من معراب إلى أين؟

والآن، من معراب إلى أين؟ إلى مسلسل إرهابي جديد، أم إلى فتنة تأكل الأخضر قبل اليابس، أم إلى صحوة شبه مستحيلة تدفع القيادات السياسيّة والحزبيّة إلى استدراك الوضع واستباق المخفي، وما قد يكون أعظم؟
المحاولة التي تعرّض لها رئيس "حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع"، صارت الآن في عهدة التحقيقات والأجهزة الأمنيّة المختصّة. وبكل المعروف والموصوف من تفاصيلها ووقائعها كما المجهول الذي قد يكون أخطر وأشدّ وطأة.
وما يخشاه اللبنانيّون أن تكون هذه المحاولة المفاجئة، بهدفها وتوقيتها، حبة في عنقود إرهابي يجهّز الساحة اللبنانيّة مجدّداً لمرحلة من الاضطرابات المتّسمة بالجنون الإجرامي، والتي تعيد إلى الأذهان والذاكرة الجماعيّة ما أنجبته بوسطة عين الرمانة من حروب ودماء وأهوال.

إذا كانت الأمثال تنصح بعدم هزّ الواقف على شوار، فلبنان يجسّد بوضعه الراهن، وتفكّك مؤسّساته، وتشظّي تركيبته النموذجيّة، كل ما ترمز إليه الأمثال.
على هذا الأساس يبني كثيرون قراءتهم لمحاولة معراب، في حال ثبوت الشكوك والظنون التي حامت حولها ونجمت عنها… بعد تردّد وتريّث لافتين.
طبعاً، الأسئلة على كل شفة ولسان. ودائماً بين طرفي نقيض. أو بين رأيين لا يختلفان عن الخطّين المتوازيين اللذين يستحيل أن يلتقيا. وتنطلق بمجملها في "البحث" عن الفاعل، والهدف، والجهات المستفيدة، ودور الخارج وانعكاساته.
فالحادث الأمني الجديد ليس عادياً. والمُستَهدَف ليس شخصاً عادياً. والظروف اللبنانيّة السائدة ليست عادية.

ومن البديهي أن تستيقظ الهواجس والكوابيس، وتعود الذاكرة بالناس جميعهم إلى الماضي القريب والبعيد والمضرّج بدماء الشهداء الأبرياء، وتفتح الأبواب والنوافذ على مخاوف من تكرار السقوط في التجربة.
لقد استهلك لبنان كل ما ادّخره من معطيات ومردود الصيغة، أو التركيبة النموذجيّة. وعلى امتداد أعوام طويلة، تلتها مراحل من المواجهات والانشقاقات والاشتباكات السياسيّة و… الحربجيّة كذلك.
فهل في الأفق، أو وراء الأكَمَة، شيء بهذا المعنى؟ أو مخطّط إرهابي ممنهج يزجّ بلبنان في مخاضات "الربيع العربي"، التي رست حتى اللحظة على شواطئ "الإخوان" وصراع الأصوليّين على السلطة لا على نهجها؟
كان يُقال إن قوة لبنان في ضعفه. فجاءت الحروب لتثبت العكس، ولتجبر لبنان الضعيف على الاستعانة حتى بالشياطين.
أما اليوم فهناك من يعتقد ويعلن أن ما يحمي لبنان يكمن في تعدّديته وطوائفيّته، وفي ما أوصله إلى هذا الدرك من الانهيار والتمزّق.  

السابق
وشم جديد على الأسنان
التالي
أخطأ جعجع بأن اغتياله مجرد وجهة نظر!