الطائف الحكومي للكهرباء

اللقاء في منتصف الطريق هو البديل عن إقفال الطريق للتوصل إلى توافقات وتفاهمات على حلول لمسائل خلافية بين أطراف الحكومة التي كادت تحتاج إلى «طائف» حكومي لفضّ النزاع بين هذه الاطراف، وما يحمل ذلك من تداعيات العودة إلى ما قبل تشكيلها، والغرق في سجالات وتحفظات واعتراضات سبقت ورافقت صدور مراسيم التكليف والتأليف وإعلان البيان الوزاري. وقد ساهمت الوسطية التي ينتهجها لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في التوصل إلى حل للعديد من هذه المسائل، على خلفية التنازل المتوازن عن شروط متقابلة بين مكونات الحكومة خصوصاً ما يتعلق منها بالبواخر والمعامل الكهربائية، حيث أضاءت هذه الوسطية نصف الطريق إلى إشغال هذه البواخر والتمهيد لبناء تلك المعامل فسقط نصف العتمة أمام بصائر اللبنانيين، ونصف الخلاف أمام بصيرة الحل السياسي والوفاقي للحكومة، وهذا، ما يؤكد على واقعية وعلمية وموضوعية وتقنية الوسطية السليمانية في الهندسة القانونية والسياسية لمشروع هذه البواخر والمعامل، بعدما تفاقم الخلاف والتصدع في الجسم الحكومي، وبعدما ظهر الوضع العام متشققاً ومنقسماً ومهدداً بانزلاقات على الصعد المالية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من شوارد الضياع في العتمة السياسية والعتمة الكهربائية، معطوفة على عتمة اللحوم والمعلبات والأدوية الفاسدة، وعتمة البطالة وارتفاع الأسعار. من هنا، ونظراً لما كان سائداً في خلال الأسابيع القليلة الماضية من خلافات واختلافات وتجاذبات و«حروب» الملاحق الإعلامية غير الباردة بين أطراف حكومية، يمكننا القول: في لبنان حكومة ما قبل وما بعد تحريك البواخر وتشييد المعامل الكهربائية.

إلى ذلك، فإن إقفال ملف أزمات ومشاحنات سياسية واعلامية سابقة وأخرى قائمة، هو من ضرورات تحصين الوضع الداخلي بالاستقرار والسلم الأهلي والإنماء المتوازن والخدمات العامة، وذلك لحمايته من ارتدادات الوضعين العربي والإقليمي غير المستقرين، وفي مواجهة المشروع الاسرائيلي المرسوم للبنان على خلفية الفتن والفوضى والتقسيم، لأن إقفال ملف هذه الأزمات والمشاحنات، والخلافات بشأن آلية حلولها، هو أعلى مراحل القوة والمناعة والممانعة واللبنانية، لإفشال هذا المشروع الذي يُغذيه انقسام اللبنانيين على أنفسهم، ويستفيد من انقسام وتقسيم العالم العربي الى محاور وجبهات وثنائيات متباعدة في المواقف ومتحاربة في الخنادق أحياناً.
وتلخيصاً لما تقدم، فإن الوسطية الرئاسية في السياسة اللبنانية ترسم خريطة الطريق للخروج من شروط العجز والتعجيز في حل المسائل الخلافية.   

السابق
بين خبر وفاته ورفض عائلته.. شبلي العيسمي المخطوف مات… لم يمت ؟!
التالي
لا تنتظروا تغييراً أميركيا