فشل الحوار مع إيران يُحتِّم الضربة

سألت المسؤول الكبير السابق، وربما اللاحق في احدى الادارات المهمة داخل الادارة الاميركية والباحث حالياً، عن احتمالات الضربة العسكرية الاسرائيلية الى ايران النووية، اجاب: "هناك إمكان نسبته خمسون في المئة. لكن لا اقول ان الاحتمال كبير. تعتقد اسرائيل ان الوقت صار داهماً، وانها اذا لم تضرب ايران الآن فسيصبح ضربها متعذّراً بعد ذلك او مُكلِفاً". سألتُ: هل يعني ذلك ان اسرائيل تعتقد فعلاً ان ايران ستصبح نووية عسكرياً السنة المقبلة اي بعد نحو ثمانية اشهر؟ وهل تشاركها اميركا هذا الاعتقاد؟ أجاب: "الموضوع ليس كذلك. الاثنتان اي اميركا واسرائيل تمتلكان المعلومات نفسها عن قدرة ايران. لكن ما لا تريدان أن يحصل هو ان تمتلك ايران قدرة نووية اي مواد نووية ومعرفة لطريقة استعمالها بغية تصنيع اسلحة نووية، إذ تصبح بذلك خطراً محققاً على اسرائيل. حتى ان ضربها عسكرياً من الاخيرة يصبح صعباً. فضلاً عن ان ردَّها على الضربة قد يكون مؤذياً جداً. على كل حال إذا ضربت اسرائيل ايران فستكون الضربة عملية جراحية دقيقة. عند اسرائيل كل الإمكانات اللازمة لتنفيذ الضربة المذكورة. وهي تطوِّر الاسلحة التي ستحتاج اليها في ذلك. طبعاً هي لا تمتلك حتى الآن القنابل التي تزن كل واحدة منها ثلاثين الف "باوند"، والتي تخترق كل التحصينات والحواجز وحتى الجبال. إلا انها تمتلك ما يكفي لتنفيذ ضربة عسكرية ناجحة".

ماذا كان موقف اميركا في الاجتماع الأخير بين الرئيس باراك اوباما ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الابيض؟ سألت. أجاب: "كان اجتماعاً جيداً. قال اوباما امرين جديدين مهمين. الاول، رفض احتواء ايران النووية اي ان تصبح ايران نووية، فينتهج بعد ذلك سياسة احتواء لها لمنعها من استعمال السلاح النووي. والثاني، ان اميركا ستمنع إيران من التحول قوة نووية عسكرية. وانها ستقوم بتوجيه ضربة عسكرية قوية اليها اذا تجاوزت الحدود. وهو بذلك لم يكن يمزح. وعبّر عن ذلك بقوله: أنا لا "أبلف"، وأنا اعني ما اقول. وأنا اعرفه. هذا الرجل مباشر وصريح لا يعرف الاساليب الملتوية التي يمارسها عادة او دائماً أهل الشرق الاوسط وحكامه. على كل حال قال اوباما لنتنياهو ان هناك اشهراً ستة او سبعة. لنعطِ الحوار مع ايران فرصة. يجب اعطاؤه فرصة. وقد قررت ايران الآن استئنافه مع مجموعة الـ5+1. علماً انها اذا كانت جدية في قرارها الحواري يمكن ان تصل بواسطته الى نتائج سواء تم مع المجموعة المذكورة او مع اميركا مباشرة. إذا كانت جدية وتوصّل المجتمعون الى نتائج مقنعة لاسرائيل واميركا والمجتمع الدولي فإن توجيه ضربة عسكرية اليها يؤجل او يُلغى. اما اذا لم يتم التوصُّل الى نتائج فإن الضربة تصبح حتمية. وعلى ايران ان لا تخطىء الحساب. وعليها ان تعرف ان التوقيت (Timing) مهم. فإذا كانت حقاً تريد حلاً لهذه المشكلة من دون ضربة عسكرية وحرب، وتريد علاقة جيدة مع اميركا والعالم فعليها ان تنتهز الفرصة الحالية". علّقت: أنا اعتقد ان ايران تريد فعلاً علاقة مع اميركا، وتريد إنهاء حال العداء بينها وبين المجتمع الدولي. لكنها لا تزال تعتقد ان في إمكانها، وقبل ان تصبح الضربة العسكرية لها حتمية، ان "تظمط" بالانجاز النووي. فهل ذلك خطأ في الحساب ام غرور قوة ام حساب صحيح؟ لا اعرف.

في اي حال دعني أسألك: ماذا سيكون رد الفعل الاميركي على ضرب اسرائيل ايران؟ وهل ستنجرّ اميركا الى الحرب جراء ذلك؟ اجاب المسؤول الاميركي الكبير السابق وربما اللاحق والباحث حالياً نفسه: "أولاً ان احتمال انجرار اميركا الى الحرب بعد الضربة الاسرائيلية العسكرية لايران ممكن. لكنه عملياً يتوقف على امور عدة. مثلاً هل يرد "حزب الله" عن ايران او بدلاً منها ومن لبنان؟ أو هل ترد ايران بنفسها ولا يتدخل "حزب الله"؟ او هل يرد الاثنان اي ايران و"الحزب"؟ في رأيي ان رد ايران على اسرائيل، وخصوصاً اذا كانت اهدافه منتقاة بعناية، من شأنه دفع الاخيرة (اي اسرائيل) الى التفكير بعدم الرد او بتنفيذ رد مضبوط ومُعيَّر. وفي رأيي ان رد ايران على اميركا غير ضروري ايضاً. أما اذا حصل فان اميركا تدخل المعركة. وإذا لم يحصل فإنها ستبقى بعيدة عنها".
ماذا سيفعل "حزب الله" في حال وُجِّهت ضربة عسكرية الى ايران في رأيك؟ بماذا أجاب؟  

السابق
الأسد لن يقبل تبويس اللحى
التالي
من رهينة من؟