حفّارة عملاقة تطلق العمل لإزالة مكبّ صيدا

من يمر بمحاذاة جبل النفايات في صيدا هذه الأيام، يلاحظ أن عنصرا جديدا طرأ على مشهد هذه الكتلة الرابضة على ساحل المدينة ورئتها البحرية منذ نحو نصف قرن، وغيّر رتابة المشهد بانتظار ازالته نهائياً.
حفارة عملاقة ارتفعت على ظهر المكب الذي تجاوز ارتفاعه في أعلى نقطة له عن البحر الثلاثين مترا، وتخطى حجمه المليوني متر مكعب، هي في القسم الأكبر منها اتربة وردميات تنطوي على نفايات عضوية وعوادم.
هي واحدة من حفارات ثلاث تمثل شركات عالمية ثلاث "فرنسية واوسترالية ونمسوية" تتنافس على التزام مشروع معالجة المكب، حيث سيكون هذا الجبل العملاق ساحة عمل لهذه الحفارات طيلة الأسبوعين المقبلين، لأنه على اساس ما ستستخلصه من عينات ومقاييس وابعاد ومعلومات عن طبقات ومكونات هذا المكب، ستقدم الشركات عروض الأسعار التي بناء عليها سيتم اختيار واحدة منها لتنفيذ مشروع المعالجة.

اذاً، هي اول ضربة معول في ورشة ازالة هذه المعضلة البيئية المزمنة، والتي تطلق فعليا السباق بين الشركات الثلاث لالتزام هذا المشروع، ويستكمل سباقا مع الزمن بدأه المجلس البلدي برئاسة محمد السعودي منذ بدء ولايته مدعوما من نائبي المدينة الرئيس فؤاد السنيورة والسيدة بهية الحريري، من اجل تخليص عاصمة الجنوب من هذه الكارثة المستمرة والمتفاقمة عاما بعد عام، محفزا في هذا الجهد، بخطوات متقدمة انجزت وتنجز على مساري المعالجة الموازيين والمكملين لمسار ازالة المكب اي بدء العمل بالحاجز المائي الذي سيستقبل ردمياته والذي ينفذ بهبة من المملكة العربية السعودية قدرها 20 مليون دولار، والمسار الآخر هو قرب حسم موضوع تشغيل معمل معالجة النفايات الصلبة في سينيق الذي سيستقبل النفايات اليومية التي تصب في المكب وبالتالي فان تشغيله سيتيح اقفال جبل النفايات والبدء بإزالته.

وقال رئيس بلدية صيدا بالإنابة ابراهيم البساط لـ"المستقبل": موضوع معالجة مكب النفايات له ثلاثة اقسام: الحاجز المائي الذي بدأ العمل به وهو الآن في مرحلة الطمر، وبدأوا في صب المكعبات الإسمنتية لوضعها في مكانها. والمرحلة الثانية معالجة المكب. وهناك حفارة كبيرة على المكب تعود لاحدى الشركات لتأخذ عينات من التربة الموجودة من مكونات الجبل حتى يشاركوا في مناقصة معالجة المكب تحت اشراف استشاري المشروع الشريك للبلدية برنامج الأمم المتحدة الانمائي UNDP . والمرحلة الثالثة تشغيل معمل معالجة النفايات والذي تم التوصل الى صيغة معينة مع اصحاب المعمل يرضي كل الاطراف. وهناك شخص منتدب ومكلف من وزير الداخلية يتابع مع البلدية ومع اصحاب المعمل مراحل التفاوض. والمفاوضات اصبحت في مراحلها الاخيرة.
ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المكلف بمهام الإستشاري لمشروع إزالة ومعالجة جبل النفايات إدغار شهاب قال لـ"المستقبل" ان هذه الخطوة تأتي في إطار تنفيذ بنود مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع بلدية صيدا ممثلة برئيسها خلال حزيران العام الفائت، والتي على اساسها تم تصنيف 9 شركات عالمية ضمن الشروط والمواصفات الدولية للمعالجة، واختيار ثلاث شركات "فرنسية ونمسوية واوسترالية" تعد الأكفأ والتي نفذت العدد الأكبر من المشاريع المماثلة حول العالم، لتشارك في المناقصة بتقديم عروض اسعار بناء على اخذ عينات ومعلومات واقعية دقيقة عن المكب.

اضاف: بعد ذلك، سيتم اختيار واحدة منها فقط لتنفيذ المشروع والذي ستمر معالجته بثلاث مراحل: مرحلة فرز المواد العضوية عن الردميات والعوادم، معالجة المواد العضوية بطريقة التخمير اللاهوائي، بينما سيتم ردم الأتربة والعوادم ضمن الحاجز المائي الذي يتم بناؤه في محيط المكب. الا ان البدء بعملية المعالجة يقتضي اقفال المكب وذلك بعد أن يتم تشغيل معمل النفايات في سينيق.
ويرى الخبير البيئي الدكتور عبد الرحمن ارقدان أن الحجم الفعلي للمكب الان هو بحدود المليوني متر مكعب ويشمل الردميات والنفايات اليومية التي تلقى فيه، اما التأثيرات السلبية فتتلخص بالروائح الكريهة والغازات السامة التي تنبعث منه والحرائق التي تندلع فيه باستمرار، لكن التأثير السلبي الاكبر هو على الحياة البحرية بسبب موقعه على البحر مباشرة وانهيار كميات منه كل فترة يحملها البحر باتجاه الشاطىء وتصل في كثير من الأحيان الى ابعد من صيدا. قال، ان آلية المعالجة تتلخص بان نجد في البداية مطمراً صحياً للمواد العضوية التي تنتج عنه. نعرف ان الحاجز البحري ستردم فيه الردميات تربة وحجارة. اما بالنسبة للمواد الاخرى، فيجب ان نجد لها مطمرا صحيا كي لا تضر بالبيئة.  

السابق
ستريب وستينغ في غناء مشترك
التالي
حزب الله يسدّ فجوات الحكومة