اللواء: مأساة إعلامية – إنسانية في وادي خالد سليمان وميقاتي يطالبان بالتحقيق والمحاسبة بإستشهاد المصوّر

أضاف استشهاد المصور التلفزيوني في قناة "الجديد" علي شعبان، بنيران أتت من الجانب السوري في منطقة وادي خالد بعد ظهر امس، شمال لبنان، بنداً ساخناً على جدول المتابعة اللبنانية، مع انتهاء المهلة المعطاة لوقف العنف بين النظام السوري والمعارضة المسلحة.
ولئن بدا ان ثمة اجماعاً على ادانة الحادث، في ضوء التبرير السوري لاطلاق النار والذي سيق عن لسان مصدر اعلامي في وكالة الانباء السورية (سانا)، فإن الايام المقبلة ستشهد مزيداً من التجاذب حول هذا البند، بعدما طالب الرئيس نجيب ميقاتي "بفتح تحقيق ومحاسبة الفاعلين"، وسط مطالبات باستدعاء السفير السوري في لبنان لابلاغه موقف الحكومة اللبنانية، والذي عبر عنه الرئيس ميقاتي، متفقاً مع الرئيس ميشال سليمان على هذا الموقف، والذي نسب اليه مكتبه الاعلامي بأنه اتصل بسفير لبنان في سوريا وكلفه "بمطالبة السلطات السورية بجلاء ملابسات الحادث ومتابعة التحقيقات كي تأخذ الاجراءات القضائية مجراها وفق القوانين المرعية".
وهذه البداية المأساوية للاسبوع ضاعفت من حدة الملفات الخلافية مع تزايد الانقسام حول قانون الانتخاب وتسجيل اول سجال كلامي بين النائب وليد جنبلاط وحزب الله حول مسألة النسبية في القانون الجديد او عدمها، حيث رد النائب نواب الموسوي على جنبلاط من دون ان يسميه محذراً من ان "المساهمة في التعثر لن يقطف صاحبه منه إلا ثماراً مرة، لان احداً لا يستطيع البقاء في المعادلة السياسية فاعلاً اذا كان حلفاؤه في الحكومة سيضعفون نتيجة ادائها".. وهو في ذلك كان يرد على جنبلاط الذي اعاد طرح موضوع سلاح حزب الله، أمام كوادر الحزب التقدمي الاشتراكي في المتن، معلناً انه مع السلاح في الدفاع من لبنان في مواجهة إسرائيل، ولا لاستخدام السلاح في الداخل، مشيراً إلى أن طريق الشام هي للجميع، وليس كلما اعتدى أحد على آخر بالضرب في الكولا، "فتخلّف" في بعلشميه أو في بحمدون.
وقال: غداً ستأتي الانتخابات، الذي يريد أن يربح ليربح، ولا مشكلة في الربح والخسارة، المهم أن لا ندخل في أي توتر مذهبي ولا طائفي.
اضاف: هذا السلاح سيصبح يوماً جزءاً من الدولة، والذين ينادون بنزع السلاح، أو بمعنى نريد السلاح بأي شكل مخطئون.
وشكل هذا التساجل أوّل اشتباك كلامي بين جنبلاط وحزب الله رغم أن زعيم المختارة، أكّد التزامه الاستمرار في التسوية التي حصلت في 7 أيّار 2008 مع الحزب، ولاحقاً اللقاء مع السيّد نصر الله، وهو جاء على خلفية "كباش خفي" على قانون الانتخاب الذي تمنى الرئيس سليمان، بعد خلوته مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، على هامش قدّاس عيد الفصح، أن لا تتم العودة إلى قانون 1960، خصوصاً واننا في بلد ديمقراطي، لافتاً من ناحية ثانية إلى أن التعيينات "ستستمر"، موضحاً بأن لا أحد يعرقل عمل رئيس الجمهورية بقصد العرقلة، ولكن هناك أفكاراً سياسية تخضع للتجاذبات.
صلاحيات الرئيس
وفي ما يتعلق بموضوع صلاحية رئيس الجمهورية في ملف الانفاق المالي، وهو الملف الذي أثاره وزراء تكتل "الاصلاح والتغيير" في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، حيث طالبوا الرئيس سليمان باستخدام صلاحياته واصدار مشروع القانون المطروح امام مجلس النواب بخصوص طلب اعتماد بقيمة 8900 مليار ليرة لتغطية الإنفاق المالي للحكومة خارج موازنة 2012، بموجب مرسوم طالما انه مضى على تلاوته في المجلس 40 يوماً (نص المادة 58 من الدستور)، نبه الرئيس سليمان الى ان الصلاحية الاستثنائية التي أبقاها الدستور لرئيس الجمهورية، يجب ألا تقع في دائرة المزايدات حول صلاحيات الرئيس، وأن لا تخضع أيضاً للإملاءات المرتبطة ببعض الحسابات أو المناورات السياسية".
أما في خصوص قانون الانتخاب، فقد استبعد مصدر مطّلع طرحه على مجلس الوزراء، بعد انتهاء إجازة الحكومة بعيد الفصح، قبل الانتهاء من موضوع الموازنة، رغم أن وزير الداخلية مروان شربل يستعجل لاعتبارات لوجستية معاودة الحكومة بحث مشروع القانون الذي يعتمد النظام النسبي، لكي تتحمّل مسؤوليتها في هذا المجال، وإقراره سلباً أو إيجاباً، ومن ثم إحالته إلى مجلس النواب، معتبراً أن التجاذب السياسي حول القانون هو جزء من الحرب غير المعلنة بين القوى السياسية للحصول على الأكثرية في انتخابات 2013.
ولاحظ المصدر أن وقت الخلوة التي جمعت الرئيس سليمان والبطريرك الماروني، والذي كان قصيراً نسبياً، إذ لم يتجاوز الربع ساعة، لم يكن مناسباً للمرجعين طرح ملفات أساسية في خلالها فاكتفى الاثنان بعرض التطورات من جوانبها المختلفة، وفي صدارتها زيارة البابا بنيديكتوس السادس عشر للبنان في 14 ولغاية 16 أيلول المقبل، قبل أن ينضم إلى الخلوة المطارنة والرهبان.
وكان الرئيس سليمان قد تلقى اتصال تهنئة من الرئيس السوري بشّار الأسد بعيد الفصح، فيما لوحظ مقاطعة قوى 14 آذار لقداس بكركي، فلم يحضر أحد من قادتها، ولا سيما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، باستثناء رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل، لكن رئيس الجمهورية شاء التقليل من أهمية هذا الغياب، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحديث عن مقاطعة عندما يكون رئيس البلاد موجوداً، وهي التفاتة ديبلوماسية تعني انه يمثل الجميع.
اما البطريرك الراعي، فقد كان لافتا في القداس قوله انه "لا يمكن اقصاء احد او الاستغناء عن احد، او الغاء احد، ولتبق الخيارات السياسية المتنوعة غنى ووسيلة للوصول إلى الخير العام الذي منه خير كل إنسان".
في غضون ذلك، كشف الرئيس فؤاد السنيورة ان كتلة "المستقبل" ستتقدم باقتراح قانون بخصوص تخفيض السنة السجنية، بحيث لا يسري التخفيض على الجرائم التي ترتكب بحق امن الدولة مثل التعامل مع اسرائيل، مشيرا الى ان النواب وقعوا تحت تأثير العجلة والابتزاز، مستغربا "صمت وسكوت السيد نصر الله على اطلاق فايز كرم، مستفيدا من تخفيض السنة السجنية وكأنه "بلع لسانه".
استشهاد شعبان
وسط كل هذه التطورات التي ستأخذ مداها في جلسات المناقشة العامة الاسبوع المقبل، صدم الوسط السياسي والإعلامي في لبنان أمس بمقتل المصور في تلفزيون "الجديد" الزميل علي شعبان وجرح كل من الزميلين حسين خريس وعبد خياط برصاص الجيش السوري في منطقة وادي خالد، حيث كان يقوم فريق عمل التلفزيون بتأدية واجبه المهني، حيث قضى شعبان على الفور إثر إصابته في قلبه، ونقلوا جميعاً بعد نحو ساعتين إلى مستشفى سيدة السلام في القبيات.
وسحبت دورية من الجيش والقوة الأمنية المشتركة لضبط ومراقبة الحدود، جثة الشهيد شعبان، وأمنت إخراج الزملاء إلى داخل الوادي.

وأكد الزميل خريس "أن الفريق كان في الأراضي اللبنانيّة، وتحدثنا إلى عناصر الهجانة السورية على الجهة المقابلة من النهر، وسألونا عن مهمتنا، ولكننا فجأة تعرضنا لإطلاق "نار غزير على سيارتنا من قبل الجيش السوري، وكأننا في حرب مفتوحة، وهربنا في الجبال، وبقينا نحو ساعتين قبل أن يأتي الجيش لإسعافنا".
وفور شيوع النبأ المفجع عم الحزن الوسط الإعلامي والسياسي والشعبي على الجريمة النكراء، وصدرت سلسلة استنكارات عن كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، والرؤساء سعد الحريري وأمين الجميل، وحسين الحسيني، وفؤاد السنيورة، وعمر كرامي ووزراء ونواب وقيادات حزبية ومراجع إعلامية وشخصيات، مطالبة بكشف ملابسات الجريمة، ومحذرة الحكومة من النأي بالنفس عن حماية المدنيين ولا سيما الإعلاميين، ومطالبة باستدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، للتحقق من ملابسات الجريمة.
وفي الجانب السوري، نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا"، عن مصدر إعلامي سوري، قوله "إن فريق قناة "الجديد" الذي أصيب بإطلاق نار في وادي خالد على الحدود السورية – اللبنانية، كان يتواجد في منطقة حدودية تشهد محاولات تسلل متكررة وبشكل يومي من قبل المسلحين، وكذلك عمليات إطلاق نار من المجموعات الإرهابية المسلحة على نقاط حرس الحدود داخل الأراضي السورية".
وأضح المصدر "أن ما جرى أمس، هو أن نقطة لحرس الحدود السورية في الموقع المذكور تعرضت، أثناء تواجد طاقم قناة "الجديد" على ما يبدو في المنطقة، لإطلاق نار كثيف من قبل مجموعات إرهابية مسلحة، كما هي عادتها يومياً في محاولة لاختراق نقطة الحدود والتسلل إلى الأراضي السورية للقيام بعمليات إرهابية، حيث رد حرس الحدود على مصادر النيران".
وأعلن المصدر " أن السلطات السوريّة بدأت تحقيقاً لمعرفة مصدر وملابسات إطلاق النار"، معرباً عن تعازيه "الحارة لعائلة الزميل المصور علي شعبان ولمؤسسته الإعلامية والعاملين فيها".
وكلف النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا أمس، المحامي العام الاستئنافي في الشمال القاضي طارق بيطار، إجراء الكشف على السيارة التي قضى فيها المصور شعبان، والاستماع إلى إفادة رفاقه والى الشهود، ومتابعة الموضوع، تمهيداً لكشف ملابسات الجريمة.
ومن المقرر أن يتم تشييع الزميل شعبان ظهر اليوم إلى مثواه الأخير في بلدة ميفدون.

السابق
الشرق الأوسط: الجيش السوري يقتل مصور قناة الجديد ويجرح رفيقيه على حدود لبنان الشمالية
التالي
اهالي المتن قطعوا اوتوستراد جل الديب