المستقبل : الحريري يرفض الاستقواء بالسلاح لترهيب الناس وتكبيل الدولة

تزامنت "الجمعة العظيمة" عند الطوائف المسيحية الشرقية أمس مع الذكرى السابعة والثلاثين لاندلاع الحرب اللبنانية في 13 نيسان 1975، وهي الذكرى التي دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى "استخلاص العبر" منها، فيما أكد الرئيس سعد الحريري "أن هذا اليوم لا يصح أن يبقى عبئاً على مستقبل لبنان من خلال الممارسات التي ما زالت تتخذ من الاستقواء بالسلاح سبيلاً لترهيب الشركاء في الوطن وتكبيل الدولة ومؤسساتها".
في موازاة ذلك، لم تُسجّل أي مستجدات في شأن تسليم وزارة الاتصالات "داتا" الاتصالات الى القوى الأمنية التي تحقق في محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فيما أكدت أوساط متابعة ان رئيس الجمهورية يرفض التهويل الذي يُمارس في شأن قضية توقيع مرسوم صرف 8900 مليار ليرة.
وتقول تلك الأوساط، ان منهجية رئيس الجمهورية حول هذا الموضوع تنطلق من معطيين أساسيين، هو الحفاظ على تطبيق الدستور نصاً وروحاً من جهة، والبعد عن كل ما يزيد الشرخ بين اللبنانيين من جهة ثانية. بمعنى أوضح فإن ما يُقال حول هذا الملف هو من باب المزايدات السياسية على الرئيس وصلاحياته، وهو مقتنع تماماً بضرورة العمل على ما يجمع اللبنانيين وليس تكريس ما يفرقهم، وبالتالي فهو لا يزال على موقفه الذي أطلقه منذ اليوم الأول لدعوته الى استعمال صلاحياته، أي أنه يرى أن بإمكان مجلس النواب ايجاد السبل القانونية للمشكلة، بما يتلاءم مع ملاحظات لجنة المال والموازنة وبما يحفظ هيبة العمل التشريعي والمؤسساتي".
وتتساءل الأوساط "لماذا هذا التهويل بأن عدم إقرار 8900 مليار سيؤدي الى عدم دفع الرواتب، فهذا المبلغ متعلق بموازنة العام 2011، وبالتالي فتوقيع رئيس الجمهورية لن يحل المشكلة، لأن الأمر يتطلب العمل على انتظام المالية العامة حتى يمكن إقرار موازنة العام 2012".
وتضيف "ذلك لا يمنع رئيس الجمهورية من مواصلة التدقيق والدرس في الخيارات الموجودة أمامه، انطلاقاً من المادة 58 التي تقول إنه يمكن لرئيس الجمهورية التوقيع على إصدار القانون بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، وبالتالي فهذه المادة تمنحه الخيارات ولا تلزمه بالتوقيع، كما ان المرسوم يتضمن عيوباً أظهرها تقرير لجنة المال والموازنة ويفتح المجال للطعن فيه،
وبالتالي فرأي رئيس الجمهورية انطلاقاً من حرصه على الدستور والعمل التشريعي والديموقراطي في البلاد، أن يتم البحث في السبل القانونية التي تخلص المرسوم من هذه العيوب وتجنبه إمكانية الطعن فيه".
ولاحظ مراقبون، في هذا السياق، ان الأكثرية تقصدت عدم الضغط لإقرار اقتراح الـ8900 مليار، في مجلس النواب منفصلاً عن مشروع الـ11 مليار دولار، التي صُرفت من خارج الموازنة خلال الحكومات السابقة، حتى تنتهي مهلة الأربعين يوماً على تلاوة المرسوم المعجل المكرر في مجلس النواب، وحينها يمكنها أن "تحشر" رئيس الجمهورية في الزاوية، لإصداره بمرسوم موقّع منه، وبهذه الطريقة تكون قد ضمنت الوصول الى ما ترنو إليه من دون أن تكون مجبرة على الوقوف على مطالب المعارضة المتعلقة بملف 11 مليار، لكنها سرعان ما اصطدمت "بتمهل الرئيس سليمان باستعمال صلاحياته، فكان التلويح من جديد بعدم القدرة على دفع الرواتب".
13 نيسان
على أي حال، فإن الرئيس سليمان دعا أمس الى "التوقف ملياً عند ذكرى 13 نيسان والتبصّر بمضامينها ومعانيها، وان يكون استذكارها لاستخلاص العبر مما تؤدي إليه الصراعات والخلافات عندما تتجاوز سقف المصلحة الوطنية الى لعبة المحاور والمصالح السياسية والآنية والمكاسب الخاصة".
الحريري
من جهته، وصف الرئيس الحريري يوم 13 نيسان بأنه "يوم أسود في تاريخ لبنان لانه أعطى إشارة الانطلاق لسقوط الدولة وتداعي مؤسساتها الدستورية والأمنية والإدارية"، لكنه استدرك قائلاً "ان هذا اليوم لا يصح أن يبقى عبئاً على مستقبل لبنان، وعلى جوهر العيش المشترك بين اللبنانيين، وهم الذين اختاروا من خلال وثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف، أن يعيدوا إحياء الشراكة الوطنية فيما بينهم، ويجددوا إنتاج التجربة المميزة للتعايش الإسلامي المسيحي في الشرق العربي. والعبء الذي نشير إليه يتمثل بالمناخات والممارسات السلبية الكامنة في الحياة السياسية اللبنانية، التي ما زالت تتخذ من الاستقواء بالسلاح سبيلاً لترهيب الشركاء في الوطن وتكبيل الدولة ومؤسساتها الشرعية عن أداء مهماتها في بسط سلطة القانون وحماية السيادة الوطنية".
وشدد على ان "مرور 37 عاماً على انطلاق شرارة الحرب الأهلية، يجب أن يشكل حافزاً قوياً لكل المخلصين في لبنان، لكشف القناع عن السياسات التي تهدد السلام الوطني وإرادة العيش المشترك بين اللبنانيين، وهي سياسات تتخفى، مع الأسف، وراء شعارات تريد للبنان أن يبقى ساحة مفتوحة للتجاذبات الإقليمية، وورقة في مهب المصالح الخارجية".
"الداتا"
الى ذلك، رأى عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب فريد حبيب "أن قرار حجب داتا الاتصالات عن القوى الأمنية في قضية محاولة اغتيال الدكتور جعجع، يطرح الكثير من علامات الاستفهام بخاصة وأنه صادر عن لجنة قضائية من المفترض أن تكون أكثر المهتمين بالبحث عن أدلة علمية تصوب مسار التحقيق للوصول الى المجرمين"، معتبراً بالتالي "أن ذريعة عدم التعرّض لخصوصية المواطنين وحرياتهم لم تقنع اللبنانيين بجديتها، لا سيما وأن طلب القوى الأمنية هو لرصد حركة الاتصالات ضمن بقعة جغرافية معينة وليس للتنصت على خصوصيات الناس والمسّ بحرياتهم أو التنصت على أسرارهم، أضف الى ذلك أن اللجنة القضائية نفسها تدرك أن "حزب الله" يخضع من يشاء من اللبنانيين وساعة يشاء الى التنصت على مكالماته الهاتفية سواء عبر شبكاته الخاصة أم عبر أتباعه في السلطة، تحت عنوان وهمي دائم ألا وهو حماية المقاومة".
خلاف الحلفاء
وتوقف كثيرون أمس أمام انفجار الخلاف بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و"حليفه" وزير المال محمد الصفدي بعد إعلان الثاني ان الأول راح يهمس باسمه بأنه يريد تقاضي عمولات في ملف بواخر توليد الطاقة الكهربائية، وقال النائب السابق مصطفى علوش لـ"المستقبل" ان "كل الناس تعرف مدى العداوة التي فرّقت وتفرّق الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي، وهي في الأساس عداوة كار لانهما يلعبان في الملعب نفسه ويتنافسان في موضوع شخصي بامتياز وهو كيفية الوصول الى سدّة رئاسة الحكومة بأي ثمن وبأي طريقة".
وأكد علوش "نعلم أن الحلف غير المقدس الذي جمع الصفدي مع الرئيس ميقاتي يوم انقلبا على الأكثرية الشعبية في طرابلس والتي مكّنتهما من الوصول الى النيابة، لا يمكنه الاستمرار على الرغم من الكلام المعسول الذي نعت به كل واحد منهما الآخر في السابق".
وأشار الى "ان ما حدث بالأمس هو نتيجة طبيعية لشراكة الاثنين في التآمر على قوى 14 آذار لمصلحة النظام السوري والذي تقوم حكومة ميقاتي اليوم بتغطية جرائمه في لبنان وفي سوريا".  

السابق
الديار: الأكثرية: المطلوب إقرار الـ8900 مليار ولن نسمح “لمين ما كان” بشل البلاد
التالي
«الجديد» مدافعاً عن دمه