أبو فاعور: قانون الانتخاب مصيرنا

ينتهز السياسيون فرصة الاعياد للتحضير لجلسات المناقشة النيابية الاسبوع المقبل التي يبدو انها ستكون حامية، ولا يوفرون البلد في الوقت عينه من السجال الكلامي لتسجيل النقاط وتهيئة الاجواء ليثبت كل طرف وجهة نظره. لكن يبقى امران اساسيان يشغلان بال الجميع هما: الوضع الامني وانعكاس الاحداث السورية عليه، وقانون الانتخاب الذي يفترض ان يرسم خريطة سياسية جديدة. وهما بالتحديد نواة الاسئلة التي حملناها الى وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور الذي يتميز حزبه ورئيسه بصراحتهما.

■ ما تقويمكم لاجتماع معراب؟ وهل هو لتعويم قوى 14 آذار؟
– لا تستطيع قوى 14 آذار، ازاء محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع، الا ان تثير الامر، والتصرف بمنطق انه لا يمكن المرور عليه مرور الكرام من دون ان يكون هناك موقف سياسي او اجراءات من الدولة، او تنبيه من القوى السياسية لعدم تكرار سيناريو الاغتيالات الذي شهدناه في الفترة السابقة. اما لناحية تعويم قوى 14 آذار فلا اعتقد ان هناك احدا في لبنان بالامكان اقصاؤه او استبعاده او استثناؤه من الميزان السياسي القائم في البلد. وقوى 14 آذار هي جزء من هذا الميزان، ولا تستطيع او تريد اي تركيبة سياسية او اي ائتلاف سياسي ان يتجاوز ان هناك تمثيلا حقيقيا سياسيا وشعبيا لهذه القوى.

الأمن والوفاق
■ بعد محاولة اغتيال جعجع وقتل المصور علي شعبان، هل عدنا الى مرحلة الاغتيالات؟ والى اي مدى الوضع الامني خطير في البلد؟
– هناك تمايز بين الحالتين: اغتيال المصور شعبان، اضافة الى انه امر مستنكر ومؤسف جدا، فهو يظهر بشكل واضح وفاضح ان النظام في سوريا لا يزال يتصرف وكأن لبنان هو الباحة الخلفية لمنزله، وان هناك استهانة بدماء اللبنانيين، وانه رغم ما يقوم به الجيش اللبناني من اجراءات لعدم حصول اي تورط لبناني في الاحداث في سوريا لا يزال يتصرف على قاعدة ان لبنان ارض مستباحة، وهذا الامر لا يمكن ان تقبل به الدولة اللبنانية، وهو ايضا اهانة للحكومة ولكل القوى السياسية في لبنان . لذلك يجب ان تكون هناك اجراءات جذرية، وليس مجرد اجراء تحقيق فقط لأن ما حصل هو عملية قتل موصوفة، وقد تعوّد الاعلام اللبناني ان يتجول بين حدي الحقيقة والشهادة ، وليست المرة الاولى التي يقدم فيها تلفزيون "الجديد" تحديدا الشهداء.
اما مسألة محاولة اغتيال الدكتور جعجع فأمر مختلف، واخشى ان نكون، على خلفية ما يجري في سوريا، واستباقا للانتخابات النيابية المقبلة، ندخل في سيناريو امني جديد في لبنان.
■ هل ما تقوله يستند الى معلومات أم هو تحليل سياسي؟
– لا طبعا لا املك معلومات، لكن كل التقارير الامنية التي علمنا بها بالتواتر من الاجهزة الامنية تقول ان محاولة الاغتيال جدية، وهذا هو ايضا انطباع القضاء . ماذا كان سيكون عليه الوضع في لبنان لو نجحت عملية الاغتيال لا سمح الله؟ لكنا دخلنا في فتنة كبيرة.
■ يعود الحديث عن استهداف اشخاص معينين، من بينهم وليد جنبلاط، هل وصلتكم تقارير امنية في هذا الشأن؟
– طبعا وصلنا الكثير من التقارير من بعض المصادر، لا نستطيع ان نؤكد، اذا كانت صحيحة ام لا. اعتقد ان ما حصل مع الدكتور جعجع، اضافة الى ما وصل الينا سابقا من تقارير ومعلومات او من تحذيرات ربما مستندة الى معلومات وربما لا ، نعم تثير الكثير من المخاوف.
■ وكيف يمكن تلافي الوقوع في المزالق الامنية من جديد؟
– اضافة الى اليقظة الامنية المطلوبة من كل اجهزة الدولة، والى تعاطي الوزارات بمسؤولية مع هذا الامر، وفي مقدمها وزارة الاتصالات التي يجب الا تعاقب اللبنانيين والاجهزة الامنية اللبنانية على خلفية الاقتصاص السياسي من فرع المعلومات، فالحل يكمن في الوفاق السياسي الذي يمنع انكشاف لبنان سياسيا وامنيا ، وفي ترميم ما تداعى من الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وفتح قنوات الاتصال والحوار السياسي، والوصول الى تفاهم داخلي.
■ سيشهد الاسبوع المقبل فترة صعبة ومناقشة في مجلس النواب تتشعب فيها القضايا من الاضرابات الى فتح ملفات الاتصالات والنفط والـ 8900 مليار وغيرها… الى اي مدى يهدد هذا الامر الوضع الحكومي؟
– هناك تباين داخل الحكومة حول الكثير من القضايا، والفالق الاكبر فيها هو التباين في الموقف مما يجري في سوريا. القضايا الاجتماعية والاقتصادية يمكن التعامل معها على قاعدة مسؤولية الدولة وأحقية المواطنين. يجب ان يكون هناك تفاهم لبناني داخل الحكومة وخارجها، على أنه رغم الانقسام السياسي حول الوضع في سوريا، يجب ان يكون هناك اتفاق على ألا يحصل اي تورط من لبنان ماديا في ما يحصل في سوريا. اما جلسات المناقشة النيابية فهذا منطق الديموقراطية، على الحكومة ان تمثل امام المجلس النيابي وان تكافأ على ما قامت به وان تحاسب على ما لم تقم به، ويجب ان تعقد هذه الجلسات من اجل تصحيح العمل الحكومي.

قانون الانتخابات
■ الحزب الاشتراكي يطالب بالغاء الطائفية السياسية، وبلبنان دائرة واحدة، وبخفض سن الاقتراع، وبتشكيل مجلس شيوخ.. أليست هذه مطالب تعجيزية لتبرير البقاء على قانون الـ60 الذي تريدونه؟
– على الاطلاق. فلنعترف اولا ان النقاش ليس نقاش اصلاح او عدم اصلاح، بل هو: من يحصل على الاكثرية النيابية في المجلس النيابي القادم؟ النقاش حول قانون الانتخاب هو حول مصير البلد ومستقبله، وهو سيكون عنوان المرحلة السياسية العتيدة، وعنوان الصراع السياسي في المرحلة المقبلة. لذلك فلنخرج من معزوفة الاصلاح وعدم الاصلاح، ولنسقط ورقة التين وهذه الادعاءات. المسألة هي : اي تقسيم انتخابي يمكن ان يوصل اي اكثرية الى المجلس النيابي؟ من هذا المنطلق اما ان يكون اصلاح شامل، وطرحنا لبنان دائرة انتخابية واحدة، ومجلس الشيوخ، والغاء الطائفية السياسية، وخفض سن الاقتراع، واقتراع المغتربين، والنسبية ، وإما فلنتحدث حول القانون الانتخابي الذي يحفظ التوازنات في البلد. الحكومة لا تستطيع ان تشرع لنفسها، بل هي تشرع لجميع اللبنانيين، وقانون الانتخاب لا يكون فقط على هوى الحكومة او رغبتها، بل يحتاج الى توافق سياسي في البلد ، توافق بين الداخل الحكومي وخارج الحكومة. لذلك نحن لا نضع استحالات امام الاصلاح، ولكن لا نسير في معزوفة ادعاء الاصلاح والامر هو غير ذلك.
■ انتم كـ"جبهة نضال" اي قانون تريدون او يناسبكم؟ وعلى اي قانون مستعدون للتحاور؟
– لا محظور لدينا على اي قانون انتخاب، حتى طرح النسبية مستعدون للحوار حوله شرط ألا يكون الاصلاح مجتزأ، وليس لدينا من الضيق ما يدفعنا للتهديد بالاستقالة من الحكومة في حال نوقشت النسبية. مستعدون لمناقشة اي قانون انتخاب، ولكن كفى ادعاءات وهمية بالاصلاح او عدمه، وان جبهة النضال لا تريد الاصلاح. نحن لم نتقدم باقتراح قانون محدد، لكن لدينا افكارنا حول هذا الموضوع، ويجب ان يفتح حوار وطني بشأنه، وعندها ندلي بدلونا.
■ رفض النسبية هو نهائي؟
– رفض اجتزاء الاصلاح الى النسبية نهائي.
■ هل تمشون بمشروع فؤاد بطرس الذي يجمع بين الاكثري والنسبية؟
– لم يطرح معنا رسميا هذا القانون.
■ وماذا عن قانون الستين مع تعديلات في حجم الدوائر؟
– فليفتح الحوار الوطني ليس على قاعدة الغلبة بل على قاعدة التوازن، وعلى قاعدة التمثيل الصحيح وليس من يمسك بناصية البلد في 2013.

العلاقات الممتازة
■ سأل الرئيس نبيه بري لماذا نعمل على خلق عدو جديد للبنان عند الحدود الشمالية. هل لديك جواب؟
– نحن نؤكد حرص الرئيس بري على الاستقرار الداخلي في لبنان، وعلى التفاهم بين اللبنانيين، ونعرف ان هذا منطلق كلامه. لكن لماذا يحاول النظام السوري ان يستعدينا؟ نحن لا نريد ان نخلق اعداء جددا، ولكننا لا نستطيع ان نتجاوز ما يحصل في سوريا، فهذه مسألة غير عابرة، وموقفنا منه اخلاقي قبل ان يكون سياسيا. انا مع الرئيس بري، نعم يجب ألا نخلق عدوا جديدا على الحدود، ولكن يجب ايضا على النظام في سوريا ألا يستعدي الشعب اللبناني بجرائم مثل تلك التي حصلت واودت بحياة علي شعبان.
■ ولماذا لا تلتزمون سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة؟
– نحن نلتزمها. ما الذي نقوم به باستثناء بعض المواقف السياسية؟ هل نتدخل بشكل مادي وعملي في الشأن السوري؟ نحن لا نتدخل في هذا الامر على الاطلاق.
■ كيف هي علاقتكم مع رئيس الجمهورية؟
– ممتازة.
■ ومع الرئيس بري؟
– ممتازة ايضا.
■ ومع الرئيس ميقاتي؟
– ممتازة.
■ ولماذا تردي العلاقة مع العماد ميشال عون؟
– لا اعرف. يجب ان يسأل العماد عون عن هذا الامر. "التيار الوطني الحر" قوة موجودة، ونحن نحترمها ونقدر تضحياتها، ولكن استعمال المنطق الانتقامي والانتقائي دائما في العلاقة معنا هو الذي اوصل الامور الى هذه النتيجة، ونحن سعينا جاهدين لترتيب هذه العلاقة، لكن للاسف يبدو ان هناك عدم ود شعبي وسياسي من قبل "التيار الوطني الحر" تجاه الحزب التقدمي الاشتراكي.
■ وكيف هي العلاقة مع "حزب الله"؟
– العلاقة جيدة. مختلفون مع "حزب الله" حول الموقف من سوريا، ومتفقون حول السلم الاهلي. مختلفون حول الوضع في سوريا، ومتفقون حول اهمية سلاح المقاومة الى حين اقرار الاستراتيجية الدفاعية طبعا مع عدم استعمال هذا السلاح في الداخل. مختلفون حول الموضوع السوري، ومتفقون على وجوب عدم توريط لبنان في الحدث السوري بأي شكل من الاشكال. متفقون ايضا على ضرورة ان يكون هناك حوار بين اللبنانيين، وانه لا امكان لاقرار اي امر غلابا، بل بالتفاهم بين بعضهم البعض.
■ الامر الوحيد الذي تختلفون عليه هو الامر السوري، فلماذا لا تجتمعون اذاً؟
– نحن نجتمع، وهناك لقاءات دائمة، والاتصال قائم مع حزب الله، وليس هناك اي مشكلة.
■ هل يجتمع النائب جنبلاط والسيد حسن نصر الله؟
– مع السيد نصر الله لم تحصل لقاءات اخيراً، ولكن عندما تكون هناك حاجة فلا مانع من عقد اي لقاء، والتواصل يومي ومستمر مع حزب الله .
■ هل يمكن جنبلاط أن يغير رأيه بشأن الوضع السوري؟
– لا اعتقد انه سيكون هناك تغيير في الموقف. لقد احرقنا جميع المراكب غير آسفين.
■ حصل في السابق ان اختلفوا ثم تصالحوا، وعاد اليوم الى المواجهة!
– لا نستطيع ان نتجاوز ما يحصل في سوريا من بطش ودماء.   

السابق
الكتيبة الإسبانية وتقاليد البيض في إبل السقي
التالي
خصوصية النجف ألأشرف مستمدة من وجود مقام الامام علي(ع) فيها