حزب الله يسدّ فجوات الحكومة

يكاد لا يخلو موقف لمسؤولين في "حزب الله" من الاشارة الى ما يعتبره الحزب على نحو واضح انجازا له وللحكومة مبررا ضرورة بقائها واستمرارها تحت عنوان الاستقرار. فاطلالات الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في الاونة الاخيرة تمحورت على الدفاع عن استمرار الحكومة وحتمية بقائها ضمانة للاستقرار. وفي اقل من اسبوع برز موقف جديد للسيد نصرالله ولرئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي اعتبر ان "الحزب هو من يحمي الدولة وبنيتها في هذه المرحلة" عازيا الى الحزب دور المحافظ على الاستقرار في وجه من يتهمهم انهم يسعون الى الفتنة معتبرا ان ليس صحيحا ان "الجميع يريد الاستقرار في هذا البلد". كما اطل نائب الامين العام للحزب السيد نعيم قاسم ليعلن بدوره "ان الحزب متمسك باستقرار في لبنان ونعتبر انفسنا من صناعه".

كثر يعتبرون ان الحزب يتجاهل مسؤوليته المباشرة عن عدم الاستقرار في الاعوام الماضية وتلويحه ان موقعه الراهن في السلطة يحمي الاستقرار وليس مشاركته فيها كما في السابق. لكن يفهم مما يسوقه الحزب في هذا الاطار وما يبدو انه يدغدغ او يلبي وجهة النظر العربية والغربية الى لبنان في هذه المرحلة لعدم وجود رغبة لدى احد في ان يرى مشكلة مفتوحة في لبنان جملة امور. فهذه المواقف تنطلق في الاساس على خلفية التعثر الكبير الذي تواجهه الحكومة نتيحة الصراعات القائمة بين افرقائها اكثر مما تواجهه من خصومها. وكون الحزب احد ابرز مكوناتها ومرجعية ضامنة وداعمة لافرقاء اساسيين فيها بحيث يتحمل مسؤولية الاداء الذي يقوم به هؤلاء فانه يسعى الى الدفاع عن الحكومة من خلال التأكيد ان لا مجال لاسقاطها مهما كانت الاخطاء التي كانت تقوم بها. والمبرر لعدم اسقاطها هو عامل الاستقرار الذي يتخطى، بحسب الحزب، الفشل الذي تتخبط فيه الحكومة في كل الملفات. وهذا الاستقرار هو ايضا الشماعة التي يتم تعليق الممنوعات الاخرى عليها المتعلقة حتى بطرح الثقة باي وزير بحيث يثير نواب من الاكثرية الجدوى من جلسة مناقشة الحكومة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ظل هذه الممنوعات اي طرح الثقة بوزراء اثبتوا بقوة فشلهم وعدم استحقاقهم الحقائب الوزارية التي في عهدتهم كون جلسات المناقشة ستكون فقط تنفيسة للاحتقانات التي تتسبب بها هذه الحكومة ليس اكثر ولا اقل. وهذان العاملان اي منع اسقاط الحكومة او طرح الثقة باي وزير يرتبان كلفة عالية على اللبنانيين هي ان الديموقراطية مقننة وغير متاحة خصوصا متى تم دمج الخلاصة الاساسية لهما بامرين اساسيين احدهما ان اسقاط الحكومة مؤداه فراغ في السلطة لا يمكن احتماله لان قوى 8 اذار وفي مقدمهم حزب الله لن يسمح بتشكيل حكومة اخرى ولن يكون في مقدرته اعادة تأليف حكومة مماثلة مع ما يعني ذلك من احتمالات يؤدي اليها الفراغ وفق ما يتم التلويح به عبر نغمة الاستقرار اي امكان انفلات بعض الضوابط في ظل عوامل ضاغطة قد يكون ابرز ما يقدم في هذا الاطار تداعيات الازمة السورية على لبنان. ثم ان اسقاط الحكومة من شأنه ان يؤدي الى تعطيل مجلس النواب ايضا في الوقت الذي يبدو هذا الاخير راهنا المساحة المؤسساتية الوحيدة للقاء الافرقاء السياسيين. وبهذا يغدو الاستقرار الذي يشكل نقطة الضعف الاساسية لجميع اللبنانيين والعامل الرئيسي الذي يصر عليه الجميع على رغم الاختلافات السياسية كأنما يأتي على حساب مصلحة البلد ودستوره وضوابطه وحتى ديموقراطيته.   

السابق
حفّارة عملاقة تطلق العمل لإزالة مكبّ صيدا
التالي
الكذبة لا تقتصر على 1 نيسان