الأنبا شنودة… أنا المصري

الزعماء تصنعهم الحوادث والتضحيات والمواقف، ولكل أمة زعماء خلدهم التاريخ لما قدموه من تضحيات ولما ثبتوا عليه من مواقف مستندة إلى القيم والأخلاق والانتماء إلى الأمة، إضافة إلى ما قدموه من تضحيات والى تسطيرهم العديد من البطولات.
في مصر، لمع نجم هذا النوع من الزعماء بدءاً من الزعيم أحمد عرابي، الذي كانت له وقفته الثائرة في تحدي طغيان الخديوي توفيق أثناء الحكم العثماني لمصر، والذي رفض بدوره حينها مطالب الشعب المصري التي أعلنها عرابي، وقال: «كل هذه المطالب ليس لكم حق فيها، أنا خديوي البلد أفعل ما أريد وما أنتم إلا عبيد إحساننا». هذه الكلمات حدت بالرجل الوطني إلى الرد عليه بتحد وشموخ: «نحن لسنا عبيداً ولن نورث بعد اليوم».

وقفة مماثلة كانت للزعيم الشاب مصطفى كامل بتحديه للاحتلال البريطاني، وكلماته الخالدة تعكس روحه، ومنها «إن من يتسامح في حقوق وطنه ولو مرة واحدة يبقى أبد الدهر مزعزع العقيدة عديم الوجدان»، من دون أن تغيب عنا مقولته الخالدة التي يعتزّ بها أبناء مصر «لو لم أكن مصرياً، لوددت أن أكون مصرياً».
بدوره، كان سعد زغلول صاحب مواقف عظيمة وتضحيات وكلمات محفورة في النفوس، وناضل من أجل الحرية والاستقلال لمصر، وكلها أمور لا تزال تتذكرها الأجيال المتعاقبة.
اليوم، نجد أنفسنا أمام الراحل الكبير الانبا شنودة الثالث وموقفه العظيم الذي حفره في الوجدان لدرء خطر التدخل الأجنبي في مصر الحبيبة… مصر المحروسة، لدى بدء تنفيذ «مخطط الربيع العربي».
فبعد حادثة كنيسة القديسين في الإسكندرية، حاولت الولايات المتحدة – يصحبها الغرب – إيجاد ذريعة للتدخل واحتلال مصر، إلا أن الانبا شنودة الثالث كان له موقف وطني تاريخي، إذ رفض حينها اعتبار الأقباط في مصر أقلية تحتاج إلى الحماية وأطلق مقولته الشهيرة التي تنبض بحبّ مصر والانتماء إلى هذا التراب الغالي وبكل مسؤولية: «إذا كانوا يريدون التدخل من أجل حياة الأقباط فليمت الأقباط وتحيا مصر».
يا لها من وطنية مجبولة بروح الانتماء. لقد ملأ الانبا شنودة قلب كل مصري بالوطنية والتضحية والفداء، اطلق ربيعا مصريا من نوع آخر… ربيع الوحدة الوطنية والتسامح والاخاء والمحبة.
كان الراحل بموقفه الوطني التاريخي زعيماً عظيماً وامتداداً لزعماء مصر الكبار أحمد عرابي ومصطفى كامل وسعد زغلول. زرع بكلماته وبموقفه حب الوطن والوحدة الوطنية وحمى مصر من التدخل الأجنبي والتقسيم عند بدء تنفيذ «مخطط الربيع العربي» إلى الأبد بإذن الله.

من هنا، ستظل مصر الكنانة عصية على التقسيم بفضل أبناء الانبا شنودة أمثال، الأب بيغول والانبا بيشوي واخوانه، وستظل مصر كما ذكرها القرآن الكريم أرض السلام والأمان «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين». فقد ذكرت مصر في القرآن الكريم في أربعة وعشرين موضعاً، خمسة منها بصريح اللفظ وتسعة عشر ضمناً وذكرت سيناء في القرآن الكريم مرتين.
كما تم ذكر مصر في الحديث النبوي الشريف، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً، فإن لكم منها ذمة ورحما».
كما قال (صلى الله عليه وسلم): «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك خير أجناد الأرض»، فقال له أبو بكر (رضي الله عنه): «ولم يا رسول الله(صلى الله عليه وسلم)؟، فقال (صلى الله عليه وسلم): لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة».
ورغم كل ما يحاك لمصر الكنانة من مخططات ومؤامرات سيتحقق قول الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «مصر كنانة الله في أرضه، من أراد لها سوءاً هلكه الله»، وفي رواية أخرى «قسمه الله»… صدقت يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

السابق
معركة قانون الإنتخاب بين بري وجنبلاط.. والحسم بعد عودة سليمان من أوستراليا
التالي
النهار: باسيل يفنّد 10 مغالطات لدى ميقاتي: إعادة استدراج العروض لا تغيّر النتيجة