دقّت ساعة الحقيقة في 14 آذار

ينتظر أن تبدأ اللجنة الثلاثية التي شكلت لإعادة تقويم الوضع داخل 14 آذار، بتحديد الخطوات المفترض اتخاذها لمَنع المراوحة من أن تتحوّل أزمة.

في المقابل، ما من شيء يدلّ على أنّ هذه اللجنة ستكون قادرة على ترتيب انتقال 14 آذار من واقع مأزوم الى مستقبل يوحي بأن القوى هذه باتت قادرة على مواكبة المتغيرات السريعة الحاصلة في المنطقة، والتي لا يبدو أن أيّ طرف داخلي يمتلك الجهوزية للتعامل معها.

وإذا ما احتكمنا الى نظرية المؤامرة لبعض الوقت، فإنّ الطرف الذي ساهم باختلاق الأزمة وتعويمها الى العلن، هو الطرف نفسه المُطالَب بأن يبدأ بالإصلاح، والمعني به هنا هو الامانة العامة التي أصبحت شمّاعة لتعليق الازمات داخل 14 آذار.

فهذه الامانة و"للأمانة" هي التي هندست فكرة احتكار المجتمع المدني لمنبر الذكرى السادسة في البيال، وهي التي ركّبت بعض الكلمات، وهي التي وجّهت الاهتمام صوب افتئات تمارسه القوى الحزبية داخل 14 آذار، على تمثيل المجتمع المدني ودوره وحجمه، كما انها هي التي التقطت هذه المضامين الاعتراضية على استئثار التحالف الثلاثي (الكتائب والقوات والمستقبل) بالقرار داخل 14 آذار، هذا الاستئثار الذي يحمل أوجهاً فيها بعض الازدراء بمَن يعتقد في هذا التحالف انّ المكوّن المدني هم ضبّاط بلا عسكر في 14 آذار لا يتقنون سوى ترف الممارسة السياسية "من فوق" التي لا تطعم خبزاً ولا تملأ الساحات بالجماهير.

وهذه الأمانة ايضا هي التي دفعت الى الواجهة نقاشا حول طريقة ردم الهوة بين مَن يمتلكون هوية 14 آذار ومبادئها، وبين مَن يتمركزون داخل ائتلاف احزاب، يدرك انه في موقع قوة ولا يشعر بالحاجة الى النظر من زاوية متساوية مع مَن لا يرى فيهم شريكاً قادراً على المنافسة.

من هنا يمكن مقاربة أزمة 14 آذار في قدرتها أو عدم قدرتها على ردم هذه الفجوة، بين مَن يدّعون امتلاك روح 14 آذار ومبادئها ومَن يدعون حصرية امتلاك قوتها الشعبية الدافعة. ومن هنا ايضا لا بد من أن تبدأ المراجعة التي لا تنحصر بإعادة النظر في هيكلية الأمانة العامة التي سعى فارس سعيد لإبقائها كما هي متماسكة بكلّ من يجلس على طاولتها الاسبوعية، بل التي تمتد الى النظر بآلية اتخاذ القرار كلها، وهو ما يعني إنشاء مجلس وطني وقيادة مشتركة، وربما يعني الذهاب الى حد تطبيق ما طرحه النائب بطرس حرب المتعلّق بتشكيل كتلة نواب موحدة لـ14 آذار، كما انه يعني دخول المجتمع المدني تحديدا في هذه الآليات شريكاً في اتخاذ القرار وصناعته، فلا يعود التحالف الثلاثي صاحب الحق الحصري في توجيه سياسة 14 آذار العامّة. وعندها، وللمفارقة، يصبح سعيد ورفاقه في الأمانة العامة قادرين على توضيح هويتهم الملتبسة، سواء أكانوا ممثلين للتحالف الثلاثي ومكلفين بترجمة سياساته على طاولة الامانة العامة، أم انهم يمثلون تطلعات المجتمع المدني الذي بات أشبَه باللقيط الفاقد للشرعية والحضور والدور.

السابق
قمة بغداد تُسلّم بتدويل الأزمة السورية.. وتطالب بتنفيذ خطّة أنان فوراً
التالي
بطولة الفولكلور المدرسي في النبطية