هل دخلت القاعدة لعبة الصراعات الدولية؟!

القاعدة ضُربت في مواقعها الحساسة، وتدنى رصيدها إسلامياً وعالمياً، ولكنها تفاجئ الرأي العام بهيمنتها على مدن في اليمن، وتضرب في المغرب العربي، وأخيراً وجدت قوة غير عادية في زحف الطوارق بعد إنقلاب مالي المتحالفين معها، هيمنتها على مدن ومواقع جديدة قد تكون نواة دولة..

قتل زعيمها ابن لادن، وقبله صفي العديد من قادتها في اليمن وباكستان وأفغانستان والعراق وغيرها، وبيانات أرقام ميزانيتها تدنت بسبب الصرامة على التحويلات المالية، في هذا المشهد كيف نوفق بين الرأي القائل بتدني نشاطها وتقلصه، بينما مظاهر الواقع تصفها حية بتكتيكات وأجيال جديدة، وبين من يضخم دورها، ومن يهون منه، تطرح الشكوك حول بنية هذه المنظمة والداعمين لها، وهل أصبحت توظف لخدمة قوى تتصارع وتجد فيها ذراعاً جديدة في ضرب الخصوم؟

معروف أن القوى الكبرى تصالح ألد أعدائها، إذا كان سيخدم سياساتها، فقد حارب الجميع المافيا العالمية، وفجأة صارت جزءاً من عيون التجسس سواء أثناء الحرب الباردة أو ما بعدها، والقاعدة إذا وجدت من يحمي أدوارها لديها القدرة على القبول بأدوار حتى لو تخالف منهجها وعقيدتها، وقد شهدنا كيف حمت إيران العديد من قادتها وسهلت دعمهم والتعاون معهم بضرب أهداف ترى أنها جزء من استراتيجيتها غير المعلنة، وبالتالي فالشكوك أنها دخلت الخدمة الجديدة لصالح قوى دولية مثار جدل، والتأكيد قد لا يأتي اليوم بل بالمستقبل..

نتذكر كيف أن أمريكا كانت على رضى تام من سجن ومطاردة الإخوان المسلمين، وكيف أنها، بعد احتلال العراق، سلمته للشيعة الموالية لإيران، وهو هدف يرتكز على خلق صراع سني – شيعي، ودخلت لبنان لحماية المسيحيين وضرب المسلمين والفلسطينيين خدمة لإسرائيل، والآن تحاور، علناً القوى الإسلامية في مصر وتونس، وتغازلهم في ليبيا، وبالتالي فالثبات على سياسة واحدة غير صحيح، وربما جاء الوقت أن تحيّد القاعدة عن عدائها لها مقابل تعاون سري يمرر لها أعمالا تخدم اتجاهاتها الجديدة..

ألم تحاور طالبان الذراع الأخرى للقاعدة، وتريد إنهاء القطيعة معها وترغب مشاركة تمثيلهم في السلطة الأفغانية، هذا التحول لا يأتي مفاجئاً عندما نعلم أن دولة تهيمن على القرار الدولي، وتنزع أن تبقي قوتها منفردة، لا تمانع التعاون مع الشيطان في رعاية مصالحها؟

القاعدة الآن تحتار في مشهدها هل هي في حالة سبات أوقفت أعضاءها وناشطيها عن العمل وفق خطة جديدة، وعملت على مراجعة أساليبها، أم أنها أخذت اتجاهاً آخر معتمدة على نظرية (ميكافيلية) أي لا عداوات ولا صداقات، إلا فيمن يبقيها على الحياة وليس لديها موانع تغيير مسار اتجاهها، وأن لحظة ضعفها استغلتها قوى أخرى لخدمة أهدافها؟!

المنظمات الإسلامية التي كانت في الظل في عملها السري، ظهرت للعلن، وأصبحت القوة الأساسية الحاكمة في بلدان الربيع العربي، وهذه التيارات بمختلف تلاقيها وتناقضاتها لم تطرح القاعدة على أجندتها، لا بالتأييد ولا بإعلان العداء لها، فهل أصبحت الرصيد لها، أم أنها تخشى أن يؤثر ذلك على فتح معركة مع الدول الخارجية، وفي جميع الأحوال، فالقاعدة الآن لغز جديد في عالم سريالي..  

السابق
وين علماء الشيعة والسُّنة؟!
التالي
وكادت أن تنفجر الحرب الأهلية من جديد!؟؟