوزراء، والتي ستسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية سواء في عدد الطلات الإعلامية شبه اليومية، أم في كمية الإدعاءات والإستعراضات الصبيانية".

أضاف: "أما عن اللفلفة فحدث ولا حرج، إنطلاقا من فضيحة المازوت، إلى ارتفاع أسعار المحروقات، إلى فساد الغذاء والماء، إلى السمسرات الكهربائية وتقاسمها بين مكونات هذه الحكومة، إلى لفلفة الإعتداءات وسقوط الضحايا على الحدود اللبنانة – السورية والتنكر للحالات الإنسانية ومعاناة الأخوة النازحين السوريين إلى الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن المواقف السياسية الداخلية، فهذه تبقى حالات إنسانية يجب علينا جميعا أن ننظر إليها من هذا المنظار، خاصة أن الشعب السوري الشقيق لم يميز بين لبناني وآخر أثناء العدوان الإسرائيلي الغاشم في تموز 2006 حيث نزح عدد كبير من اللبنانين إلى سوريا".

وقال: "إن من يتابع شؤون الناس، لا بد أن يتوقف عند أمور عديدة فشلت الحكومة في إيجاد الحد الأدنى من الحلول لها، وفي هذا المجال لا بد من تفنيد الأمور التالية:
أولا على الصعيد الأمني، لقد حذرنا مرارا من أن إنتشار السلاح خارج سلطة الدولة سيوصل إلى الفلتان الأمني وخراب السلم الأهلي. وإن ما نشهده اليوم من فلتان أمني وفوضى عارمة، حيث اختطاف الناس من على الطرقات وبالأخص الدولية، يتم في وضح النهار وامام أعين الناس. فقد شاهدنا مؤخرا عصابات تتنقل بكل سهولة على طريق بيروت دمشق الدولية خاصة بين مدينة شتورا والحدود اللبنانية المصنع حيث عمدت إلى خطف المواطنين الأبرياء لتبتز ذويهم وتطالب بفديات مالية كبيرة، حتى أصبح الوضع شبيها ببلد المافيات، وما هذا إلا مشهد صغير، ومقدمة للفلتان الأكبر لا سمح الله.
بالرغم من هذا، وبالرغم من التحذيرات الأمنية المتكررة لبعض المسؤولين، يصر وزير الإتصالات على حجب داتا حركة الإتصالات عن الأجهزة الأمنية، وكأنه غير معني بأمن الوطن والمواطن".

وتابع: "إن الخلل الكبير الحاصل على الصعيد القضائي، بسبب التأثيرات السياسية، أو بسبب التأخير في التعيينات أدى إلى تأجيل في المحاكمات، مما أوصل إلى انتفاضات متكررة في معظم السجون اللبنانية، كادت تودي بحياة الكثيرين من رجال الأمن والمساجين. فهل من المعقول أن يبقى مركز رأس السلطة القضائية شاغرا حتى اليوم؟
وبالكلام عن القضاء، أشير هنا إلى موقوفين اثنين، أوقفا بنفس التهمة وحكما بنفس المواد الجرمية. الأول شمالي برتب، والثاني بقاعي من دون رتب. حكم الأول بالسجن لمدة سنتين وأفرج عنه منذ فترة مستفيدا من تخفيض السنة السجنية، وحكم الثاني بالسجن لمدة خمسة عشر عاما وما زال يقبع في السجن. وهذا طبعا بسبب الضغوط السياسية التي مورست. فأين العدالة والمساواة؟
منذ بدء عمل الحكومة وما قبلها، أشبعنا وزراء الطاقة المتعاقبين على هذه الوزارة بالوعود الخلابة، وكذلك بالوعود الهدامة والظلامية. فتارة لدينا الحل لإنارة لبنان 24 / 24 وما على الحكومة إلا صرف الإعتمادات، وطورا نبشركم بالظلمة في حال لم تتحقق مشاريعنا.
إن سيل المؤتمرات الصحفية والوعود لم يأت إلا بالظلام، وها هي الكهرباء من تعثر إلى تعثر وعلنا نرى ضوءا في نهاية هذا النفق الكبير الذي تفوح منه روائح الفساد والصفقات. إن الفوضى والتخبط في إدارة ملف الكهرباء جعل من بعض أصحاب المولدات مجموعات لا ترحم المواطن وتبتزه وتضعه أمام الأمر الواقع، فإما أن يدفع المبالغ الطائلة الغير منطقية، أو أن يقبع في العتمة. فأين هي وزارة الطاقة في المراقبة ومعاقبة المخالفين؟".

واردف: "أما على صعيد المحروقات، فكل أسبوع يطالعنا معالي وزير الطاقة بجدول جديد للمحروقات تتصاعد فيه الأسعار، حتى وإن كان برميل النفط يحافظ على سعر مستقر… إننا نتفهم أن الدولة بحاجة إلى إيرادات، أما أن يكون سعر المحروقات اعتباطيا ويحرق جيوب المواطنين، فهذا ما لا نقبله، ونطالب بإيضاحات عن كيفية تركيب جدول الأسعار. في هذا الإطار، أما آن للحكومة أن تجد الحلول اللازمة لرفع هذه المعاناة عن المواطن، وأن تقوم بعمل إصلاحي في المصافي الموجودة أصلا، وقطع الطريق على الإحتكار والإرتفاع الجنوني للأسعار، وبالتالي تخفيف عبء كبير عن كاهل المواطن المسكين؟.
أما على الصعيد البيئي يا دولة الرئيس، لقد رفعنا الصوت عاليا وتكرارا حول التلوث البيئي ووجهنا أسئلة للحكومة في هذا المجال، خاصة بما يخص مجرى الليطاني، حيث تتكاثر الأمراض الجرثومية والسرطانية ولا نرى نشاطا للوزارات المعنية بهذا الخصوص.
إن منطقة البقاع مقبلة على كارثة بيئية حقيقية، وهذه الكارثة لن تكون بعيدة إذا ما استمرت سياسة "إدارة الظهر" للكثير من المشاكل التي استفحلت، وبات السكوت عنها في حكم الجريمة بحق المواطن البقاعي. وإن بعض نتائج هذه الكارثة بدأت تظهر من خلال ارتفاع نسبة المصابين بأمراض السرطان وأمراض الجهاز التنفسي خاصة لدى الأطفال، حيث ارتفعت مؤخرا نسبة الإصابات بمرض السرطان في قضاء زحلة إلى 550 حالة، وفي البقاع بشكل عام إلى 1100 حالة، إضافة إلى مشاكل الجهاز الهضمي وإلتهابات الأمعاء والأذن والجلد، الناتج عن التلوث البكتيرويولوجي الناجم عن تلوث مياه الري".

اضاف عراجي: "لقد أخفقت الحكومة في وضع خطة متكاملة تشارك فيها جميع الوزارات المعنية (وزارة البيئة، وزارة الطاقة، وزارة الزراعة، وزارة الصناعة) تحد من انتشار المكبات العشوائية التي تنتشر في كثير من المناطق البقاعية دون أي مراعات للشروط الصحية أو البيئية، وتساهم إلى حد كبير في نشر المواد المسرطنة عند حرقها، حيث تصل إلى المواطن عن طريق الهواء والمياه الجوفية وعن طريق الينابيع والآبار.
المشكلة الثانية تتعلق بالصرف الصحي. إن نهر الليطاني يتلقى مياهه اليوم من روافد الصرف الصحي على امتداد مجراه، حتى يصل إلى بركة القرعون. وتؤكد الدراسات أنه "نهر يتفشى فيه التلوث من منبعه حتى مصبه". ويعود ذلك للتصريف العشوائي للمياه المبتذلة والصناعية في مجرى النهر حيث ولد قطاع مياه الصرف الصحي في البقاع حوالي 45.4 مليون متر مكعب سنة 2010 ويتوقع أن يصبح 62.9 متر مكعب في سنة 2030 في ظل غياب محطات التكرير التي وعد بها المواطن البقاعي منذ سنوات عديدة وحتى الآن لم تعمل".

وقال: "أما التلوث الصناعي، فهو لا يقل أهمية عن المياه المبتذلة المنزلية بل يتعداها خطورة. فبحسب تقرير لفريق عمل دراسة ELARD فإن 294 منشأة صناعية يتم تصريف نفاياتها السائلة المحملة بملوثات عضوية عبر شبكات الصرف الصحي إلى مجرى نهر الليطاني.
إن هذه الملوثات البيولوجية والكيميائية الناتجة بشكل أساسي عن مياه الصرف الصحي وعن مكبات النفايات الصلبة، تتسبب بأمراض السرطان ومرض التيفوئيد والأمراض المعوية وأخرى كثيرة غيرها، كونها تحتوي على مادة الزئبق المسمة التي تسبب اضرارا للجهاز العصبي والهضمي والتنفسي بالإضافة الى جهاز المناعة والكلى. وقد أعلنت المنظمة العالمية Andy Act عن نتائج الحملة الأولى من نوعها التي قامت بها في العام 2011 في لبنان لقياس نسبة الزئبق في الهواء، حيث أشارت التحاليل على العينات، إلى أن النسب الأعلى للتلوث بالزئبق في هواء لبنان تكمن في قطاع الرعاية الصحية، ما يجعل من المؤسسات التي ينبغي أن تحرص على الصحة العامة مصدر خطر لها".

وتابع: "الحكومة في بيانها الوزاري التزمت إدارة المخاطر البيئية وقاية وعلاجا، وأكدت أنها ستعمل على تنشيط الإدارة البيئية. إلا أنها حتى اليوم تقاعست عن تأمين التمويل اللازم لتلزيم محطات التكرير التي ليس لها تمويل، وعن تنفيذ المحطات التي تم تلزيمها، وعن تشغيل المحطات التي لزمت ونفذت من قبل مجلس الإنماء والإعمار ولا نعرف لماذا لا تعمل حتى الآن.
إن عدم إعطاء موضوع نهر الليطاني الأولوية، لما له من أهمية بالنسبة لسهل البقاع، وما يشكله من خزان زراعي للشعب اللبناني، ولما تشكله مياه نهر الليطاني من تأثير على الزراعة في البقاع والجنوب، ينم عن إهمال متعمد بحق المواطن البقاعي. علما أن هناك دراسة أعدت من قبل فريق عمل ELARDA لمكافحة التلوث في أعلى نهر الليطاني وبحيرة القرعون تبلغ 145 مليون دولار تشمل معالجة النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي الصناعي.

وقال: "وفي هذا السياق، لا بد من التوقف هنا عند القرار الظالم الذي قضى بمنع المزارعين من ري مزروعاتهم من مياه مجرى الليطاني وفرض الغرامات عليهم لأنهم يروون مزروعاتهم من مياه هذا النهر. علما أن القانون أعطاهم كامل الحق في ذلك عندما صنف لهم أراضيهم بأنها "أرض مروية من نهر الليطاني" وهذا مذكور على الصحف العقارية… وبما أن هذه الملكية وحق ريها مكفولة بموجب الدستور الذي هو أقوى من القانون، فإن تحويل مجاري الصرف الصحي كما هي حاليا تشكل تعديا فاضحا على مجرى النهر وعلى سكان القرى الواقعة إلى جانبه، كما إنها تشكل تعديا على القانون وعلى الدستور. وبدل أن تمنع الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة تدفق المياه المبتذلة إلى مجرى الليطاني، أو معالجتها، لجأت وزارة البيئة إلى منع المزارعين من زراعة أرضهم، لتجلد بذلك المظلوم بدل الظالم. وكأن المزارع اللبناني لا يكفيه معاناة، أكان من انعدام دعم الحكومات للقطاع الزراعي، أو نتيجة لكساد المواسم في كثير من الأوقات… مع أن الزراعة في لبنان تشكل نسبة لا يستهان بها من الناتج المحلي، وتؤمن دخلا لحوالي 20% من الشعب اللبناني. مع هذا فإن الحكومة لم تعمل على رفع الغبن عن المزارع البقاعي بجوار نهر الليطاني، وإبطال الإنذارات والغرامات التي طاولته، وليس عندها النية لإيجاد بديل يؤمن له لري مزروعاته.
كان من الأجدى للحكومة أن تستكمل تنفيذ مشروع قناة ال 900 التي ستروي في حال تنفيذها مائتي ألف دنم، تشمل كل الأراضي التي تقع تحت مستوى ال 900 متر في سهل البقاع من القرعون حتى مطار رياق، والتي ستنظم الري في منطقة البقاع تنظيما شاملا، مما سيتيح للمزارع أن يروي مزروعاته بمياه نظيفة. علما أن هذه القناة نفذ منها 19 كيلومترا. ثم توقف العمل بها لأسباب نجهلها".

أضاف: "من جهة ثانية وبما يخص المزارع اللبناني أيضا، لم تتمكن الحكومة من تنفيذ خطة زراعية تمكن المزارع من البقاء في بيئته معززا. ولم تعمل على إيجاد أسواق جديدة للمنتوجات الزراعية اللبنانية، كي لا يتكرر ما حصل العام الماضي عندما تعرض المزارع لخسارات كبيرة، نتيجة الأسعار المتدنية للمنتوجات، حيث بيع كيلو البطاطا بمئة ليرة لبنانية في حين أن تكلفة إنتاجه أكثر من ذلك بكثير، مما أجبره على خفض كمية زراعاته هذا العام نظرا للعبء المادي الذي يحمله نتيجة الخسارة.
إن الإستفادة من عطاءات وخدمات وزارة الزراعة لم يستفد منها سوى المقربون من الحكومة، وهذا ما بدا واضحا من أسماء الجمعيات والشخصيات التي استفادت من توزيع الشتول والنصوب التي قامت بتوزيعها الوزارة، إضافة إلى المساعدات المادية التي استفادت منها الجمعيات الأخرى التي أوجدت حديثا لهذه الغاية، مما ينم عن سياسة كيدية واضحة.
هناك قرار ظالم ومجحف ومناف للواقع بحق المواطن البقاعي، جاء ضمن الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، هذا القرار صنف معظم الأراضي في البقاع على أنها أراضي فيضانات، وصدرت المراسيم التطبيقية بخصوص هذا الشأن رغم كل المطالبات بتعديلها، مما ألحق الكثير من الظلم والغبن بحق أبناء البقاع. فهل يعني ذلك أن الحكومة تريد حياة بائسة غير شريفة للمواطنين؟".

وتابع عراجي: "لو كانت الحكومة تحمل هم المواطن البقاعي وفيضانات أرضه، لما رضيت بتنفيذ الأوتوستراد العربي بالطريقة التي ينفذ بها، حيث جعلت الشركة المتعهدة منه سدا منيعا بلغ ارتفاعه عشرة أمتار في منطقة تعنايل – برالياس في وجه المياه المتدفقة من الشمال إلى الجنوب، مما يسبب بفيضانات تضر بالمنازل والمزروعات. هذا إضافة إلى أنه قسم البقاع إلى قسمين وشوه ما شوه من معالم الطبيعة، وكان سببا في تشريد الكثير من العائلات البقاعية في بلدات جديتا ومجدل عنجر وبرالياس، دون إنصافهم بتأمين التعويضات المناسبة لهم لكي يتمكنوا من إيجاد بديل عن منازلهم.
دولة الرئيس، قضية أخرى تنال من المواطن هي رخص البناء: إن رخص البناء "البلدية" المعطاة سابقا وعلى الرغم من عدم قانونيتها مكنت الكثير من المواطنين ذوي الدخل المحدود من بناء منازل لهم تقيهم حر الصيف وبرد الشتاء. إلا أن قرارا صدر فجأة عن الحكومة أوقف العمل بهذه الرخص فوقعت الكارثة.
أناس كثيرون كانوا قد دفعوا الرسومات المطلوبة للجهات المعنية للحصول على الرخص، وقاموا بشراء المواد اللازمة للبناء، أوقفوا عن بناء منازلهم أو استكمال بنائها دون معرفة السبب. مع العلم أنه إذا نشأ عن أي قرار إداري حق لمواطن ما، خاصة إذا بدأ المواطن بتنفيذ القرار، عندها لا يحق للإدارة الرجوع عن قرارها، وإلا توجب عليها التعويض عما خسره المواطن. فكيف يحق للحكومة أن تعاقب المواطن بحرمانه من استكمال بناء منزله، وهو الذي يعتقد بأن هذا القرار الإداري الصادر عمن انتخبه، هو قرار قانوني ويسمح له بالبناء، فكيف يعاقب المواطن وليس هو من أعطى القرار؟".

وقال: "بالرغم من الجهود التي يبذلها وزير الصحة للنهوض بالقطاع الصحي، إلا أن عدم رغبة الحكومة بدعم هذا القطاع أدى إلى تعسر كبير ونقص حاد بالسيولة في المستشفيات الحكومية. فالموظفون ينتظرون أشهرا لقبض رواتبهم، ومجالس إدارة الجزء الأكبر من هذه المستشفيات انتهت مدة تكليفها، ولا نجد نية لدى الحكومة في تعيين مجالس جديدة تفعل العمل الإداري، كما أن السقوف المالية المعطاة لهذه المستشفيات لا تفي بالتكاليف، حيث أسعار الأدوية والمحروقات والمواد الغذائية في تصاعد مستمر والسقف المالي ثابت لا يتغير.
إن الفروقات المالية التي تتقاضاها المستشفيات الخاصة من المرضى بدل الكثير من الأدوية والمعدات الطبية بحجة التأخير في دفع مستحقاتها من قبل المؤسسات الضامنة، هي غير منطقية وباتت تشكل عبئا ماديا كبيرا على المواطنين، مما يدفع بهم إلى التردد كثيرا في الدخول إلى المستشفيات حتى في الحالات الطارئة.
وفي هذا الإطار نسأل: أين أصبح نظام التغطية الصحية الشاملة (البطاقة الصحية) ولماذا لم يبق من أولويات هذه الحكومة ؟
أما مؤسسة الضمان الإجتماعي فهي غارقة في أزمة مالية وإدارية ولا نلمس من الوزارة ولية الأمر أي جهود لحل المشاكل المستعصية. فأين هي المكننة الشاملة وأين هو التوازن المالي، أين أصبح الضمان الإختياري وأين أصبح تسديد المستحقات للمستشفيات والأطباء ولصندوق التعويضات، مع عجز وصل إلى 850 مليار ليرة في فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية نهاية عام 2011".

أضاف: "إن الشغور الإداري والوظيفي في صندوق الضمان الإجتماعي تجاوز ال 60 % في معظم المراكز، مما أدى إلى تراكم أكثر من مليوني معاملة استشفائية للمضمونين دون إنجاز. ففي مركز زحلة مثلا وصل عدد الموظفين إلى 23 من أصل 70. فهل يعقل ان ينتظر المواطن لأشهر عدة حتى تنجز معاملته؟ وهل من المنطقي أن لا يوجد سوى ثلاثة أطباء مراقبين في محافظة البقاع؟.
إن الكلفة الإدارية لصندوق الضمان الإجتماعي هي من أعلى النسب عالميا، ففي فرنسا مثلا لا تتعدى ال 7% بينما في لبنان هي حوالي 20 %. علما أن أحد أسباب الفوضى التي أوصلت الصندوق إلى هذا الدرك يعود إلى الخلافات القائمة بين ممثلي مجلس الإدارة والمديرية ووزارة العمل المعنية بمعالجة شؤون الضمان الإجتماعي، لا تقدم الحلول ولا تحاسب.
أما على الصعيد التعليمي، دولة الرئيس، إننا في الفترة الأخيرة ومنذ تعيين رئيس جديد للجامعة اللبنانية نلاحظ خللا كبيرا في المراكز الشاغرة حيث يتم تعيين المحاسيب من انتماء سياسي واحد دون العودة إلى الكفاءة، وكذلك إلى التوزيع الطائفي والمناطقي. فقد أصبحت بعض الكليات حكرا على فئة واحدة مما شكل ظلما كبيرا.
أيضا وإنه بالرغم من مطالبتنا وتقديمنا استجوابا للحكومة حول المبنى الجامعي الموحد في زحلة لم نتلق أية إجابة شافية، لا بل لمسنا تقصيرا واضحا من قبل هذه الحكومة بما يخص هذا المبنى، مع أن الكليات التابعة للجامعة اللبنانية مفرقة في مباني بعضها لا يصلح لأن يكون مبنى تعليميا.

وختم: "على الحكومة التي أصبح شعارها المفضل "النأي بالنفس" أن تنأى بنفسها عن المصالح الشخصية والمصالح الإنتخابية، وأن تنظر إلى لبنان كوحدة بشرية واقتصادية وسياسية، من الناقورة إلى النهر الكبير.
الهموم واحدة، والمصير واحد، والمستقبل واحد، وإن فساد الغذاء وغلاء المعيشة وانقطاع الكهرباء، وارتفاع أسعار المحروقات، وتلوث البيئة مصائب تطال ابن الجنوب وابن البقاع وابن الشمال وابن الجبل وابن بيروت. فاتقوا الله في هذا الشعب الصابر وهذا البلد العزيز".  

السابق
أبو العردات أعلن بدء ترميم خزان مياه في القاسمية
التالي
حمادة: لن نقبل ان يحل السلاح مكان البطاقة الانتخابية والرصاص محل ورقة الاقتراع