الباص إن حكى… الحادثة قبل 37 عاما وما تلاها من جحيم

أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و"أمم للتوثيق والأبحاث"، مشروع "الباص إن حكى.. رحلات في ذاكرة لبنان واللبنانيين"، بالشراكة مع بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان، وذلك، عشية الذكرى الـ37 لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، في إطار السعي لعدم تكرارها، وذلك في "هنغار أمم"- حارة حريك.

فبين بوسطة عين الرمانة واللبنانيين علامة وثيقة لا تزال بصمتها راسخة في العقول والقلوب حباً وكرهاً لمرحلة تؤرخ لمحطات عاشها المواطنون كرّست نبذ الحرب التي لا تزال أجنحتها ترفرف فوق رؤوس أشخاص يدفعون حتى الآن أثمان حادثة "البوسطة" التي اقترفتها أيد تسعى حتى الآن الى جر البلاد الى مزيد من الانقسامات.

كان الباص بمثابة السبب المباشر في انطلاق مرحلة دموية فتكت بالبشر والحجر، فعلى متنه ذهب لبنان الى الحرب بكل سهولة ولم تستطع السنوات أن ترمم ما خلّفته تلك الحادثة التي ترسم في ذاكرة كل اللبنانيين رحلات من الألم والأمل بأن لا تتكرر مآسيها التي خلّفتها في كل البيوت.

قبل 37 عاماً، أطلق باص عين الرمانة شرارة الحرب وفي ذكرى اندلاعها تم الكشف عن باص نقيض له ليكون الباص الناشر للسلام وللتذكير بأن السعي للسلام لا يكون بالمناسبات وبالنوايا الطيّبة بل بالعمل على إنجاز معاملات الطلاق مع منطق الحرب وطيّ صفحة الماضي والقيام بمبادرات لنبذ العنف وبناء مستقبل أوضح وأنقى ومستقر.
رعى البرنامج رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ممثّلاً بوزير الخارجية عدنان منصور، في حضور النائب السابق صلاح الحركة، الممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي روبرت واتكنز، رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان بالوكالة دياغو اسكالونا باتوريل وممثل "أمم" لقمان سليم وفاعليات.

وقال باتوريل في كلمته: "نؤمن بأن القيمة الرمزية الكبيرة للباص الجديد تشكّل رسالة قوية نريد أن ننقلها بصورة مشتركة الى المجتمع اللبناني، تماماً كما يمثّل باص عين الرمانة الذي هوجم قبل 37 عاماً، في ذاكرة اللبنانيين رمزاً للحرب والإنقسام".

من جهته، قال واتكنز: "تواجُدنا في هذا المكان ليس صدفة، فمنذ 37 عاماً شارك الباص الذي ستمرّون بجانبه في حدث مريع أطلق شرارة الحرب الأهلية التي تركت أثراً لا يُمّحى في تاريخ البلاد وهوية شعبها". وتابع: "إن المضي قدماً يأتي من فهم الماضي، وطرح أسئلة مؤلمة وتقبّل الأجوبة الصعبة والعمل معاً على كتابة مستقبل جديد يساعد الوقت على النسيان ولكن الوقت وحده ليس كافياً".

وأضاف :"لهذا السبب، حوّلت "أمم" مكتبها الى مركز توثيق عن الحرب الأهلية لتقديم قاعدة للبنانيين لحوار مفتوح حول تاريخهم المشترك، الهدف ليس إلغاء الأبعاد المختلفة للموضوع، ولكن جمع وتقوية مسارات بناء الذاكرة الجماعية والمصالحة من أجل تخفيف الإختلافات وتشييد الثقة".وأعلن ان الباص الجديد سيجول لبنان مزوّداً بأرشيف تاريخ لبنان والحرب الأهلية، وسيقدم للبنانيين فرصة التفكير في تجربتهم وتجارب غيرهم في الحرب في إطار حوار منظم". وأكد "ان هذه المبادرة ستدعم أيضاً سياسة الحكومة في دمج التربية المدنية في المناهج المدرسية".
 

وفي ختام الحفل، جال الحضور على "باص عين الرمانة" الذي أطلق شرارة الحرب قبل 37 عاماً، وتم الكشف على "نقيض" باص عين الرمانة وهو "الباص إن حكى" الجديد الذي يروي أحداث الحرب الأهلية ويستعيدها.

والباص عبارة عن وحدة ستجول في مختلف المناطق اللبنانية وتضم ارشيف "أمم" عن الحرب الأهلية من يوميات وأحداث ورصد للضحايا والمفقودين والمرتكبين والمشاركين والفاعلين، وهو كناية عن مكتبة رمزية وأجهزة كومبيوتر محمولة وموصولة بأرشيف "أمم"، إضافة الى ماسح ضوئي وأدوات تسجيل سمعية وبصرية. وتم وضع جدول بأنشطة للأطفال والشباب والراشدين، تتناسب مع طبيعة المحطات التي سيزورها الباص.

كذلك، نظّمت «حركة السلام الدائم» ووزارة المهجرين بالتعاون مع وزارة التربية، تجمُّعاً لطلاب المدارس، أمام نصب «أمل السلام» قرب وزارة الدفاع في الفياضية، لمناسبة 13 نيسان ذكرى بدء الحرب اللبنانية، هدفه تحصين السلم الأهلي ورفض اللجوء الى العنف في النزاعات الداخلية، والتمسّك بالحقوق واحترام الواجبات والديموقراطية. ثم جال الجميع في معرض أسلحة استُعملت خلال الحرب، وتوجهوا الى المتحف الوطني لإضاءة الشموع عن أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال الحرب الأهلية في 13 نيسان 1975. 

السابق
وقف النار السوري… يُختبر!?
التالي
مركز سرطان الأطفال يحتفل بالذكرى العاشرة لتأسيسه