متغيّرات كبيرة في أداء 8 آذار وحزب الله

لم تعد تولي مصادر ديبلوماسية وسياسية مراقبة الكلام على تأثير سوري في بقاء الحكومة اللبنانية وادارتها اهمية كبيرة على رغم اقرارها بان الحكومة تألفت برعاية سورية ودفع سوريا ولاهداف تصب في مصلحة سوريا ايضا من حيث اعادة عقارب الساعة الى الوراء قبل العام 2005. الا انها تعتقد ان انطلاق الثورة في سوريا قبل سنة وشهرين قد اضعف النظام الى درجة اهتمامه بانقاذ نفسه لكن معتمدا في الوقت نفسه على حلفائه في لبنان لجهة تأمين حماية ظهره وفق كل ما توجهت به عواصم الدول الكبرى الى الحكومة اللبنانية وفي مقدمها العاصمة الاميركية. الا ان بقاء الحكومة المكونة حصرا من افرقاء 8 آذار واقلية وسطية لم تعد تؤمنه الحماية السورية لها بمقدار ما تؤمنه حماية " حزب الله" باعتبار ان اداءه مماثل للمرحلة التي نشأت بعد انسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان 2006 واعتماد دمشق عليه ليأخذ دورها في لبنان ويعيد الامور او يبقيها تحت مظلتها. وهو ما يعتقد انه حصل في التجاذب حول مشروع الكهرباء وحماية الحزب لحليفه العوني بعدما سدد له موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خلال التقرير الذي قدمه ضربة قاصمة لكل الشعارات التي يرفعها علما ان حماية الحكومة وحلفاء دمشق تحديدا هو مصلحة اساسية للعاصمة السورية واي تهاون في شأن حلفائها هو اضعاف للنظام السوري على المستوى الشخصي نتيجة التفسيرات التي سيسمح بها استهداف الحلفاء في حال حصوله. اذ ان بقاء الحكومة في لبنان هي جزء من المشهد الداعم له واستمرار قدرته على التأثير ولو عبر حلفائه. وتعتقد المصادر المعنية ان ترداد بعض افرقاء المعارضة في لبنان ان الحكومة لا تسقط على رغم الهزات التي تمر فيها وانها حكومة مدعومة سوريا من شأنه ان يعطي النظام قوة وقدرة يتنافيان مع كلام المعارضة نفسها انه على وشك السقوط والانتهاء في حين ان الاصح هو انها تحظى بحماية الحزب ودعمه ولم يخف امينه العام السيد حسن نصرالله ذلك منذ اشهر لان سقوط الحكومة يفيد ايضا بخلل سياسي لا يصيب النظام السوري فحسب بل ايضا حلفائه من ايران الى " حزب الله" في لبنان.

يطيب لهذه المصادر الاعتقاد ان هناك هامشا معينا تصرف به افرقاء الحكومة من قوى 8 آذار من اجل الحفاظ عليها وهناك متغيرات كبيرة لا تخفي هذه المصادر انها تناسبها وتجعل من الحكومة مقبولة نسبيا من اجل تقطيع المرحلة من دون اندفاع نحو تغييرها في هذه الاونة لعدم الرغبة في ملف يمكن ان يكون متفجرا في المنطقة وعلى الحدود مع اسرائيل. فهناك من جهة الاستقرار الامني عموما والجنوبي خصوصا والذي يحرص "حزب الله" عليه بقوة خصوصا بعد التحذير الجدي الذي وجهه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من سحب القوة الفرنسية العاملة من ضمن القوة الدولية العاملة في الجنوب مع ما يعنيه ذلك من مفعول دومينو بالنسبة الى الدول المشاركة في القوة. فبات امن الجنوب محميا ومتابعا عن كثب على نحو اكثر امانا في ظل هذه الحكومة واكثر من اي حكومة سابقا ولم يعد يسمع باي خرق او يسمح به على نحو تقارنه هذه المصادر بالاسلوب السوري لجهة ضمان امن حدود اسرائيل لقاء ممارسة السلطة كاملة في الداخل. وهناك ايضا اتاحة " حزب الله" تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتمديد لها ايضا من دون اي ضجة.

وهناك ثالثا انخفاض منسوب الحملات السياسية والكلامية ضد الولايات المتحدة الاميركية. ففي مقابل الكلام لدى اطاحة حكومة الوحدة الوطنية ان اسقاطها انما يعني هزيمة الاميركيين في المنطقة ودحرهم عنها انطلاقا من لبنان، فان اي موقف لم يصدر عن مواصلة واشنطن تقديم المساعدات للجيش اللبناني كما ان زيارات قادة عسكريين اميركيين الى لبنان تواصلت وتتواصل بوتيرة منتظمة الى لبنان من دون اي تعليق. وقد لفتت هذه المصادر زيارة المنسق الاميركي لشؤون سوريا والمنطقة فرديريك هوف رئيس مجلس النواب نبيه بري مرتين من اجل بحث موضوع النفط والغاز في البحر في ظل وساطة يقوم بها هوف مع اسرائيل من اجل تسوية اي نزاع بين لبنان واسرائيل. وتولي بري هذا الملف وتوجهه الى قبرص للتفاوض في هذا الملف اثار ولا يزال حساسيات كون الحكومة هي من تتولى التفاوض في حين يظهر استقباله هوف ان الاميركيين براغماتيين في التعامل مع ملف يمكن ان يثير " حزب الله" مشكلة في شأنه مع اسرائيل في حين ان الاميركيين لا يودون ذلك علما ان التحفظات على دفع الاميركيين الملف الى بري انه يضع ملف بهذه الاهمية والخطورة عند الطائفة الشيعية في المسؤولية وفي النتائج ايضا على نحو يؤثر سلبا وبقوة على الدولة اللبنانية وسلطتها. وهذا جانب يثير نقاشات وخلافات في كواليس اهل السلطة لكن لجهة الموقف من الاميركيين فان احدا من الحزب او سواه تطرق الى موضوع دخول واشنطن على هذا الخط ورعايتها التفاوض حوله. وهذا يعد تغييرا اساسيا لا يقل اهمية عن المتغيرات الاخرى التي تجعل من الحكومة نقطة تقاطع على استمرارها سوريا وغربيا ايضا وان كان من منطلقات مختلفة ولاهداف مختلفة.

السابق
النهار: قانون الانتخاب يُسحب من الأدراج ونصر الله: الحكومة باقية بالسياسة
التالي
الميزان السوري