مهمة أنان في خطر

الوقائع تغلب التوقعات في الواقع السوري. فما كان، حسب التفاهمات المعلنة، نهاية العد العكسي لسحب الجيش من المدن والقرى، وضعته الخارجية السورية في باب الخطأ في الفهم. وما كان الموعد المحدد من كوفي أنان يوم ١٢ نيسان لوقف العنف من كل الأطراف تمهيداً للحوار على حل سياسي، دخل خانة الوعود الضائعة. وكل شيء يوحي أن ١٠ و١٢ نيسان سيكونان مجرد يومين من أيام الأحداث الدامية في سوريا.
ومن الطبيعي أن تنشغل القوى في الداخل والخارج بالأسئلة الصعبة: هل فشلت، أو أقله تعثرت، مهمة كوفي أنان قبل أن يعود الى دمشق ويذهب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو؟ الى أي حد يمكن إنقاذ مهمة أنان التي بدأت بالإجماع في مجلس الأمن ثم بالمفرق في العواصم المعنية على دعم مقترحاته الستة لإخراج سوريا من المأزق ومعها القوى الإقليمية والدولية؟ وهل كانت المهمة، أصلاً، مرشحة للنجاح في صراع مصيري داخلي على النظام وصراع استراتيجي إقليمي ودولي على موقع سوريا فوق الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط؟

الأجوبة مقروءة على الأرض بمقدار ما هي خاضعة للاستقراء في المداولات الدائرة في كواليس الأمم. فما تطلبه دمشق للوفاء بالتزاماتها هو ضمانات خطية من المجموعات المسلحة الارهابية بوقف النار وإلقاء السلاح، وأخرى من دول مثل تركيا والسعودية وقطر وسواها بالتوقف عن التمويل والتسليح للمعارضين. وهي تعرف انه لا أحد يقبل ان يسمي نفسه أو يعترف بأنه ارهابي في وثيقة خطية، ولا من السهل على أي دولة ان تلغي خياراتها ورهاناتها في الصراع.
والمطلوب من النظام، حتى حسب مقترحات أنان قبل الحديث عن مطالب المعارضين هو في النهاية ان يتغيّر. وليس هذا ما يريده. فهو أصرّ على الحلّ الأمني – العسكري لمنع الوصول اليه.

واستخدم على مدى أكثر من سنة كل الأوراق في الداخل وأفاد من أوراق روسيا والصين وايران للحفاظ على نفسه والتمسك بالرئيس بشار الأسد، كما لمواجهة ما سماه المؤامرة على سوريا ودورها في الممانعة والمقاومة. وهو يعرف ماذا يحدث اذا سحب الجيش وسمح بالتظاهرات السلمية، وان كان بقاء الجيش في المدن والقرى مشكلة لها تبعات وأثمان، وسط الاغراءات بالانشقاق عنه.
لكن مهمة أنان، كما وصفها الرئيس الروسي ميدفيدف، هي الفرصة الأخيرة لتجنّب الحرب الأهلية. والأصح لتجنّب توسّعها لأن مقدماتها حدثت. ولا أحد يجهل مخاطر الحرب الأهلية على سوريا كبلد ودولة. والأخطر هو ان الحرب الأهلية مرشحة لأن تكون حرباً اقليمية ودولية بالوكالة أو حتى بشكل مباشر.

السابق
الحوار.. خاضع لسيطرة الإناث
التالي
صوتٌ من الماضي البغيض