وضع السلاح في كنف الدولة هو الحلّ

انقسام اللبنانيين انقساماً عمودياً حول موضوعين أساسيين هما: الأحداث في سوريا وسلاح "حزب الله" لم تتوصل لا القمم الروحية المسيحية – الاسلامية ولا لقاءات الزعماء السياسيين الى اتفاق حولهما.
والسؤال المطروح هو: هل في إمكان اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، التوصل الى اتفاق في شأنهما ينهي انقسامهم ومتى؟
يقول سياسي مخضرم عاصر انقسام اللبنانيين حول مواضيع كثيرة منذ الاستقلال إلى اليوم، إن الخلاف حول الأحداث في سوريا بين من هم مع النظام فيها ومن هم ضده، يمكن معالجته بالاتفاق على سياسة النأي عنها نأياً تاماً وصحيحاً وهذه السياسة يترجمها تحييد لبنان عن الاحداث ليس في سوريا فحسب، بل في كل دولة عربية وغربية والأخذ بدعوة البطريرك الى الحياد، وهو ما سبق لسلفه البطريرك الكاردينال صفير ان دعا اليه ونادى به زعماء مسيحيون كي ينعم لبنان بالأمن والاستقرار الدائمين والثابتين ويبتعد نهائياً عن سياسة التجاذبات والصراعات بين المحاور على ارضه بعدما عانى منها الكثير. وكان في الإمكان أيضاً الاتفاق كخطوة أولى على آلية تجعل لبنان مركزاً لحوار الأديان والحضارات والثقافات، وهو ما بدأت الدعوة اليه مع الرئيس الراحل سليمان فرنجيه امام الجمعية العمومية للامم المتحدة وتكررت في عهود لاحقة وأخيرا بلسان الرئيس ميشال سليمان في محافل عربية ودولية، لكنها ظلت من دون ترجمة تبدأ بوضع مشروع قانون يقرّه مجلس الوزراء تمهيداً لطرحه على الأمم المتحدة.
الواقع، ان ليس سوى تحييد لبنان او حياده ما يضمن استمرار وحدته الداخلية وترسيخ العيش المشترك، ودوام استقراره سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وإلا ظل اللبنانيون منقسمين بين شرق وغرب وبين دولة ودولة كما هي حالهم اليوم وذلك بين من هم مع النظام السوري ومن هم ضده، وكل فريق يدّعي ان غالبية الشعب السوري هي مع موقفه. وقبلاً كانوا منقسمين بين من هم مع بريطانيا ومن هم مع فرنسا ثم من هم مع اميركا ومن هم مع "التيار الناصري" ومن هم مع "حلف بغداد" ومن هم ضده، ومن هم مع المسلحين الفلسطينيين في لبنان ومن هم ضدهم، ومن هم مع بقاء الجيش السوري في لبنان ومن هم ضد بقائه. فعندما يكون فريق لبناني مع جهة عربية او دولية، فمن الطبيعي ان يكون فريق آخر مع جهة اخرى، ولا سبيل للخروج من هذا الانقسام الا باعتماد سياسة الحياد عن الجميع ما عدا اسرائيل الى ان يتحقق السلام الشامل في المنطقة.
اما الموضوع الآخر، فهو المتعلق بسلاح "حزب الله" والذي يحدث ايضاً انقساماً بين اللبنانيين فينبغي أن يعالج بالجواب عن سؤال مهم هو: هل يريد اللبنانيون دولة قوية قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها ولا تكون سلطة غير سلطتها ولا دولة غير دولتها ولا سلاح غير سلاحها؟ الجواب عن هذا السؤال لم تتوصل إليه قمم روحية اسلامية – مسيحية، ولا لقاءات الحوار التي جمعت القوى الاساسية في البلاد، وصارت المواضيع الخلافية بعيدة عن البحث تجنباً لمزيد من الخلافات والانقسامات، وبقيت العلّة من دون علاج لتنتشر في الجسم اللبناني كله…
لذلك مطلوب من الرؤساء الروحيين ومن الزعماء السياسيين اتخاذ موقف من حياد لبنان او تحييده ليس بالكلام الآني والعابر انما باتخاذ اجراءات عملية، والا فلا عتب عندئذ على فريق لبناني اذا انحاز لهذا المحور وذاك لمحور آخر وظلت ارض لبنان ساحة مفتوحة للصراعات. ومطلوب ايضا اتخاذ موقف من سلاح "حزب الله" فإما لا يكون سلاح خارج الدولة تحت اي ذريعة لتقوم في لبنان دولة، وإما ينتشر هذا السلاح في كل منطقة ولا يبقى حكرا على فئة من دون اخرى، وعندئذ لا قيام للدولة بل تعود الدويلات ويصبح لكل طائفة دولتها وسلاحها، ولكل لبناني وطن على ذوقه…  

السابق
لكي يعود العراق .. عـراق العـرب
التالي
زلزال استراتيجي يضرب أركان العالم