35 سنة على رحيله

يهزنا حدث عاطفي فنلجأ إلى صوته يعبر عن أعمق مشاعرنا الفياضة، وتشهد أقطارنا تطورات ميدانية مصيرية فنجده يفرض حضوره في كل ما عرفناه من غناء ثوري، وطني يتلازم مع ما كان، ويمثل إسقاطاً مدهشاً على واقعنا المعاش وكأنما هذه الهامة الفنية تتحكم في خياراتنا من قبرها.
35 عاماً هي المسافة الزمنية التي تفصلنا عن رحيله، وعاماً بعد عام لا نصدق أنه في دار غير دارنا، وفي عالم غير عالمنا، طالما أن ما تركه من إرث غنائي يحاكي كل التطورات التي تستجد على ساحتنا فنترك كل المعاصرين ونلجأ إليه لكي يعبر بنتاجه عن الراهن وهو غائب عنا منذ ثلاثة عقود ونصف، أليست هذه مفارقة تستدعي التوقف عند أدق تفاصيلها، فكيف تعيش 230 أغنية لمطرب واحد كل هذه السنوات في مقابل ولادات ميتة أخرى لمئات من الأغنيات على مدار الساعة لا تجد من يهتم بدفنها.

مجدي العمروسي أحد أوفى رفاق درب وعذابات العندليب الراحل عبد الحليم حافظ، تولى في آخر أيامه نشر كتاب عنه (كرّاسة الحب والوطنية السجل الكامل لكل ما غناه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ) ضمّنه أدق التفاصيل عن حقب بالغة الحساسية والدقة في تاريخ مصر والعالم العربي في زمن التحولات المصيرية للكيانات كلها، لنلاحظ بقليل جداً من الإنتباه وليس النباهة أن التاريخ يعيد الكرة، وفي الخبايا خطط أخطر مما عرفته أقطارنا سابقاً، لذا نسترجع ما غناه في الخمسينات والستينات لنجد أنه يغنينا الآن، وإذا كانت بعض المرجعيات الفنية تحب إضافة جديد مع كل إحتفالية سنوية بذكراه، يتعلق بما تركه من نتاج، أو بكشف «سر» جديد «لأول مرة»، فإن الثابت هو ما أعلن عام وفاته (1977) من معلومات وخلفيات، وصولاً إلى قصة حبه وإحتمالات زواجه من سعاد حسني، أما ما تعاقب من معلومات وأفكار وكشوفات فلم يتعد يوماً الفبركات الصحفية الخاوية من أي مضمون ذي قيمة أو مصداقية.

سيد الأفلام الغنائية والإستعراضية ما زال يرعب كل نجوم الغناء هذه الأيام لأنهم لا يمتلكون شجاعته في التصدي لأفلام مكلفة جداً من الأغنيات المنتجة خصيصاً للفيلم إلى التفاصيل التي تعنى بالملابس والديكورات والإضاءة، كلهم يخافون الخسارة ويلجأون إلى الكليبات التي وبكل بساطة هو من إبتكرها من خلال السينما وتحديدا: أبي فوق الشجرة، مع: دقوا الشماسي، وقدرات حسين كمال الإخراجية،

السابق
لقاء تعارف
التالي
كرم: لا يجوز أن تشوه صورة لبنان