اللواء: سليمان يرفض التحريض العوني على مخالفة الدستور والبنزين يهدّد الإستقرار الحكومي

انتعشت الحركة السياسية ولو باتجاه واحد في الاسبوع الفاصل بين الفصحين، فاجتمعت قوى 14 آذار في معراب، في لقاء ضم نحواً من 200 شخصية لاعلان التضامن الكامل مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، والاستنكار البالغ لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها الاسبوع الماضي، ومطالبة الحكومة باحالة القضية الى المجلس العدلي، والزام وزير الاتصالات نقولا صحناوي بتسليم "داتا" الاتصالات المتعلقة بمحاولة الاغتيال للاجهزة الامنية والقضائية المعنية بالتحقيق محذرة الحكومة من الاستنكاف عن تحقيق هذا الطلب او تمييع التحقيق.
وعلمت "اللواء" انه كانت لجعجع مداخلة، في بدء اجتماع 14 آذار في معراب، وصفت بانها كانت بالغة الاهمية، اذ قال ان "قوى 14 آذار في عين العاصفة، وعلينا جمعياً ان نعي ذلك، وان نتصرف على هذا الاساس"، واضعاً محاولة اغتياله في اطار "المواجهة الكبرى التي تجري في المنطقة"، مشيراً الى انها لو نجحت لكان لها تداعيات خطيرة جداً على الوضع المسيحي في لبنان".
واعتبر جعجع بحسب مصادر المجتمعين "ان المعركة التي يخوضها النظام السوري وحلفاؤه هي معركة نهائية على قاعدة اما قاتل واما مقتول"، مشيراً الى ان "هذه المعركة قد تمتد من بضعة اشهر الى سنة او سنتين، وهو ما يتطلب التفكير العميق والجدي في كيفية ادارة هذه المواجهة التي دخلت في مرحلة جديدة اليوم".
وفي سياق متصل كشفت مصادر مطلعة على التحقيق في محاولة اغتيال جعجع ان "الاجهزة الامنية وضعت يدها على عناصر يمكن ان تتحول الى ادلة، ومنها بعض انسجة الثياب وعبوة مياه فارغة يجري البحث في ما اذا كانت تحمل بصمات DNA تساعد على كشف هوية الفاعلين"، وقالت المصادر ان ادلة مهمة اضافية "لا يجوز الافصاح عنها الان تتصل بعبور اشخاص من والى موقع الكمين الذي نصبت فيه القناصتين ويمكن لها ان تفتح نافذة مهمة في مسار التحقيق".
وكشفت مصادر المجتمعين في لقاء معراب، ان البيان الذي صدر صاغته لجنة شكلت من النائبين جورج عدوان وعمار حوري والنائب السابق الياس عطا الله ومروان صقر من "التجدد الديمقراطي" الذي عاد الى حضن 14 آذار، وكان في الاصل موسعاً، قبل ان تعاد صياغته مجدداً ويقتصر على النقطتين اللتين ركز عليهما البيان، مع حرص زائد على انتقاء العبارات، وتلميح يقترب من التصريح الى مسؤولية النظام السوري من العودة الى الاغتيالات التي توقفت بعد اتفاق الدوحة.
ولاحظت ان اعتبار محاولة الاغتيال تمثل رد "الفاعلين هي عبارة حمالة اوجه تصيب في سياقها العام الحلفاء الاقوياء للنظام السوري".
الا ان البارز في البيان، اعتبار 14 آذار ان الاولوية الوطنية الان هي في الحفاظ على السلم الاهلي، والابتعاد عن ردود الفعل التي تعيد البلاد الى الحرب الاهلية معتبرة ان المسألة تحقيقاً واجراءات تتوقف على عاتق الحكومة بالدرجة الاولى.
ولفتت الى ان مداخلة جعجع فتحت الباب امام نقاش موسع لم يخل من نقد ذاتي عن التقصير السياسي والنيابي والاعلامي لقوى 14 آذار في التعاطي مع محاولة الاغتيال، وخلص النقاش الى ضرورة وضع خطة متكاملة لمواجهة تطورات المرحلة المقبلة على وقع ما يجري في سوريا، وكانت مداخلات لبعض النواب عن جلسة المناقشة العامة النيابية عما اذا كان هناك من قرار بطرح الثقة بالوزيرين جبران باسيل ونقولا صحناوي، وكان "هناك رأي مختلف يقول اننا لا نستطيع طرح الثقة من دون ضمان اسقاط الحكومة، وبالتالي، فإن هذا الامر يحتاج الى موقف مماثل من النائب وليد جنبلاط، علماً ان المعلومات المتوافرة لدى الجميع تشير الى ان جنبلاط ما زال متمسكاً بالحكومة، واذا طرحت الثقة فإنه سينضم الى مؤيدي الحكومة، وبالتالي نكون قد اعطينا الحكومة ثقة جديدة، وليس هذا هو المطلوب.
ورأى هذا الفريق وجوب التلويح بالثقة من دون استعمالها، إلا اذا حصل ما هو مفاجئ وتغير موقف جنبلاط داخل الجلسة.
واوضحت ان النقاش تناول ايضاً الوضع السوري وتأثيراته على لبنان، وتأثيرات الفريق الآخر على بقاء النظام السوري كما نوقش موضوع سلاح حزب الله، من زاوية ضرورة التركيز على أنه لا يجوز استمرار الوضع في ظل هذا السلاح، وهذا ما يستدعي خطة مواجهة للمرحلة المقبلة بكل احتمالاتها مع وضع آلية لهذه الخطة.
أما في موضوع محاولة اغتيال جعجع، فقد كان هناك إجماع من الحاضرين، في ضوء ما شرحه رئيس حزب "القوات" إلى أن العملية جدية، وأنها جزء من خطة متكاملة تستهدف قيادات 14 آذار، وعلى هذه القوى أن تعتبر أن الوضع قبل محاولة الاغتيال ليس هو ما بعدها، وأنه يتعين وضع خطة عمل يجب أن تبنى انطلاقاً من هذه القاعدة، وأن تؤخذ الأمور بجدية أكثر.
صلاحيات رئيس الجمهورية
قبل هذا اللقاء الموسّع، كان الرئيس ميشال سليمان يستمع من موفد تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب ابراهيم كنعان ليس بوصفه رئيساً للجنة المال والموازنة النيابية، بل بوصفه صاحب اقتراح، لفت نظر الرئيس سليمان إلى نص المادة 58 من الدستور الذي يعطيه صلاحية "إصدارمرسوم تنفيذي بعد موافقة مجلس الوزراء" حول مشروع القانون المتعلق بإنفاق 8900 مليار ليرة لبنانية، من خارج الموازنة، عن عام 2011، والذي سبق للحكومة أن أحالته الى مجلس النواب، وطرح على جدول أعمال إحدى الجلسات من دون أن يقرّ.
وتنص المادة على أن مهلة الـ 40 يوماً هي مهلة تتيح للرئيس استخدام حقه الدستوري بإصدار المرسوم حول مشروع القانون المذكور ليصبح نافذاً.

وتشير أوساط مطلعة إلى أنه، وإن كانت الشروط الدستورية متوافرة في الحالة الراهنة، إلا أن رئيس الجمهورية ليس بإمكانه الإقدام على هذه الخطوة للأسباب التالية:
1- أن مجلس النواب اتجه إلى عدم إقرار زيادة إنفاق عام 2011 ما لم يحدث وحدة تشريع في ما يتعلق بـ 11 مليار دولار عن إنفاق السنوات من 2005 إلى 2010 من خارج الموازنة، ورئيس الجمهورية بامتناعه عن السير في خطوة إصدار مرسوم بإنفاق عن سنة واحدة يكون ضرب عرض الحائط برغبة مجلس النواب ومبدأ المساواة في الاجراءات.
2- أن مجلس الوزراء خطا خطوة في اتجاه توحيد تغطية تشريعية للإنفاقات من العام 2005 إلى 2011، وربما الـ 2012 إذا لم تقرّ الموازنة، وبدت الخطوة الأولى بإقرار مشروع قانون بقطع حساب للسنوات المذكورة، وإحالته إلى مجلس النواب.. لذا لا يصح أن يعرقل رئيس الجمهورية هذا المنحى الوفاقي العام.
3- أن الحق الدستوري يصح استخدامه عندما يخدم المصلحة الوطنية ويدعم المسار الوفاقي، أما إذا كان يسير في اتجاه آخر، فالمسألة تصبح محل نظر وتبصّر، والرئيس الذي يتبع مسلكاً توافقياً ينطلق في التعاون مع هذه المسألة من وجهة المصلحة الوطنية العليا.
4- هذا في القانون والممارسة الدستورية، أما في السياسة فإنه يبدو واضحاً أن تكتل عون يحاول من خلال اقتراحه على الرئيس إقحامه في معركة مع تيار "المستقبل" الذي يرفض إقرار المشروع قبل تسوية تشمل إنفاق المليارات الـ 11 عن سنوات 2005-2010، والذي يبدو أن الاتجاه العام سواء في مجلس النواب أو الحكومة هو السير في مسار متوازٍ بين المسألتين.. فضلاً عن استخدام الرئيس لصلاحياته في هذه اللحظة السياسية تأتي وكأنها محاولة التفاف على اتفاق الطائف، أو العودة مجدداً إلى إثارة مسألة صلاحيات رئيس الجمهورية.
مهما كان من أمر، فإن ما أعلنه وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، في هذا السياق، يكشف عن اشتباك سياسي دارت وقائعه في مجلس الوزراء، وتنوي بعض القوى السياسية العودة إليه مرة ثانية، ومن أجل ذلك حرص الرئيس سليمان على حصر استقباله للنائب كنعان في إطار "طلب توضيحات حول التعديلات التي أبدتها لجنة المال والموازنة حول مشروع 8900 مليار ورفعها إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي.
وكان أبو فاعور نقل عن الرئيس سليمان قوله أنه يتمسك بصلاحياته، ولكن في الوقت نفسه، فإن صلاحيته بإصدار المراسيم تطال المرسوم الذي له علاقة بالموازنة وليس بنفقات عن فترات سابقة، في إشارة إلى مشروع الـ 8900 مليار لتغطية الإنفاق من خارج الموازنة عن عام 2011.
ورفض مصدر وزاري وسطي التهويل العوني في مجلس الوزراء بالضغط على الرئيس لتوقيع الانفاق من جانب واحد، لا سيما الحملة العونية التي تتحدث عن تقاعس الرئيس عن ممارسة صلاحياته الدستورية.
وعلم ان اتصالات تجري مع وزراء الفريق الشيعي لاقناع عون بعدم اقحام مجلس الوزراء "بنزاع" مع رئيس الجمهورية لان من شأن ذلك ان يمس الاستقرار الحكومي، لا سيما وان المرحلة ما تزال تستوجب تضامنا رئاسيا وحكوميا لتمرير بعض التعيينات ومواجهة الاستحقاقات الهائلة، وخاصة المعيشية منها، مع سلسلة الاضرابات التي بدأت تطل برأسها الاسبوع المقبل، سواء باضراب قطاع النقل ثلاثة ايام، او دعوة رابطة اساتذة التعليم الثانوي للاضراب الاربعاء المقبل.
"داتا" الاتصالات
وشكل الاجتماع الموسع لقيادات 14 آذار في معراب، مناسبة قوية لطرح ملف "داتا" الاتصالات في مسارها الحقيقي، نظرا لاهميتها البالغة على مستوى قمع الجريمة وضبط الوضع الامني.
وفي هذا السياق، لفتت مصادر في المعارضة إلى ان الاجهزة الامنية تطلب يوميا من وزارة الاتصالات معلومات "داتا" لارقام معينة في مناطق محددة، الا ان الوزارة تتباطأ جدا، ما يستدعي احيانا تدخل وزير الداخلية مروان شربل للافراج عن الاذن بالحصول على هذه المعلومات، مستغربة عدم تجهيز غرفة التحكم الاعتراضي (التنصت) بالأجهزة المطلوبة والمعدات الناقصة لتمكينها من اعتراض التخابر الخليوي.
وكشفت المصادر ان الوزير شربل سيرفع تقريرا إلى مجلس الوزراء بعد الاعياد، يضمنه طلب تزويد الغرفة بالمعدات اللازمة لتؤدي المهمة المنوطة بها كاملة والتحكم بالتخابر الخلوي وكذلك الارضي، بحيث يمكن في ضوء هذا الاجراء اذا ما تم، الحصول على "داتا" الاتصالات من دون العودة إلى وزارة الاتصالات.
قانون الانتخاب
إلى ذلك، يتوقع ان يشهد محور قانون الانتخاب زخماً ملحوظا بعد عودة الرئيس سليمان من زيارته إلى اوستراليا التي يبدأها يوم السبت المقبل، بعدما ابدى وزير الداخلية رغبة في استعجال بت مصيره، واختيار احدى الصيغ المطروحة بين النسبية وقانون فؤاد بطرس والاكثري المعتمد راهناً (قانون 1960).
وأكدت مصادر مواكبة ان القانون الذي سيعتمد لن يرتكز حكماً إلى التقسيمات الادارية المعمول بها حالياً، بل سيتم اعادة النظر بالدوائر لتصبح 14 أو 15 دائرة.
وكانت اللجنة المنبثقة عن اللقاء المسيحي الموسع في بكركي عقدت اجتماعاً في المجلس النيابي، بقي خارج الاعلام، اكدت خلاله على ضرورة طرح واقرار قانون جديد للانتخابات، باعتبار ان القانون الحالي لا يراعي صحة التمثيل بالنسبة إلى المسيحيين، ولا مبدأ المناصفة، وتم التداول في البدائل المطروحة لبلورتها بعد استكمال دراسة تفاصيلها ليصار إلى تبني احدها ورفعه الى اللقاء الموسع.

مصور "الجديد"
أما في جديد قضية مصرع مصور تلفزيون "الجديد" علي شعبان على الحدود اللبنانية – السورية، فقد تمثل في استدعاء الرئيس سليمان للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، لاستيضاحه ما يملكه من معلومات عن الحادث، في وقت اعلنت فيه قيادة الجيش في بيان، انها باشرت التحقيقات الميدانية بالحادث، بما في ذلك الاتصال بالجانب السوري عبر اللجنة العسكرية المشتركة للوقوف على ظروف الحادث واسبابه بدقة، وتحديد المسؤوليات لمنع تكرار حوادث مماثلة من شأنها ان تودي بحياة مواطنين ابرياء وتزيد من منسوب التوتر على جانبي الحدود.
وإذ اسفت لاستشهاد المصور شعبان اكدت اهمية التزام توجيهات قوى الجيش والتنسيق المسبق معها في ما يتعلق بالتنقل ضمن الاماكن الخطيرة، ضمانا لتدخل الجيش بالسرعة القصوى، ومنعاً لأي التباس.

السابق
الشرق: 14 آذار من معراب: احالة محاولة الاغتيال على المجلس العدلي
التالي
الأنوار: لقاء موسع ل 14 اذار في معراب تضامنا مع جعجع : لاحالة محاولة الاغتيال الى المجلس العدلي وتسليم الداتا