السلفية الشيعية لا حضور لها في الجنوب.. رغم بعض التطرف الفكري

"السلفية"، حالة ولدت على أرض كلمات مضطربة، ما يجعل من المستحيل فرض تعريف مفهومي إصطلاحي لها، رغم أن إنزلاقاتها تزداد وتتشدد، قد تكون كشكولاً ينطوي على وقائع ومواقف متناقضة، جاهزة وقابلة لكل المساومات "وها هي اليوم تتمدد بقوة لدى المسلمين السنة في اطر متنوعة مفيما ينفتح السجال على مصراعيه هل هناك "سلفية شيعية" في الجنوب أم لا؟
هذا التناحر في المعنى الموزون حول السلف والسلفية والاصولية، يندرج ضمن مهاترة سياسية هجومية حينا ودفاعية حينا اخر وقد يكون لها وجهةً سلبية، ولكن كيف يتم قراءة السلفية الشيعية اليوم وفي الجنوب تحديدا؟، بل كيف يجري تدوير كل زوايا هذه الحلقة المفرغة التي يرفض كثر الاقرار بها هل هي موجدة؟ واين؟  قد يعتقد البعض ان المغالاة في تنفيذ الشعائر الدينية سلفية، وقد يرى البعض الأخر أن التشدد المطرد من قبل بعض الاحزاب الشيعية "سلفية"، في حين يذهب البعض الأخر إلى إعتبار أن السلفية" ما هي إلا هجمة جديدة على "الشيعية" لتصويرها على أنها "بعبع" كي يسهل تفتيتها ووضعها في "شرنقة" الإتهام إنها "إصولية"، ذات عقد فكرية متشددة، .
السؤال وحده كفيل أحيانا بجلي الصورة في محاولة لتفكيك الغام هذا "العدو الاخر" الذي بدأ هجومه على الطائفة تحت عنوان "السلفية الشيعية" بداية كيف يقرأ الشارع الجنوبي "السلفية الشيعية"؟

السلفية من منظار علماء شيعة
هل "المغالاة في إظهار الشعائر الدينية "سلفية"؟ يرى إمام أحد مساجد النبطية الشيخ أحمد صادق أن لا سلفية شيعية ولا أصولية، بل هي بدعة حتى عند السنة أيضاً، معتبراً أن "عنوان السلفية" وضعه الغرب، وهذه المسميات الجديدة لا علاقة لا للدين ولا للشيعة بها، نحن نتبع مذهب أهل البيت أي المذهب الاثنى عشرية، بغض النظر عن المذاهب الأخرى الاسماعلية وغيرها".. مؤكداً أن السلفية وضعت من قبل أناس أرادوا التفرفة بين المسلمين ولا أثر لها" لا يخفي بروز خلافات بين المذهب"إنما من خلال الأمور الدينية والأحكام التكليفية"، ولكن من يُسعرها هم "الحكام الذين يستغلونها، السلفية هي مشروع للتفرقة بين المسلمين والحكام هم من يضعوها للتفرقة لحفظ كراسيهم والامكنة التي وضعوا فيها، لذا تجدين التوريث…
يحاول صادق أن يخرج بمقاربة واضحة تدحض فكرة "تعشش" السلفية داخل بيت "الشيعية" فهو يقيم مقاربة تاريخية ينطلق فيها من "تعدد المذاهب منذ الخلافة الإسلامية، – زمن خلفاء بني أمية وبني العباس- "الحنفي، الشافعي، العلوي وغيرها، أما الطائفة الشيعية… فهي مذهب واحد منذ زمن النبي محمد(ص)، مستشهدا بقول للرسول للإمام علي(ع) "أنت وشيعتك الفائزون بالجنة، الشيعة متمسكة بالأئمة وذُكرت أسماؤهم في كتب السنة والشيعة"، يقف صادق عند عتبة الشعائر الحسينية الذي يصفها البعض بالمغالاة في إحيائها، إن لجهة التطبير، أو اللطم أو إستمرارها حتى الأربعين مردفاً أن "ممارسة الشعائر الدينية والحسينية على وجه التحديد تقام منذ قديم الزمان، وهي تقوى وتضعف بحسب الوضع السياسي القائم، ولسنا نغالي بها"، مقراً" أن الإختلاف في هذه الشعائر يكمن في تطبيقها العملي فقط، كل واحد يعبر ويحزن على طريقته، كل مجموعة تواسيه بما تحمل من حب له، فمنهن من يضرب رأسه، إدماء نفسه، والبعض يكتفي باللطم، والبعض يتخذ "كعنوان عزة وكرامة".
 أما أستاذ حوزة الإمام الحجة"عج" – البياضة السيد عبد الله فحص فيؤكد أن "لا يوجد سلفية عند الشيعة، بل هذه تهمة أكثر ما هي حقيقة، بل بدعة تندرج في باب الحرب على الشيعة وإحداث الشرخ وتقسيهم الى سلفية ومعتدلين ومتطرفين، ومن يقرأ التاريخ المعاصر يعرف ان قضاياهم وهمومهم مشتركة مع كل الطوائف لا يوجد حالة انفصالية سلفية تصطدم بالشرائح الأخرى" معتبراً أن "السلفية هي مشروع حكام لإثبات وجودهم"، فهؤلاء الحكام "يحاولون أن يصورو الإسلام "فوبيا" تحت مصطلح جديد غير مألوف يثير الرعب والقشعريرة، ويساهم في تعزيز إنتشارها الإعلام"، لا ينفي فحص وجود من هو متطرف بكلامه "ولكن هذا لا يشكل حالة ولا ظاهرة، بل فكر شخص لا تأثير له"، إذ "هناك ميزان ومن يتجاوزه يجد نفسه وحيداً فهناك ضوابط يقدمها المرجعية، على عكس السلفية السنية حيث الأسس متوفره، نحن لا بتاريخنا ولا بروياتنا يوجد للسلفية أسس، ضارباً مثلاً ظاهرة الشيخ أحمد الأسير التي لها أسس فكر سلفي ولهم منظرين، ومبادئ معينة غير متوفرة عند الشيعة..
إذا لا سلفية شيعية، ولا تزمت ديني، رغم هناك قراءة واضحة تصوب السهام السلفية التطرفية الفكرية نحو "الشيرازيين" الذين لا يندرجون في أطر سلفية وإنما يتبعون إسلوب التحريض الفكري ولعن الصحابة، ويستعملون عبارات صارمة ولاذعة، وهؤلاء حضورهم ما زال شبه ضيئل على ساحات الجنوب، ويظهرون تشدداً محكم الإقفال، يصعب على أحد إختراقه بالنظر الى التزمت الديني الذي يبرز من خلال الخطب أو الأفكار الذين يبثونها بين أتباعهم، ولا يخفى على البعض بروز جمعيات تعمل تحت إطار الثقافة والفكر، ولكن لها أهداف مبطنة مضمرة، وتنفذ اجندة خارجية بإسم "الدين".

هذه الرؤية يحاول أن يقف عندها الشيخ عادل حريري بالقول "البعض يحاول تشويه صورة جميلة تتناسب مع مبادئنا – قيمنا – أخلاقياتنا وديننا بأساليب وصور معينة"، أما الواقع مغاير على الإطلاق"، لا ينفي حريري "وجود بعض الشواذ الذي يظهر في كل الأحزاب والتنظيمات والجمعيات ولكن لا تبنى عليه حالة عامة، كما أن مصطلح سلفية لا حضور له أبدا، إلا أن الأعداء الذين يتربصون بالأمة الإسلامية الشر، يحاولون زرع التفرقة وبذور الفتنة والفرقة بين الناس، بل يحاولون أن يدرجوا مصطلحات وتلبيسها بما يخدم مصالحهم، لجعل شرخ في الطائفة، ولكن محال هذا الأمر بل وهو أمر بعيد عن المنال لأنه بإختصار أرض الشيعة ليست خصبة لهذه المندرجات التطرفية، لأن للشيعية مرجعية، والرأي الذي يعبر عنها ليس جميعة أو فرداً أو تنظيماً، وإنما المرجع الأعلى لها والذي يمتد للعالم الإسلامي عبر وكلائه في كل منطقة وهذا سبب قوتنا.

يتضح مما سبق جليا أن "الكل يرفض فكرة "سلفية شيعية"، ويقرون أنها هجمة "خارجية" لتصوير الشيعة على أنها "بعبع" وبالتالي يجب القضاء عليه، وهنا يرى حريري "أن من يسوق "للسلفية الشيعية "ما هو إلا إعلام يريد أن يظَهر هذه الشعائر الحسينية على أنها تطرف ومغالاة". 

السابق
إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي
التالي
تفجيرات صور: رسائل سياسيّة بثوب ديني