هل يستقيل ميقاتي في لحظة ما؟

يقول قطب أكثريّ إنّ أوضاع الدولة على مستوى عمل مؤسّساتها راهناً ليست على ما يرام، وإنّ الظاهر للعَيان هو غير الباطن الذي لا يُسرّ الناظر، ويزيد الطين بلّة ذلك الكسل الحكوميّ المشفوع بالخلافات بين بعض أهل الحكومة، الأمر الذي يعوق تنفيذ ما ورد في البيان الوزاري.

وإذا كان بعض السياسيّين يردّ هذا التردّي الدولتي إلى الحال الانتظارية التي يعيشها البلد إزاء الأزمة السوريّة، وهي حال غير مبرّرة في كلّ حال، فإنّ ذلك لا يعفي الحكومة وكلّ الطاقم السياسي الاكثري والمعارض من إشاعة المناخات السياسية التي تتيح فرص معالجة المشكلات التي يعاني منها السواد الاعظم من اللبنانيّين في ظلّ سياسة "النأي بالنفس" عن الأحداث السورية ومنع امتداد شرارتها الى الداخل اللبناني.

غير أنّ القطب الأكثري يخشى تحت وطأة الخلافات الداخليّة حول بعض الملفّات المطروحة والأزمة السوريّة وما تثيره من مضاعفات على المستويات اللبنانية والاقليمية والدولية من تعرّض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لضغوط عنيفة داخليّة وخارجية، من شأنها أن تدفع ميقاتي الى الاستقالة في لحظة ما، على رغم تأكيد حليفه وزير المال محمد الصفدي أنّ الحكومة مستمرّة وأنّ رئيسها متمسّك بها، ويرغب في ترؤّس حكومة جديدة في حال استقالتها.

والواقع أنّ ميقاتي لا يفكّر في الاستقالة لاعتبارات كثيرة أبرزها أنّ الرجل يُدرك حجم المخاطر التي يمكن أن تتهدّد لبنان في حال إقدامه على خطوة من هذا النوع، في ظلّ الأزمة السوريّة والاوضاع العربية والدولية المحيطة بها، إذ في ظلّ هذه الاوضاع معطوفة على الانقسام السياسي الداخلي الحادّ حول قضايا الداخل والخارج يستحيل أن يتمّ تأليف حكومة جديدة برئاسته، أو حتّى برئاسة غيره، ما يعني أنّ لبنان يدخل في فترة طويلة من الفراغ الحكومي تتعطّل معها سلطة القرار في ظلّ حكومة مستقيلة تصرّف الاعمال في الحدود الضيّقة المعروفة.

ويُدرك ميقاتي أيضاً أنّ استقالته من شأنها أن تجعله المسؤول الأوّل عن كلّ ما سيترتّب على هذه الاستقالة من مضاعفات على الأوضاع الداخليّة، وحتى على مستوى الموقف اللبناني ممّا يجري حوله، كذلك فإنّه يُدرك أنّ صيرورة البلاد بلا حكومة يمكن أن تجعلها مفتوحة على خطر الاضطراب، سواء بفعل الوضع السوري المأزوم، أو بفعل الخلافات السياسية المستحكمة بين فريقي 8 و14 آذار، عِلماً أنّ استقالته إن حصلت فستكون بمثابة خدمة لخصومه الذين يرفعون شعار إسقاط حكومته منذ أن وُلدت قبل أكثر من سنة.

ويشاطر القطب الاكثري هذه الإدراكات الميقاتية، فيؤكّد أنّ تأليف حكومة جديدة في حال استقالة ميقاتي لن يكون بالأمر السهل، إذ قد تبقى البلاد لمدّة سنة بلا حكومة على الأقلّ، وعندها يصبح استحقاق الانتخابات النيابية في حزيران 2013 داهماً بقوّة.

وفي هذا السياق يستبعد القطب الفرضيّات والتوقّعات القائلة بتأجيل هذا الاستحقاق، ويؤكّد أنّ هذه الخطوة خطرة جدّاً لا يمكن أيّ طرف أن يتحمّلها، خصوصاً في حال عدم توافر حلول للأزمة السوريّة خلال الأشهر القليلة المقبلة.

غير أنّ هذا القطب لا يبدي تفاؤلاً ملحوظاً إزاء إمكان إقرار قانون انتخابيّ جديد كان يفترض أن يقرّ، حسب الوعود، منذ إنجاز انتخابات 2009 في العام 2010، ولكن العادة درجت على أنّ البعض الذي لا يعجبه مشروع القانون الانتخابي يعمد إلى الرفض ووضع العراقيل من هنا وهناك لتضييع الوقت حتى ربع الساعة الأخير من موعد الانتخابات، فيتمّ اللجوء عندها الى فرض الأمر الواقع بالإبقاء على القانون النافذ الذي يجد فيه ما يؤمّن مصالحه الانتخابية، ويبدو أنّ ما يجري حاليّاً من إعاقة لإقرار القانون الانتخابي الجديد هدفه الإبقاء على قانون الـ 1960 الحالي الذي أُجرِيت الانتخابات السابقة على أساسه، ليعود لبنان معه مرّة أُخرى "ستّين سنة و70 يوماً إلى الوراء"، على حدّ تعبير رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي قبل أيّام.

السابق
بان كي مون يدعو السلطات السورية الى اقصى درجة من ضبط النفس
التالي
داتا الاتّصالات