إليكَ يا كازانوفا… ؟!

تضع المرأة منذ نعومة أظفارها رسماً محدّداً في مخيّلتها لفتى أحلامها والرجل الذي سيخفق له قلبها. وعندما ترى في مجلّة أو على شاشة التلفزيون نجماً يستجيب لهذه المعايير تظنّ أنّ حلمها بات على قاب قوسين من أن يتحقّق.

قبل كلّ شيء لا يهمّ المرأة لون عينيّ الرجل، أزرق، أخضر أو رمادي، سواء كانتا قريبتين أو بعيدتين عن بعضهما البعض، كبيرتان أو بحجم "خرم الإبرة"، المهم أن تكون نظرة الرجل معبّرة، عميقة، فيها مسحة من الفرح الممزوجة بالمكر الذي ينمّ عن الذكاء و"الهضامة". بالنسبة إليها، يجب أن تعبّر العينان عن رسالة ما، ذلك لأن ليس هناك أسوأ من النظرة التائهة، الخاوية، مع الإشارة الى أنّ العينين الحالمتين توحيان أحياناً كثيرة بالغموض لكنّهما إذا أسرفتا في التوَهان في عالم الأحلام، قد تضفيان على الرجل مسحة حماقة و"هبل" فحذارِ… يا سيدي!

أمّا الابتسامة فتعني لها الكثير، لذا عليكَ الاعتناء بمنطقة الفم هذه وإيلائها العناية اللازمة، خصوصاً في ما يتعلّق بالأسنان واللحية والشاربين، بحيث حين تنظر إليكَ إحدى المعجبات يجب ألّا تذكّرها بلحية ذكر الماعز مثلاً، أو أيّ حيوان آخر من ذوي اللحى والـ"وبر" المسترسل، لذا يجب ان تكون مشذّبة بشكل مثاليّ للحؤول دون "الوخز والعقص" في حال أقدمتَ يا سيّدي كعادتِك (السيّئة)، على التقبيل والاحتضان والمعانقة (لو تراكَ زوجتك!)… ولعلّ أكثر ما يلفت المرأة، الساعدان المفتولان باعتدال، أي غير المنتفخين كالبالونات الهيدروجينية. واليدان القويّتان المكسوّتان بالوبر دليل الرجولة الحقّة شرط ان تكون الأظافر مقلّمة ومُعتنى بها كما يفعل معظم الرجال العصريّين. وتحبّ الرجل الذي يتمتّع بثقة كبيرة بالنفس والذي يترك لديها انطباعاً إيجابيّاً لا يُنتسى. وأكثر ما يستهويها الرجل الاجتماعي المحبوب والذي يسعى الجنس الخشن (لا اللطيف) الى الفوز بصداقته، والذي يشارك في النشاطات الرياضية الاجتماعية ويهوى متابعة المباريات الخاصة بالذكور (وإن كانت تمقتها) فتعلّقه بها من الشيَم الذكريّة، وهي تحبّه رجلاً بكلّ ما للكلمة من معنى. ومن غير الضروري أن يتقن فنّ الرقص العصري أو الكلاسيكي، لكنّها تريده أن يتكيّف مع الأجواء المحيطة به برقيّ وأخلاق سامية خصوصاً في غيابها! فهل هذا النوع من الرجال الذين يتصرّفون برقيّ وأخلاق سامية موجود؟ أي الرجل الأبيّ الذي يرفض أن يكون كازانوفا زمانه من جهة، ومن جهة أخرى يرفض أن يكون كالزهرة التي يحوم حولها النحل الأنثوي لمصلحة "معيّنة"! نعم يوجد رجال يتصرّفون بإباء وأخلاق رفيعة المستوى في غياب زوجاتهم وحضورهنّ، لكنّهم نادرون! ويجب ألّا تنسى سيّدي، أنّ المرأة الراقية والرقيقة، تهوى الرجل المطّلع على الموضة والملمّ بثقافة شاملة، وتميل إلى من يتميّز بحسّ فكاهيّ بعيد عن الألفاظ السوقيّة، ولا يعتمد على الدعابات المبنيّة على معانٍ بذيئة إلّا في حال كان يتعامل مع إمرأة من مستوى نكاته المبتذلة… وأخيراً وبكلّ تأكيد، تهيم المرأة بالرجل الذي يداري مشاعرها ولا يدمي قلبها بتصرّفاته الرعناء بهدف استدرار دموعها، لأنّه في نهاية المطاف سينقلب إعجابها به الى كره وضغينة خصوصاً إذا كانت تعامله باحترام ولا تسعى الى إغضابه!

بعد تعداد بعض من الصفات التي تستهوي المرأة، لمَ إذن تُغرَم أحياناً بالرجل الذي لا يستجيب للصورة التي رسمتها في مخيّلتها؟

يجيب الدكتور نبيل خوري الاختصاصي في علم النفس العيادي والتوجيه العائلي والجنسي قائلاً:

هناك عدّة عوامل، إذ ما إن تبلغ الفتاة سنّ المراهقة حتى تستيقظ لديها ما يسمّى بلغة علم النفس "الهوّامات" أي الـ Fantasmes نتيجة الضغط الهرموني الشديد والذي يُضاف اليه عامل المنافسة بين رفيقاتها فتسعى للتمثّل بهنّ. وعندما تكبر يحلّ المنطق والعقلانية مكان العواطف واللواعج والأحاسيس، وتتفتّح على شؤون الحياة وشجونها. وحين تغدو امرأة ناضجة تختلف الصورة كلّياً عمّا كانت عليه في مراحل النضوج الأولى. حتى إنّها قد تغُرم برجل مناقض تماماً للصورة التي حلمت بها كونها في سنّ الرشد تولي الصفات المعنوية أهمّية أكبر من المظاهر والشكل الخارجي الجميل، فتدرك أنّ الواقع مغاير تماماً لما تراه في الأفلام السينمائية وعلى صفحات المجلّات والصحف.

السابق
كذبة 13 نيسان
التالي
الجنس والأزمة المالية