الاخبار: سليمان لن يوقّع مرسوم الـ8900 مليار

تفاعلت قضية حجب الرواتب عن موظفي الدولة في أيار المقبل، من دون أن يبرز مخرج قانوني يجيز الدفع من خارج القاعدة الاثني عشرية، مع اتجاه رئيس الجمهورية إلى عدم إصدار قانون الإنفاق المالي للحكومة بمرسوم

بقي مصير دفع رواتب موظفي القطاع العام في دائرة المجهول، فيما تتكثّف الاتصالات بين المعنيين لإيجاد حل قبل حلول أيار، موعد التوقف عن الدفع، بسبب عدم توافر الغطاء القانوني للإنفاق العام. وفي هذا الإطار، يسعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإقناع رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإصدار مشروع مرسوم الـ8900 مليار ليرة ، لما له من أهمية لعمل الحكومة، ولإنقاذ البلاد من أزمة عدم دفع رواتب الموظفين. وبعث بري بأكثر من رسالة في هذا الخصوص إلى سليمان، خصوصاً أن رئيس المجلس يرى أن إصدار مرسوم سيحرر العمل التشريعي من أي ابتزاز في هذا الملف، وهو يسعى وخلفه كتلة كبيرة من السياسيين والرسميين، إلى إقناع الرئيس بإصدار هذا المشروع قبل سفره إلى أوستراليا غداً، لكن سليمان لا يزال متريّثاً، ويرى أنه لا يزال يملك الوقت الكافي لبتّ هذا الملف قبل أن تدهمه أزمة عدم دفع الأجور والرواتب. وبالتالي، يتوقع عدد من متابعي الملف أن يرجئ سليمان حسم هذه القضية إلى ما بعد عودته إلى بيروت، فيما جزمت مصادر سياسية من قوى 8 آذار، وأخرى مقرّبة من النائب وليد جنبلاط، بأن رئيس الجمهورية غير متحمّس أبداً لاستخدام صلاحية إصدار مشروع القانون بمرسوم.

ورأت مصادر وزارية من قوى 8 آذار أن لا مبرر لعدم استخدام سليمان لصلاحياته، لافتة إلى أنه جرى التأكيد في مجلس الوزراء على أن استخدام هذه الصلاحية يكمّل عمل المؤسسات. وأشارت مصادر بري إلى أن إصدار هذا القانون في مجلس النواب أمر غير متاح بسبب إصرار قوى 14 آذار على إجراء مقايضة بينه وبين ملف الإنفاق المخالف للدستور والقوانين في حكومات الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري.

وانتقل الصراع على ملف مشروع الـ8900 مليار من الجانب التقني إلى الجانب السياسي، بعدما أصبحت القضية في عهدة سليمان. وبعدما فشلت مكوّنات الحكومة ونوابها في التصويت على المشروع في مجلس النواب، رُميت الكرة إلى قصر بعبدا، ما يدفع سليمان إلى تكثيف المشاورات بشأنها، ولا سيما أنه يرى أن إصدار هذا المشروع بمرسوم سيضعه في مواجهة قوى 14 آذار. لكن اللافت في المقابل هو أن سليمان الذي لطالما طالب بتعزيز صلاحيات الرئاسة الأولى لا يزال متردّداً أمام استخدام صلاحية منحه إياها الدستور (المادة 58) بوضوح لا لبس فيه. ولئن توقف سليمان أمام كونه مضطراً إلى إصدار المشروع كما خرج من الحكومة، أي من دون التعديلات التي أدخلتها عليه لجنة المال والموزانة النيابية، فإن رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان قدم لسليمان دراسة مكتوبة تتضمن حلاً لهذه «المعضلة». وينص هذا الحل على إصدار المشروع بالصورة التي أحالته بها الحكومة، على أن يجري الالتزام بالتعديلات بقرار صادر عن مجلس الوزراء. ولفت كنعان إلى أن الاموال المدرجة في المشروع أنفقت فعلاً في عام 2011، وبالتالي، فإن الهدف الرئيسي لهذا المشروع هو رفع سقف القاعدة الاثني عشرية لعام 2012. أما الضوابط التي وضعتها لجنة المال والموازنة، فلم تعد لها صلة بالمشروع ذاته بقدر ما هي قواعد عامة لأي مشروع مماثل.

الصفدي يطلب الغطاء

من جهته، أكد وزير المال محمد الصفدي أن وضع الدولة المالي سليم جداً، لكنه أوضح أن «الموازنة الوحيدة التي أُقرّت في المجلس النيابي كانت عام 2005، وقد استهلكنا احتياطي هذه الموازنة. وطلبت وزارة المال من الحكومة إضافة إنفاق بقيمة 8900 مليار ليرة على موازنة الـ2005 وحُوّل الاقتراح الى مجلس النواب، وهناك دخلت السياسة بحجمها الكبير، إذ رُبط إقرار هذا الإنفاق بإنفاق الـ11 مليار دولار»، مشيراً إلى أنه «دستورياً لا يمكننا أن ندفع رواتب آخر الشهر». وأعلن الصفدي أن رئيس الجمهورية «لم يبلغني أنه لن يوقّع على مشروع الـ8900 مليار».
من جهة أخرى، أبدى الصفدي امتعاضه من مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الاقتصاد نقولا نحاس منه، لافتاً إلى أن ميقاتي همس بكلام عن أنه «تقاضى عمولة في ملف استئجار بواخر لإنتاج الطاقة»، مطالباً ميقاتي بتقديم الإثباتات التي لديه عن الموضوع وفتح تحقيق فوري في الحكومة ومجلس النواب، معتبراً أن هدف ميقاتي كان إبطال استئجار البواخر. وتوقّع الصفدي ألا يكون ميقاتي مرشحاً للانتخابات النيابية المقبلة.
وفي حديث إلى محطة «LBC» ضمن برنامج «كلام الناس»، أكد الصفدي أنه حريص على المال العام، معتبراً أنه يجب فتح تحقيق في كلام الوزير نحاس عن أنه لا يؤتمن على هذا المال، وقال: «الولد الصغير لا يقول الكلام الذي قاله وزير الاقتصاد».

سجال الداتا مستمر

وفيما صرّحت شخصيات بارزة في قوى 14 آذار أمس بقرب عقد اجتماع واسع لهذه القوى، استكمالاً للقاء معراب أول من أمس، لفتت مصادر الأمانة العامة إلى أن جميع المشاركين في لقاء معراب طلبوا عقد الاجتماع لمتابعة القضايا المرتبطة بمحاولة اغتيال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كملف داتا الاتصالات وسبل التحرك لمواجهة الحكومة. وجرى تكليف النائب السابق فارس سعيد بإجراء الاتصالات اللازمة للإعداد لهذا الاجتماع. وتوقعت المصادر عدم اكتمال هذه الاستعدادات قبل أسبوعين، مؤكدة عدم وجود توجه للقيام بتحركات شعبية قبل الاجتماع الواسع.
في غضون ذلك، أكد جعجع، في مقابلة مع قناة «العربية»، أن محاولة الاغتيال التي تعرّض لها «جدّية وليست رسالة»، معتبراً أن سبب محاولة اغتياله أنه «وضَع المسيحيين في قلب الربيع العربي». وسأل: «كيف بإمكان التحقيق أن يكون جدياً في وجود حكومة كهذه، وحزب الله وحلفائه وحلفاء سوريا الذين يسيطرون على القرار السياسي وعلى ما استطاعوا أن يُسيطروا عليه من الأجهزة الأمنية؟ ولكن في مكان آخر، يبقى بعض اللبنانيين الذين لديهم النيّة الطيبة، طبعاً تُصبح حظوظهم أقل ولكن سنستمر بالمحاولة».
وكان وزير الاتصالات نقولا صحناوي قد زار رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، وحذر بعد الزيارة من خطورة تسليم «الداتا كاملة» للأجهزة الأمنية. ولفت صحناوي، في اتصال مع «الأخبار»، إلى كونه يدرك أن الحركة الجغرافية للاتصالات لا تحوي تسجيلات صوتية للمكالمات، مشيراً إلى أن «الداتا الكاملة» تتضمن «كودات» ورموزاً تقنية تسهّل التنصّت على مكالمات المشتركين في الهاتف الخلوي. ورفض صحناوي تفسير كلامه بأنه تعبير عن استعداده لتزويد الأجهزة الأمنية بالحركة الجغرافية الكاملة للاتصالات المجراة على كافة الأراضي اللبنانية، مؤكداً أنه غير معني بطلب كهذا، لكون قرار مجلس الوزراء واضحاً لناحية إحالة هذه الطلبات على الهيئة القضائية المستقلة التي لها صلاحية إبداء الرأي فيها. وقال وزير الاتصالات إنه مستعد لتزويد الأجهزة الأمنية بالداتا المحددة مكانياً وزمنياً إلى القوى الأمنية لاستثمارها في أي تحقيقات تريدها. من جهة ثانية، لفت صحناوي إلى أن مركز التحكم في الاتصالات (التنصّت) سيكون جاهزاً للاستخدام على نحو كامل نهاية الشهر الجاري، مع ما يعنيه ذلك من أن وزارة الاتصالات لن تزوّد الأجهزة الأمنية بأي داتا للاتصالات بعد بدء عمل المركز، وفقاً لقرار صادر عن مجلس الوزراء.

متابعة قضية «الجديد»

في إطار متابعة قضية تعرّض فريق محطة تلفزيون «الجديد» لإطلاق نار في منطقة وادي خالد، بحث رئيس الجمهورية مع الأمين العام للمجلس الاعلى اللبناني ـــ السوري نصري خوري في مسار التحقيقات القضائية لدى الجانب السوري، فيما رفض رئيس جبهة «النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط في حديث إلى إذاعة «الفجر» تعليقاً على مقتل المصوّر الزميل علي شعبان، «المطالبة بتحقيق في الحادثة، لأن الوقائع تؤكد أن جيشاً نظامياً أطلق النار على صحافي لبناني داخل الأراضي اللبنانية»، مطالباً بـ«محكمة دولية تبحث هذا الفعل الإجرامي».
وزار الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الوزير السابق فايز شكر أمس عائلة شعبان، مقدّماً لها التعازي باسم الرئيس السوري بشار الأسد.

تصعيد نقابي

في مجال آخر، تتجه قضية شغور منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى نحو التصعيد في قصور العدل. وأعلن نقيب المحامين في بيروت نهاد جبر استئناف اجتماعات نقابتي بيروت وطرابلس في الأسبوع المقبل لاتخاذ خطوات تصعيدية احتجاجاً على عدم تعيين رئيس المجلس.

اشتباك واحتجاج

أمنياً، وقع إشكال مساء أمس بين عائلتي فاضل والمصري في منطقة الغبيري ـــ الشياح، تطور إلى إطلاق نار وأدى الى سقوط جريحين نتيجة تعرضهما لطعنات بالسكاكين. وحضرت قوة من الجيش اللبناني، وعملت على ضبط الوضع.
وفي طرابلس، قطع أهالي حي البقار وشارع الأرز في القبة الطرق الرئيسية بمكعبات النفايات والسيارات، احتجاجاً على توقيف الأجهزة الأمنية صاحب إحدى الصيدليات في طرابلس يدعى (ف. هـ.) الذي أطلق سراحه لاحقاً وأعيد فتح الطريق.

السابق
جنرال 3 بواحد
التالي
تهديد أمني