جنبلاط حرق معظم أوراقه.. ويلعب بالورقة الاخيرة “يا قاتل يا مقتول” ؟!

يبدو واضحاً أنّ الأزمة السوريّة غيّرت الكثير على المستوى الدرزي من خلال تموضع القيادات الدرزيّة المقبل وأحجامهم ضمن اللعبة السياسية الداخلية والإقليمية.

وهنا ترى جهات سياسية درزيّة أنّ رئيس "جبهة النضال" النائب وليد جنبلاط حَرَق معظم أوراقه من خلال ذهابه مع النظام السوري، على طريقة "يا قاتل يا مقتول"، وهو الذي أكّد ضمناً أنّه "خسر معركته وربح نفسه". إنّما اللافت في هذا الإطار، الخلاف السياسي الكبير ضمن الملعب الدرزي، وهذا ما برزت معالمه خلال الساعات الماضية في الهجوم العنيف الذي شنّه النائب السابق فيصل الداوود على زعيم المختارة، وهنا تقول أوساط مقرّبة من النائب جنبلاط إنّه لم يراهن على سقوط النظام السوري سريعاً، بل على قدرة الشعب السوري في مواجهة هذا النظام، ولا تخفي هذه الأوساط أنّ زعيمهم شعر في لقاءاته الأخيرة من روسيا إلى باريس ولندن، وجود رائحة تسوية ما مع النظام السوري، ولم يشعر بأنّ هناك قراراً دوليّاً بتنحية الرئيس السوري بشّار الأسد.

أمّا على خطّ القيادات الدرزيّة، فإنّ الانقسام بينهم يتّجه، وبحسب الأجواء المتوفّرة، إلى التفاعل أكثر في الأيّام المقبلة من خلال التصعيد السياسي الذي سيزيد من الشرخ القائم بين هذه القيادات، في وقت عُلم أنّ هناك استياءً سوريّاً عارماً من النائب طلال إرسلان لعدم اتّخاذه موقفاً حاسماً داعماً للنظام، إضافة إلى وقوفه إلى جانب جنبلاط في بلدة عبيه أثناء حفل تأبين شيخ عقل الدروز في سوريا الشيخ سليمان الهجري. وترى قيادات درزيّة معارضة للسياسة الجنبلاطية بأنّ هَمّ النائب إرسلان الأول والأخير الحفاظ على موقعه النيابي في منطقة عاليه الذي يتركه له جنبلاط في كلّ دورة انتخابية، على رغم تشطيبه من الجمهور الإشتراكي، الذي بدوره لا يهضم ترك هذا المقعد شاغراً لإرسلان.

وهنا، وفي إطار الحديث عن الملفّ الدرزي، فإنّ رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهّاب، كان أبرز القارئين للأحداث السوريّة ومسارها، ولا سيّما أنّه كان أوّل من التقى الرئيس الأسد لثلاث ساعات، وأهمّية موقفه أنّه لم يستثمر هذا الرصيد وغيره في مواجهة جنبلاط سياسيّاً وتصعيديّاً حفاظاً على وحدة الصفّ الدرزي لعدم حصول أيّ إشكالات أو توتير لا يقبل به، ومن هنا أتى أداؤه بمثابة "ضربة معلّم" عندما ترك الأمور لحكمة المشايخ والهيئة الروحيّة، وتحديداً بشأن دروز سوريا، مما نفّس الاحتقان وولّد ارتياحاً عند المشايخ والجمهور الدرزيّ بمعزل عن موقفه السياسي الواضح تجاه النظام السوري.

ومن هذا المنطلق، يبدو أنّ الأمور على الساحة الدرزيّة سائرة باتّجاهات غير مريحة، وتحديداً على الخطّ الجنبلاطي الذي يُبقي خصومته قائمة حتى مع فريق 14 آذار، عندما انتقد بعض المنظّرين في هذا الفريق، إضافة إلى غياب اللقاءات مع الرئيس سعد الحريري، واقتصار ذلك على اتّصالات هاتفية معه بقيت في إطار الاجتماعيات، وقد غمز جنبلاط من قناة السعودية عندما قال إنّه غير مستعدّ لدفع ثمن للقائه الحريري، وهنا يقصد زيارته السعودية المستاءة منه بعد انسلاخه عن الأكثرية السابقة، وتنكرّه لما قدّمته له المملكة. وبالتالي ترى مصادر مطّلعة على حيثيات هذا الأمر، أنّ مواقف بعض وزراء جنبلاط لإصلاح العلاقة مع السعودية، إنّما هي إنشائيّة و"بيع مواقف" لأنّ الرياض تريد علاقة مع كافّة الدروز، وليس مع طرف سياسيّ تخلّى عنها لمصالح خاصة، ما يعني أنّ الثمن الذي تحدّث عنه "أبو تيمور" باهظ، ممّا يؤكّد بأنّ رئيس الحزب الإشتراكي بات في وضعيّة التفتيش عن حلول تقيه من الظروف التي يعيشها، وعليه فإنّه يلعب ورقته الوحيدة، والتي لم يحرقها، والمتمثّلة بـ"حزب الله"، حيث عاد وشرّع سلاحه، في حين أنّ بعض وزراء "جبهة النضال" يتحدّث عن اتّصالات يوميّة مع قيادة الحزب وتنسيق ميدانيّ في كافّة القطاعات، ومن الطبيعيّ أنّ ذلك يُزعج السعودية والرئيس الحريري، في ظلّ الحملات التي تشنّها قوى الثامن من آذار و"حزب الله" على القيادة السعودية والبحرين، في حين أنّ جنبلاط أيضاً حسم بقاءَه في الحكومة على ذات الخلفية في علاقته مع "حزب الله" تحت شعار" الإستقرار والبقاء في السلطة وتمرير المرحلة" وخصوصاً أمام قراءة جنبلاط الإقليمية غير المريحة حول إسقاط النظام، والتي كان لمسها في بعض دوائر القرار.

السابق
سقوط الأسد بات صعباً..
التالي
تخريج دورة في الكومبيوتر والتزيين النسائي