بريطانيا العظمى: التراث والابتكار

يشهد يوم 18 ابريل من هذا العام الاحتفال السنوي باليوم الوطني للمملكة المتحدة "حفل عيد ميلاد جلالة الملكة" وهو علامة راسخة في الأوساط الديبلوماسية والاجتماعية حول العالم, وهنا في الكويت يحضر الآلاف من معارفنا واصدقائنا الكويتيين وغير الكويتيين احتفالية السفارة التي تعد أهم وأكبر فعاليات السنة احتفاء بجلالة الملكة واستمرار العلاقات الوطيدة بين البلدين.
لكن هذا العام يحظى بأهمية خاصة بسبب حدثين غاية في الأهمية, أولهما اليوبيل الماسي, فالعام 2012 يشهد مرور ستين عاما على تربع جلالة الملكة اليزابيث الثانية على العرش. وكم شهد العالم من تغيرات فاقت التصورات خلال تلك الفترة, ففي عام 1952 كانت الكويت محمية بريطانية كما كانت فكرة اجهزة الكمبيوتر الشخصي تعتبر ضربا من الخيال, وحصل فريق مانشستر يونايتد"بيسبي بيبس" (Busby Babes) على لقبه الأول في دوري كرة القدم الانكليزي ورغم كل هذه التغيرات بقيت الملكة شخصية محبوبة والأهم من ذلك ملمة ومواكبة لجميع هذه التغيرات على مستوى العالم.

اما الحدث الثاني فهو الاحتفال بمئة يوم على انطلاق الالعاب الاولمبية في لندن, فالمملكة المتحدة فخورة للغاية بمنحها شرف استضافة دورة الالعاب الاولمبية وتنتظر بفارغ الصبر والشغف هذا الاحتفال الذي ينطلق في عاصمتنا حيث ندعو العالم للاستمتاع بالالعاب الاولمبية وببريطانيا ككل, بالطبع انا في غنى عن التحدث عن المملكة المتحدة مع الكويتيين حيث يبدو لي ان معظم الكويتيين الذين قابلتهم يعرفون لندن وباقي مناطق بلدي جيدا وربما اكثر مني شخصيا وقد ذهب الكثير منكم الى اماكن في بريطانيا سمع بها البريطانيون لكنهم لم يزوروها قط ويثير دهشتي عدد الكويتيين الذين درسوا او عاشوا او عملوا او زاروا كل زاوية في بلدي.

بالنسبة لي فإن النقطة الأساسية في احتفالات هذا العام هي الموازنة بين الاستمرارية والابتكار, وهذا قاسم مشترك آخر بين الكويت والمملكة المتحدة ففي المملكة المتحدة نولي الاهمية لتاريخنا وتراثنا كما يتجسد في احتفالاتنا باليوبيل الماسي لجلالة الملكة جنباً الى جنب مع أهمية كوننا روادا في مجالات التكنولوجيا والابتكار الثقافي ووطنا للفنون الحديثة والازياء والرياضة والتسوق, فالاستمرارية والابتكار جزء لا يتجزأ من هويتنا حيث تميزنا وانجبنا ابناء مثل تشارلز ديكنز, وج ك رولنج الجيرو اديل, وليام شكسبير وهارولند برينتر وبوبي تشارلتون ومايكل اوين, واقمنا المتحف البريطاني وجاليري "تات" للفن الحديث.

وفي الكويت يغمرني نفس الاحساس بالبلد الذي يتعاطى مع ماضيه بارتياح ويتطلع الى مستقبله في الوقت نفسه, فسياسات البلد محفورة في تاريخه, وفي الطريقة التي نشأت بها الدولة في القرن التاسع عشر, كما ان العادات والتقاليد مثل الديوانيات العريقة والحريات السياسية والاسواق القديمة تتعايش جنبا الى جنب مع كل من مبنى مجلس الأمة الحديث ومراكز التسوق الجديدة البراقة مع رؤية مستقبلية فنية لمطار الكويت الدولي الذي يصممه المعماري البريطاني "نورمان فوستر وشركاه" وتبزغ رؤية سمو الأمير للكويت كمركز مالي اقليمي جنبا الى جنب مع تاريخ الكويت المشرف كأمة بحرية تجارية.

وتعد الاحتفالات مثل عيد ميلاد جلالة الملكة بمثابة لحظات مثالية لتعزيز هذه العلاقات والتأمل والتفكر في تاريخنا وثقافتنا والقاء نظرة على انجازاتنا العظيمة والتطلع للأمام الى النجاحات التي تنتظرنا.

السابق
ما هو الثمن الذي‮ ‬تريده روسيا؟
التالي
جعجع… والأمل الكبير