النبطية سوق إعلاني حديث العهد حركة بلا بركة إقتصادية..

لوحات كبيرة، يافطات، ملصقات، إعلانات مضاءة بمختلف أنواع الطاقة، شاشة إلكترونية، بعض من الفنون الإعلانية التي تكتسح شوارع منطقة النبطية، ومداخل مدينتها، هجمة إعلامية تعاظمت حاليا، بعدما بدأت أطرها تتشكل بعد عدوان تموز وعودة المهجرين إلى قراهم، ما فتح شراهة شركات الإعلانات الكبيرة .
واقع المفاهيم الإعلانية في منطقة النبطية يشهد نهضة كبيرة وملفتة، وخصوصا بعد النهضة العمرانية الإقتصادية، مع المجمعات التجارية الجديدة، التي تواكب الأنماط العالمية، في طرق عرضها لأنواع المنتجات. الأمر الذي فتح الباب، أمام الكثير من الشركات لتطرح عروضها لجمهور محلي يعيش حالات من الدمار والنهوض الإقتصادي، بعد كل عدوان إسرائيلي على الجنوب. ليصبح كل مرة سوقا مفتوحا للأثاث المنزلي، والأدوات الكهربائية، وأدوات الترميم والبناء، ومجابل الباطون. حاجة هذا الجمهور لآعادة حياته بعد كل حرب، جعلته هدفا للشركات الإعلانية، يدر عليها أرباحا كثيرة.

فوضى إعلانية واضحة تعجّ بها الأتوسترادات الموصلة إلى النبطية. وتحديدا أتوستراد دير الزهراني زفتا. من اليافطات الصغيرة المنتشرة في وسط الأتوستراد، حيث وجوه طلاب أحد المعاهد في النبطية، تبتسم للقادم والذاهب، توزع شهادات تقديرها في الإمتحانات الرسمية بشكل مجاني. بات الطالب سلعة ترويجية اعلانية. إضافة إلى إعلانات الأفران والمطاعم، والنوادي الرياضية، ومحال السجاد والمفروشات. مع اللوحات الكبيرة والملفتة من إعلانات الشركات التجارية الكبرى، التي تتوزع في كل مناطق لبنان. التي كثرت أعدادها في الفترة الأخيرة، وخصوصا بعد عدوان تموز، وتوسعت مناطق أنتشارها، لتدخل مدينة النبطية بشوراعها الرئيسية والفرعية.

سعر مغري تقدمه بعض الشركات الإعلانية المحلية، لما يعرف ياليافطات الصغيرة، التي توضع على أعمدة الإنارة في وسط الطريق، فكل مئة يافطة تتراوح كلفتها خمس مئة دولار أمريكي، لمدة شهر واحد. تحسب قيمة الإعلان الكبير من حيث حجم ومساحة اللوحة، موقعها، ونوعها، واللوحات المقبولة فنيا، بمساحة ست أمتار مربعة، تترواح قيمتها خمسة آلاف دولار أمريكي في الشهر الواحد. مع تقديم العديد من الفنون الإغرائية للزبون، كإخراج إعلانه بشكل مجاني. يغيب عن معظم الإعلانات الموجودة للمؤسسات المحلية الإخراج الجيد، وبين ضياع الشركات بين مفهومي الإعلان والدعاية، تقوم معظمها بتعريف الناس، وليس الأعلان أو الترويج أو الدعاية لفكرة ما. فالمشهد الإعلاني المقدم بغالبه بعيد عن الإبداع والإبهار، ولا مشهدية للفكرة المطلوب إيصالها للناس، وبالتالي فإن قيمة فعالية الإعلان ضعيفة جدا، في أثرها على المتلقي، فلا حماس يشدّه للفكرة، ولا حتى يبقى لها أثر في ذاكرته، لتعود وتلفت إنتباهه مرة أخرى.

يشهد مجتمع منطقة النبطية تخمة إعلانية وإعلامية، تحديدا اعلانات الشارع. ثقافة الإعلان التلفزيوني والإذاعي تغيب قليلا، عن جمهور محلي مغلق تجاريا عن المدن الرئيسية. وتتوزع بعض إعلانات المؤسسات الكبيرة والحديثة العهد على بعض المجلات المحلية أيضا. يؤكد العاملون في مجال الترويج للإعلانات، ومنهم علي الشقور، "أن الناس في منطقة النبطية لا يعرفون أهمية الأعلان، ودوره في تحريك الدورة الإقتصادية وتفعيلها". وفيما يعاني مندوب الإعلانات كثيرا عند إقناع أصحاب المؤسسات، تجد الشركات الإعلانية يغيب دورها أيضا، في عملية إغراء الزبون. ما تقدمه لا يصل إلى المستوى المطلوب، لا يخطط مسبقا لحاجات السوق المطلوبة إعلانيا، وتشتهر عمليات الترويج والمضاربة والمنافسة بشكل عشوائي. سامر وهبي من العاملين أيضاً في هذا المجال، يعتبر "أن التقصير يقع على الطرفين، المرسل والمتلقي، فشركات الإعلانات المحلية الموجودة لا زالت ضعيفة مع كثرتها، من حيث مهنيتها وتدريب كوادرها. وسوق الإعلانات مفتوح لمن لا يجد عملاً، مع عدم خبرة في أصول هذا الفن الدعائي".

تعددت أشكال وأنواع إعلانات الطرقات الموجودة في مدينة النبطية، وبرزت في الآونة الأخيرة، إعلانات تواكب التطورات التكنولوجيا. شاشة كبيرة يضعها أحمد جابر فوق محله، تجذب الكثير من المؤسسات، أولا لإنخفاض قيمة الإعلان عليها، ولسهولته، بحيث يقدم على سي دي، ولا يتحمل التعقيدات الكبيرة. فكرة ذكية كانت مصدرا جديدا للربح، بساطتها تعطيها القدرة على الاستمرار، فلا كلفة سوى بعض الرسوم التي تأخذها بلدية النبطية. حاول بعض الشباب المتخريجين حديثا (فنون أعلانية ودعائية) تقديم أفكار جديدة، أنشأ الشاب محمد منتش موقعا إلكتروني إعلانيا متخصصا بمنطقة النبطية، وبكلفة رمزية جدا للأعلان الشهري، بقيمة عشرة دولارات أمريكية للإعلان الشهري، ولكن فكرته لم تنجح وسرعان، ما تراجع عنها.

تعمل بلدية النبطية على تنظيم هذا القطاع في المدينة، بموجب مرسوم رقم 8861، صادر في 25 تموز 1996، ويضم المواد من واحد إلى سبعة عشر، التي تراعي كافة الشروط القانونية للحصول على رخصة للمعلن. تحدد أماكن وضع الإعلانات وأنواعها، بحيث يوحد قياس اللوحات الإعلانية على جوانب الطرقات، ضمن مجموعة من الفئات المساحية المحددة، التي تفصل بينها مسافات محددة أيضا. كما ينظم القانون مسألة النظافة بحيث يمنع رمي بقايا الإعلانات المنزوعة على الأرض، وهذا ما كانت تواجهه بلدية النبطية، كما يقول الدكتور أحمد كحيل رئيس المجلس البلدي، الذي شدد على ضرورة الإلتزام بهذه المادة من قبل الشركات الإعلانية. هذا وتخضع اللوحة الإعلانية للعديد من الشروط، ويحال الملف إلى مكتب التنظيم المدني في المحافظة ليبت في أمر الموافقة أو عدمها. كما يحدد القانون الذي تلتزمه بلدية النبطية نسبة الإعلانات لكل شركة في المدينة، بحيث لا تتجاوز العشرة بالمئة من أجمالي الإعلانات الموجودة. وتجدد رخصة الإعلان سنويا من البلدية.

الأخلاق العامة واحترام العادات والتقاليد والبيئة الموجودة في منطقة النبطية، هي من المعايير التي تنظر إليها البلدية للموافقة على الرخصة، حتى لو استوفت الشروط القانونية كاملة. وفيما أصبح هذا القطاع مصدراً إضافياً وفعالاً لزيادة أيرادات صندوق البلدية، لتغطية الكثير من النشاطات التي تعتمد على إيرادات "البارك ميتر" و"الإعلانات".
 

السابق
ابادي: ايران تدعم الاصلاحات كما المطالب المحقة للشعب السوري
التالي
خادمة غاردت في ظروف غامضة في كفرمان