رحل علي وبقينا على حالنا

لا يمكن لأحد ايا تكن درجة ولاءه، تأييده او تعاطفه مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد ان يصيغ المبررات ويحلل في الاهداف " الاستراتيجية " ويطلق النظريات والاستنتاجات لجريمة بشعة تعرض لها فريق من الاعلاميين على ارض لبنانية مئة في المئة وفي وضح النهار. يمكن لاحدهم ان يبرر اطلاق النار العشوائي والقاتل في آن من قبل حرس حدود الجيش السوري بأنه يأتي في سياق الضغط النفسي الذي يعيشونه في تلك المنطقة بالتحديد حيث تهريب السلاح والمجموعات القتالية جار على قدم وساق، ولكن السؤال هل تحدث تلك العمليات مع شمس النهار وعلى مرأى من حرس الحدود؟. والى اي مدى ليس بمقدور جيش نظامي القيت على عاتقه مهمة الرصد والمراقبة والتدقيق منعاً لعمليات تدفق الاسلحة والمسلحين ان يبدو غير قادراً على التمييز بين سيارة يقودها فريق اعلامي تحدث معهم للحظات في وضح النهار وبين سيارة مهربين من غير الممكن ان تمارس نشاطها إلا مع حلول عتمة الليل.
استشهد علي شعبان اذا، ولا نعرف هوية قاتله بالتحديد، سواء انتمى الى جيش نظامي او حر، ولكن في المحصلة رحل علي اسوة بمئات حتى لا نقل الاف من الابرياء ممن يدفعون فاتورة حروب عبثية، حروب يدفع العزل فيها من مدنيين واعلاميين ثمن سلميتهم. رحل علي ولم ترحل معه عملية حسابية لبنانية تقوم على الخسارة والربح. برقيات المعزين انهمرت كالرصاص ومن كل حدب وصوب، من سياسيين ومحازبين وقادة ورؤساء التقطت عدسة علي الكثير من الصور الظاهرية لهم ولكنها لم تستطع لمرة ان تغوص الى داخلهم وان تدرك ماذا يضمرون. رحل علي وهو الذي لم يتردد للحظة في ان يكون في قلب الحدث خلال العدوان الاسرئيلي في تموز 2006، رصدت عدسته همجية العدو في الضاحية الجنوبية ووثقت جرائمه في قانا وسجلت انتصاراً تاريخياً للبنان ضمن ارشيف الحروب العربية.
رحل علي شعبان ولم يدر ان شهادته ستكون بـ " نيران صديقة" حسب قول احدهم، حتى ان هذا الاحد، وجد في استشهاده فرصة ثمينة لتأكيد رأيه الاستراتيجي على صعيد المنطقة وعلى صحة خياراته في التعامل مع الاحداث السورية، وذهب الى حد محاسبة علي على لصقه لصورة بشار الاسد على مكتبه، وتمسك اهله بخيار المقاومة- المتحالفة مع النظام السوري-. ربما يكون من الاجدر بنا ان نترفع الى مستوى الشهادة، ونرتق الى درجة نحترم فيه اراء وافكار خصومنا حتى بعد رحيلهم. ليس هناك ما يبرر الحملات التحريضية المتبادلة بين معارضي النظام السوري وحلفاءه عند اي مصيبة او فاجعة تصيب احدنا وكيف اذا كانت الحادثة ترتقي الى مستوى الشهادة. لقد آن الاوان كي نتحد ويتفهم بعضنا الاخر واذا ما عجز الموت عن جمعنا فمن يجمعنا اذا.

السابق
تدابير سير من الغبيري الى المشرفية بسبب التزفيت
التالي
الشرق: 14 آذار من معراب: احالة محاولة الاغتيال على المجلس العدلي