الفشل الكوري الشمالي

تقيم كوريا الشمالية برنامجا فضائيا ذا صبغة مدنية وعلمية وتقنية منذ تسعينيات القرن الماضي. وحاولت كوريا الشمالية للمرة الثالثة بعد فشلين سابقين ان تطلق في الاسبوع الماضي قمرا صناعيا الى مدار يبلغ 500 كم. وليس الحديث عن صاروخ استراتيجي كما تزعم الولايات المتحدة ومشابهته للاقمار الصناعية الايرانية محدودة.
تم الاطلاق الفاشل بحضور مدعوين من العالم كله وفيهم صحفيون وتم من موقع الاطلاق الجديد لكوريا الشمالية في غربي الدولة. وما كان يفترض ان يمر المسار الذي خطط له فوق اليابان ولا كانت توجد قدرة حقيقية على اعتراضه.
يتابع معهد فيشر وأنا ضمنه البرامج الفضائية للكوريين الشماليين وبرغم الفشل نرى تقدمهم العظيم على مر السنين.
كان «كوانغ ميونغ اغسونغ 1» اول محاولة لكوريا الشمالية لاطلاق قمر صناعي الى الفضاء في 1998 في يوم الذكرى الخمسين لتأسيسها تقريبا. وفشلت المحاولة برغم ان السلطة زعمت طوال سنين أنها نجحت. وفي نيسان 2009 زعمت كوريا الشمالية أنها أطلقت القمر الصناعي «كوانغ ميونغ اغسونغ 2» الى الفضاء لكن روسيا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية زعمت ان الاطلاق فشل.
والقمر الصناعي الثالث هو قمر تجسس ذو وزن يبلغ 100 كغم زمن الاطلاق. وليس لهذا القمر الصناعي أي قيمة عسكرية واستخبارية وأهميته بمجرد وضعه في الفضاء ودخول كوريا الشمالية «النادي الفضائي» الجليل الشأن – وهو نادي نالت عضويته دول معدودة هي (روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان والصين والهند واسرائيل وايران).

بخلاف عمليات اطلاق سبقت لكوريا الشمالية مر فيها الصاروخ فوق اليابان وأثار عاصفة دولية، استقر الرأي في الاطلاق الحالي على اطلاق القمر الصناعي جنوبا. وهكذا مُنع طيران الصاروخ فوق قارة ما وكان هذا شيئا يرمي الى خفض اللهب في الميدان الدبلوماسي. ونشرت كوريا الشمالية تصريحا سبقيا ذكرت فيه نافذة الاطلاق المتوقعة والمناطق التي يفترض ان يسقط فيها جزءا حامل القمر الصناعي.
بحسب قول الكوريين الشماليين، كان موعد الاطلاق بمثابة مرور 100 سنة على ميلاد الزعيم كيم ايل سونغ. ويبدو انه لم يكن في اختيار الموعد شيء من مناكفة الغرب بل توصلوا ببساطة الى وقت نضج فيه تطوير حامل القمر الصناعي، لكنهم على كل حال فشلوا مرة اخرى. ونشك في ان حامل الاقمار الصناعية الكورية الشمالية كان يستطيع ان يصبح صاروخا استراتيجيا عابرا للقارات، ويوجد لهذا سببان رئيسان هو ان نظام الاطلاق غير المهندم يقوم على برج مصحوبا باستعدادات ظاهرة طويلة، ولا تكفي طاقة الدفع المنخفضة للصاروخ لحمل جسم محدد ذي شأن يستطيع وصول ارض الولايات المتحدة.

من المهم ان نؤكد ان نجاح اطلاق قمر صناعي الى مساره كان يمكن ان يكون خطوة نحو امكانية بناء صاروخ استراتيجي عابر للقارات في المستقبل.
ان الولايات المتحدة هي التي تتقدم الخط المتشدد على كوريا الشمالية في سياق الحملة الدعائية على عملية الاطلاق الحالية. وقد عرض متحدثون رسميون عملية الاطلاق على انها «تحرشية جدا» وعلى أنها اخلال واضح بقراري مجلس الامن 1718 و1748 اللذين يحظران على كوريا الشمالية اجراء عمليات اطلاق لصواريخ بالستية بعيدة المدى برغم ان هذين القرارين لا يحظران اجراء عمليات اطلاق اقمار صناعية. وفي الولايات المتحدة يرون مجرد الاطلاق تهديدا للامن الاقليمي يناقض الاتفاق الاخير الذي وقع بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، أعني الغذاء ومساعدة اخرى من الولايات المتحدة مقابل وقف البرامج الذرية العسكرية.
ان فشل كوريا الشمالية في الاطلاق ليس هزيمة لصورة هذه الدولة المغلقة فقط. فقد كانت عيون خبراء الصواريخ في طهران تتطلع نحو بيونغ يانغ لانه توجد صلة وثيقة بين الدولتين في مجال الصواريخ، هذا الى كون طهران يفترض ان تطلق خلال هذا العام حامل اقمارها الصناعية المستقبلي المسمى «سيمورج»، ويشبه هذا الحامل الحامل الفاشل لكوريا الشمالية شبها كبيرا. ويمكن ان نفترض ان عملية الاطلاق التي فشلت ستؤثر على البرنامج الفضائي الايراني وتسبب تأجيلا كبيرا لاطلاق قمر ايران الصناعي التالي وهو قمر ثقيل جدا بالنسبة لحامل الاقمار الصناعية الحالي الذي تملكه.

السابق
قوانين الآخرين
التالي
عنف وغباء أمام عين الكاميرا