ما هو الثمن الذي‮ ‬تريده روسيا؟

انشغل المراقبون، أمس، بخبر عاجل عن نشر روسيا بوارج حربية قبالة الشاطئ السوري، مع أنّ موسكو أوضحت، لاحقاً، أنّ هذا الحضور العسكري البحري ليس مرتبطاً بالضرورة بالتطوّرات السورية.

إنّ هذا الحراك الروسي يفهم منذ أن كان الاتحاد السوڤياتي يعتبر العالم العربي سوقاً رئيساً للأسلحة يتقاسمها مع الولايات المتحدة الأميركية، فتحظى واشنطن بتسليح الدول الغنية وتسلّح موسكو معظم الآخرين.

وأصيبت مبيعات السلاح السوڤياتي بنكسة منذ أن قرّر أنور السادات في مطلع السبعينات طرد الخبراء الروس العاملين في الجيش المصري، وسعى حافظ الأسد الى الصلح بين موسكو والقاهرة فلم يوفّق لأنّ السادات كان قد انتقل نهائياً الى الحضن الأميركي بعد حرب اكتوبر (تشرين الاول) عام 1973.

وللتذكير فإنّه بعد حرب 1967 اعتبر العرب أنّ السوڤياتي السلاح فاسد وأنّهم خسروا الحرب بسببه. وبعد حرب 1973 لم يعد ممكناً نكران فعالية الصاروخ «سام -6» الذي كان بطل المعركة ونجح في إسقاط أسطورة تفوّق سلاح الجو الإسرائيلي الذي كان له الدور الفاعل في حسم حرب 1967 منذ ساعاتها الأولى.

وبعد حرب 1973 جاء اندروبوف (خليفة بريجنيڤ) الى المنطقة وعوّض سوريا ما خسرته من أسلحة وذخائر في الحرب.

وبعد سقوط الاتحاد السوڤياتي تبيّـن أنّ نحو 15 مليار دولار لا تزال ديناً غير مسدّد على سوريا الى روسيا وريثة الاتحاد السوڤياتي.

وكانت روسيا قد خسرت في التسعينات أيضاً السوق العراقي جزئياً، وعندما حاولت عقد صفقة مع صدام حسين بقيمة سبعة مليارات دولار في العام 2003 كانت واشنطن الأسرع، بعد غزو صدام الكويت، فأطاحته وأفشلت الصفقة.

وفي العام 2011 سقط النظام الليبي الذي على الرغم من لعبه على الحبلين الروسي والأميركي إلاّ أنّ إسقاطه أفقد صناعة السلاح الروسية سوقاً آخر.

ولم يبقَ، حالياً، إلاّ السوق السوري، علماً أنّ وضع سوريا المالي معروف، والتغطية المالية من إيران تتعثّر نسبياً بسبب الأوضاع الإيرانية المتردية.

من هنا، نقرأ الموقف الروسي: فإذا كنّا راغبين فعلاً في تغيير الموقف الروسي فذلك مدخله صفقة سلاح روسية الى البلدان العربية الغنية بقيمة عشرة مليارات دولار… هذا إذا كان العرب يريدون أن يشتروا سوريا من روسيا!

السابق
مهمة أنان ومحادثات إسطنبول
التالي
بريطانيا العظمى: التراث والابتكار