مبادرة عنان تلفظ انفاسها

الجميع الآن ينتظر اعلان كوفي عنان المبعوث الدولي فشل التزام السلطات السورية بقرار وقف اطلاق النار للبحث في الخطوات المقبلة التي يمكن ان تترتب على هذا الفشل سياسيا وعسكريا.
منذ الدقيقة الاولى لبدء تطبيق الاتفاق بدأت الشكوك في التزام النظام بها، وبثت اجهزة اعلام المعارضة تصريحات تؤكد استمرار الاشتباكات والقصف في حمص وغيرها.

الاتفاق الوحيد بين النظام والمعارضة هو ان الطرفين يريدان فشل مهمة عنان، فالنظام يريد انهاء المعارضة بالقوة المدمرة، والمعارضة تريد تدخلا عسكريا خارجيا لانهاء النظام.
السؤال الملح الذي يطرح نفسه بقوة هو عما سيحدث في حال فشل مهمة كوفي عنان، وهو فشل متوقع حدوثه في نهاية المطاف؟ اصدقاء سورية سيرون في هذا الفشل مقدمة لأحد خيارين: الاول تدخل عسكري كامل من حلف الناتو. والثاني اقامة منطقة حظر جوي داخل الاراضي السورية.
السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا يفضل الخيار الاول، اي التدخل العسكري الكامل، وصرح للصحافيين المرافقين له في جولته التي حملته الى الصين والمملكة العربية السعودية بان انتهاك سورية للسيادة التركية باطلاق النار على معسكرات اللاجئين السوريين داخل الاراضي التركية ومقتل اثنين منهم، هو عدوان يجب ان يتصدى له حلف الناتو الذي تعتبر تركيا عضوا اساسيا فيه.
حلف الناتو يتلكأ في التدخل العسكري واكد امينه العام اكثر من مرة رفضه له، ونفاه كليا، لان معظم الدول الاعضاء لا تريده في الوقت الحالي على الاقل بما في ذلك الولايات المتحدة الامريكية.
ادارة اوباما لا تريد خوض اي مغامرة عسكرية في اي مكان اثناء فترة الانتخابات الرئاسية يمكن ان تنعكس سلبا على حظوظ الرئيس باراك اوباما والحزب الديمقراطي في الفوز، وهناك من يقول ان هذه الادارة هي التي اوعزت لعنان للتحرك لتهدئة الاوضاع في سورية كسبا للوقت، وبحثا عن مخرج سلمي.

السلطات السورية تدرك جيدا كل هذه الحقائق مجتمعة، مثلما تدرك ان المعارضة السورية بدأت في التحضير لمظاهرات ضخمة اليوم في حال استمر الالتزام بوقف اطلاق النار من الاطراف جميعا، ولهذا حذرت بالامس من انها ستتصدى لاي مظاهرات سلمية لم تحصل على اذن مسبق منها.
المعارضة لن تقدم الى النظام طلبا للاذن بالتظاهر، فهي ببساطة شديدة لا تعترف به وتريد اسقاطه، والنظام لن يعطي مثل هذا الاذن بين يوم وليلة حتى لو اراد، وسورية في نهاية المطاف ليست سويسرا.
اذن نحن امام مواجهة دموية في جميع الحالات، فقوات الامن ستتصدى لهذه المظاهرات بالطرق السابقة نفسها، وربما اكثر دموية بحجة انها غير مرخصة. والمعارضة ستؤكد شرعية مظاهراتها بالقول بان الفقرة الثالثة من مبادرة عنان التي قبلها النظام تبيح لها هذا الحق.
لا احد يستطيع ان يستقرئ ما يمكن ان تفصح عنه الايام المقبلة، والشيء الوحيد المؤكد ان مبادرة عنان ولدت من اجل ان تفشل لا ان تنجح.

السابق
ساركوزي: لا أثق بصدقية الأسد ولا بوقفه إطلاق النار
التالي
ميِّت يرثي ميتاً..!