اللواء: سجال بين وكيل الباخرة الأميركية ووزارة الطاقة

فرضت محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع نفسها بنداً في احتفالات الجمعة العظيمة وقداديس رتبة دفن السيد المسيح لدى الكنيسة التي تعتمد التقويم الغربي، سواء من باب المصالحة او من باب الصفح والغفران، او في مداولات خلوة البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي ورئيس تكتل "الاصلاح والتغيير" النائب ميشال عون، فيما كان المجلس المركزي في "القوات اللبنانية" الذي اجتمع برئاسة جعجع في معراب يناقش في التفاصيل خلفيات وابعاد المحاولة التي جرت يوم الاربعاء الماضي، واستهدفته بينما كان يقوم بنزهة قصيرة مع عدد من الشبان في حديقة المنزل.

وفيما ربطت "القوات" بين المحاولة وهدفها المحوري الرامي الى تغيير المعادلة الداخلية، معتبرة ان حجب "داتا" الاتصالات التي تمت في الايام السابقة واليوم نفسه عن التحقيق من شأنه ان يشكل تغطية للمتورطين ويعيق عملية الكشف والبحث عنهم. تحولت قضية "الداتا" الى قضية سياسية حاسمة ستضاف الى قضية بواخر الكهرباء كبنود ساخنة على جدول اعمال جلسة المناقشة النيابية في 17 و18 و19 نيسان الحالي.

وتوقعت مصادر مطلعة، ان تستكمل مختلف الملفات السياسية والامنية، التي لم تغب عن الاهتمامات رغم عطلة الجمعة العظيمة، في الخلوة التي ستعقد بين الرئيس سليمان والبطريرك الراعي على هامش قداس الفصح في بكركي.
واذ اكد مصدر مطلع ان الخلوة ستتناول زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر للبنان في شهر ايلول المقبل، اوضح ان قانون الانتخابات سيكون على طاولة المحادثات في الخلوة، وان كان احياء لجنة بكركي المكلفة تقديم مشروع قانون يرضي المسيحيين ولا يرفضه المسلمون يتعثر، إلا ان ذلك لن يثني الرئيس سليمان من طرح ملف الانتخابات بعد عودته من استراليا التي سيزورها في 14 الشهر الحالي، مشيراً إلى أن جانباً من المحادثات أيضاً سيتناول مسألة التعيينات وضرورة التفاهم على اسم رئيس مجلس القضاء الأعلى، وسيطلع الرئيس سليمان من الراعي على موقف عون من هذه التسمية في حال تأكد أن خلوة معه امس التي جاءت بعد مشاركته في رتبة سجدة الصليب، قد تناولت هذا الملف، علماً ان عون رفض بعد الخلوة الكلام في السياسة، مكتفياً بالقول انه "كما غفر المسيح لمن صلبوه، فنحن أيضاً على صورته ومثاله نغفر لمن يُسيء إلينا لأنه القدوة الأعلى".

بواخر الكهرباء
في ملف بواخر الكهرباء، انطلق الفريق التركي برفقة الوكيل اللبناني صباح أمس، في جولة استطلاعية بحرية لمعاينة معمل الذوق، حيث يرتقب وصول إحدى الباخرتين التركيتين في شهر حزيران المقبل لتأمين 180 ميغاوات إضافية لانتاج هذا المعمل، كما اطلع الفريق ميدانياً، وعبر جولة أخرى برية على وضع معمل الجية الذي ستؤمن باخرة ثانية ستأتي في آب انتاجاً اضافياً بطاقة 90 ميغاوات، ليصل مجموع طاقة الباخرتين إلى 270 ميغاوات، حسب قرار مجلس الوزراء.
وأكّد وزير الطاقة جبران باسيل أن الشركة التركية تمتلك خبرة كبيرة في مجال بواخر توليد الطاقة، وهي تلتزم حالياً العمل في العراق بثلاث بواخر، مشيراً إلى أن هذه الخبرة شكلت عنصراً اضافياً في رفع حظوظ الأتراك في التلزيم، لافتاً النظر إلى ان العرض التركي يوفّر 30 مليون دولار سنوياً على الخزينة اللبنانية، وهو الأمر الذي نفاه عضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب محمد الحجار، موضحاً بأن الوفر الذي تحقق لا يتعدى ثلاثة ملايين دولار. وقال ان "الكلام عن تخفيض كلفة استئجار الباخرتين من 870 مليون دولار إلى 360 غير صادق وغير صحيح"، واصفاً حل أزمة الكهرباء عبر استئجار البواخر "بالمؤقت والترقيعي".
وأوضح باسيل، أن التعاقد تمّ مع الشركة التركية لأن الشركة الأميركية لم تقبل بتخفيض الأسعار، ولم تقدّم بالتالي أي مرونة في هذا المجال، كتلك التي قدمتها الشركة التركية "كارادنيز".
غير أن وكيل الشركة الأميركية Waller Marine رودولف الياس، أوضح أن السعر الذي تقدمت به شركته كان أقل من السعر المقدم من الأتراك، معتبراً أنه من الناحية التقنية لا يمكن إجراء مقارنة بين الشركة الأميركية التي لم تواجه أي مشكلة والشركة التركية، حيث تعاني البواخر العائدة لها من مشاكل.
وروى الياس تفاصيل ما جرى في اجتماع اللجنة الوزارية أمس الأول في السراي، مشيراً إلى أنه لم يتسن له الجواب على طلب اللجنة بتخفيض السعر بسبب فارق الوقت الذي لم يسمح له بإجراء اتصال مع مقر الشركة الأم في هيوستن. وقال "إنه بينما كان ينتظر للدخول مجدداً إلى الاجتماع مع اللجنة، تفاجأ بأحد الحراس في السراي الحكومي يقول له بأن أعضاء اللجنة غادروا جميعاً بدون أن يعلم ذلك.
وإذ لاحظ الياس غموضاً كبيراً يلف هذه المفاوضات، أوضح أن الشركة التركية خفّضت أسعارها بفضل تدخل الشركة الأميركية، لكن المستغرب أن اللجنة الوزارية لم تأخذ بالسعر الذي قدمناه والذي يوفّر مائة مليون دولار سنوياً على الخزينة اللبنانية، معتبراً أن كل شيء كان محضّراً لإنهاء المفاوضات بإعلان الاتفاق مع الشركة التركية.
إلا أن مصادر مطلعة في اللجنة الوزارية نفت لـ "اللواء" رواية وكيل الشركة الأميركية، مشيرة إلى أنه لم يقبل بتخفيض السعر في المرحلة الثانية من المفاوضات، واكتفى فقط بطرح سعر أقل من العرض التركي، مع طرح جديد اقترح به شراء الباخرة، وهو الأمر الذي رفضته اللجنة.

ملف "داتا" الإتصالات
في غضون ذلك، أعادت محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع موضوع "داتا" الاتصالات إلى الواجهة مجدداً، حيث دارت رحى تجاذب إعلامي، بين الوزير المعني بالاتصالات نقولا صحناوي، ونواب "المستقبل"، من دون أن تكون الأجهزة الأمنية المعنية بدورها بـ "الداتا" بعيدة عن المواجهة.
في حين تساءل المجلس المركزي لحزب "القوات" الذي اجتمع استثنائياً مساء أمس الأول في معراب، برئاسة جعجع، عن العلاقة بين محاولة الاغتيال وحجب "داتا" الاتصالات عن الأجهزة الأمنية كافة من جيش وقوى أمن منذ 15/1/2012 حتى اللحظة، متسائلاً عما إذا كان هذا الحجب عن قصد أو من غير قصد يساعد على تسهيل مهمة الفاعلين، مؤكداً أن المحاولة كانت تستهدف تغيير المعادلة الداخلية والتخلّص من القوى السيادية والاستقلالية، معتبراً أن لبنان دخل منعطفاً خطيراً جداً، نفى وزير الاتصالات اي علاقة له برفض طلبات الاجهزة الامنية، لافتا إلى ان الامر هو من اختصاص الهيئة القضائية المؤلفة من القضاة حاتم ماضي وشكري صادر وعوني رمضان.
واكد صحناوي ان الوزارة تعطي كل الطلبات التي تصل من الاجهزة الامنية باستثناء "الداتا" كاملة، لان هذا الامر من مهمة الهيئة القضائية، لافتا إلى ان هناك 300 طلب يصل كل شهر إلى الوزارة.
ومن جهته، اوضح عضو في الهيئة، ان آخر طلب تلقته بخصوص كامل "الداتا" كان منذ نحو شهرين وقد تم رفضه، مؤكدا ان الهيئة على استعداد للسماح، وسمحت بالحصول على "الداتا" كاملة في محافظة معينة عند حصول اي حوادث امنية منها، الا ان مسؤولا امنيا، رد بأن الحصول على "الداتا" كاملة هو في سياسة الامن الوقائي، وقد ثبتت فعالية ذلك من خلال اكتشاف شبكات التجسس لاسرائيل وجرائم اخرى.
وشدد المسؤول على ان الحصول على كامل "الداتا" لايزال ضرورة، ولا سيما وان مركز التحكم بالاتصالات غير جاهز، وهو ما اكده ايضا الوزير صحناوي الذي اشار إلى ان مركز اعتراض المخابرات غير جاهز ولن يكون جاهزاً 100 في المائة قبل شهر او شهر ونصف.
إلى ذلك، كشفت مصادر متابعة للتحقيقات بمحاولة الاغتيال ان المسح الاولي اثبت استعمال بندقيتين متطورتين من قبل مجموعة محترفة جدا قامت بحفر حفرتين ثم تثبيت البندقيتين فيهما بعدما كسرت اغصان الاشجار من امامهما افساحاً لرؤية واضحة، مشيرة إلى ان العمل يجري حاليا على محاولة التقاط بصمات عن هذه الاغصان علها تفضي إلى تحديد هوية الفاعلين بعد اخضاعها لفحوص DNA في المختبرات المختصة.

ضبط الحدود
وضمن الملف الأمني ايضا، كشفت معلومات اعلامية ان مسؤولا دوليا، هو المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة ديريك بلامبلي، اثار مع مسؤولين لبنانيين مؤخرا قضية الحدود اللبنانية – السورية، في ضوء تزايد اعداد النازحين السوريين، لجهة وجوب ضبطها وترسيمها في شكل يحد من استباحتها عند كل مفصل ومحطة، واشارت الى ان المسؤول الاممي شدد على ضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة لمنع امتداد تداعيات الازمة السورية الى الداخل اللبناني.
وكان وزير الداخلية مروان شربل عقد في الفترة الأخيرة سلسلة اجتماعات للجنة المولجة ملف الحدود مع سوريا من الجانب اللبناني وتم وضع تصور ورؤية لكيفية معالجة الوضع، يتوقع ان يعرض على مجلس الوزراء بعد الأعياد لاتخاذ الموقف المناسب في هذا الصدد.  

السابق
الشرق: محاولة إغتيال جعجع ثبتت بالقرائن… وبحث عن البصمات
التالي
الشرق الأوسط: عشرات الآلاف يتحدون الأسد.. وتركيا تواجه سيل لاجئين