نهاية موسم الزعماء

أمامكم هنا سبع كلمات أو ثمان حسنة في شاؤول موفاز وهي انه يعرف جيدا شاؤول موفاز وقدراته وقيمته. وهنا أمامكم بضع كلمات غير حسنة في شاؤول موفاز وهي أنه قد بدأ عشية الانتخابات التمهيدية في كاديما «يقوم بعروض» ليست هي هو ولا تلائمه. وهنا آخر الامر نصيحة بالمجان لشاؤول موفاز تقول: إبقَ أنتَ ما كنت وما ستكون. ولا تغريك نصائح لا فهم فيها من مستشارين ولا تضرب الطاولة بغضب مكتوم ولا تجرِ الى قبر هرتسل والى حائط المبكى. فقد بلغت الى حيث بلغت بغير كل هذه الحيل الاعلامية والدعائية التي تبدو مزيفة حقا. فيا شاؤول موفاز إبقَ شاؤول موفاز.

لن يحب موفاز ويئير لبيد وعوفر عيني الجملة التالية وهي أن لا أحد منهم هو حلم حياة دولة اسرائيل في وضعها الحالي وأن لا أحد منهم يحمل عليه اليوم علامة زعيم. قد يكونون كذلك في المستقبل. لكن اذا لم يحدث شيء غير متوقع فلن يستيقظ في يوم الانتخابات ملايين الناخبين ليبادروا في ابتهاج وسعادة الى صناديق الاقتراع من اجل التصويت لهم، فهم كما يقول الأديب دافيد غروسمان «جوف».

لسبب ما يثير فينا كل زعمائنا الحاليين ونؤكد كلمة «كل» أشواقنا الى دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن بل الى ليفي اشكول وغولدا مئير وربما ايضا الى اسحق رابين وموشيه ديان ويغئال ألون وبنحاس سبير وآخرين. فقد أرادونا وأردناهم، ولم يكن يُحتاج سوى الى إنزالهم عن الرف وإجلاسهم على كرسي رئيس الحكومة. فليغفر لي جميع من يحاولون الآن تاج رئاسة الحكومة، فهم «لا يفعلون بنا ذلك». أو كما كتب أحد المحللين في أدب وغفران: «هذا هو الموجود».
سيكون مما يثير الاهتمام ذات مرة ان نحقق تحقيقا عميقا في اسباب تضاؤل وتدهور مستوى القيادة في اسرائيل. ويبدو أنه يوجد عدد كبير من الاسباب لذلك، لكننا سنعد هنا والآن ثلاثة فقط كما يُقسم كل شيء في الجيش الاسرائيلي الى ثلاثة أقسام:
السبب الاول: التبريد. ان ساسة بلا قدرات كل ما يوجد عندهم هو هم أنفسهم والحاجة الى الحفاظ على كراسيهم، أوجدوا قانون التبريد. وهذا القانون يُبعد عن السياسة لمدة ثلاث سنين على الأقل عسكريي الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن الذين كان كثيرون منهم حتى الآن موردا رئيسا ومصدرا للقيادة في الصعيد المدني ايضا.

ولن تُجدي جميع التفسيرات: ففي دولة يهدد وجودها حتى في سنة 2012 ما يزال جهاز الامن هو البئر شبه الوحيدة لماء حياة الزعامة. فالتجربة القيادية والادارية الخصبة والقدرة على القرار الذي تصاحبه الحياة والموت ممنوحة فقط لمن كان في منطقة قرارات مصيرية. ويصعب الاعتماد على من لم يقتل صرصورا ان يعرف كيف يقرر مصير انسان سواء أكان زميلا أم مفترسا. هكذا يُمنع في هذه الفترة ناس ذوو قدرة وتجربة كبيرة مثل عاموس يادلين ومئير دغان ويوفال ديسكن وغابي اشكنازي وآخرين ان يحطوا في موقع القيادة بافتراض أنهم يريدون الاستمرار في التأثير حقا.
السبب الثاني: ان السوق المدنية لا سيما الهاي تيك تجذب شبابا موهوبين جدا يرون في عملهم بركة. من جهة المردود وبُعد الصيت والشهرة والاحترام ايضا. وهم يتجنبون الحاجة الى لحس أقدام الجهلة والأغبياء الذين هم «مقاولو اصوات»، ويصونون أنفسهم من النقد الشديد المعروف لكل زعيم. ففي الهاي تيك رضى وبُعد صيت ومال ولا يوجد تشهير.
السبب الثالث: خفوت الكيبوتسات. مهما يبدُ الامر عجيبا في 2012 فان المستوطنات والكيبوتسات والقرى الزراعية كانت في الماضي مزودة مهمة لصف القيادة القيمية والنوعية عندنا: من ليفي اشكول (دغانيا) الى اهود باراك (مشمار هشارون) ويغئال الون (غينوسار) وموشيه ديان (نهلال) واريك نحمكين (كنال) وغداليا غال (كفار فتكين) ومردخاي اولمرت وزئيف بويم (نحلات جابوتنسكي) وكثيرين آخرين. كان الاستيطان اليهودي دائما هالة تخصه التصقت بناسه ايضا. وحينما انقضت ومرت انقضى ايضا الناس الذين هم أهل للقيادة. يصعب ان نصدق انه كان ذات مرة اعضاء كنيست ووزراء كثيرون جدا جاءوا (وذهبوا) من الاستيطان العبري.
وتوجد اسباب اخرى كثيرة. وهذه بعضها فقط تجعلنا نبقى في هذه الايام الصعبة مع «الموجود».

السابق
صقر صقر ادعى على متهمين بجرم الاتجار بالاسلحة وتهريبها
التالي
من نحن وماذا نحن؟