المستقبل : 14 آذار ترفض انتهاك السيادة من أي جهة أتى

طمرت الحكومة جمر خلافاتها الكهربائية تحت رماد إقرار صيغة تسووية لم تكسر أحداً في الظاهر، لكنها وجّهت في الباطن ضربة حرزانة تشبه "الصفعة المكهربة" الى وزير الطاقة جبران باسيل وطموحاته وحساباته.. علماً، من جهة ثانية، أن إمتناع الوزير الإصلاحي عن توقيع جدول تركيب أسعار النفط قد يدفع باتجاه تفجّر أزمة محروقات كبيرة بعد توقف الشركات المستوردة عن تسليم بضاعتها الى المحطات.
غير أن المسلسل الحكومي الممل، لم يحجب الأنظار عن مسلسل الاعتداءات التي نفذتها قوات بشار الأسد على منطقة القاع وأهل عرسال، الأمر الذي دعا الأمانة العامة لقوى 14 آذار الى مطالبة الحكومة بتحمل مسؤولياتها، مؤكدة بعد اجتماعها الأسبوعي رفضها "أن يكون هناك أي انتهاك للسيادة من أي جهة أتى. لا انتهاك السيادة من قبل العدو الإسرائيلي مقبول، كما أنه غير مقبول من نظام قاتل في سوريا".
وكان لافتاً ليلاً، تسجيل سقوط قذيفتي "إينيرغا" في محلة باب التبّانة في طرابلس ما أدى الى توتّر محدود في الوضع سُمعت خلاله أيضاً رشقات نارية متفرّقة.
الكهرباء
مصادر وزارية أكّدت لـ"المستقبل" ان جلسة مجلس الوزراء مساءً شهدت شبه إجماع على أن الأسعار التي طُرحت حول استئجار البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية غير مقبولة، فيما وصف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المفاوضات التي جرت مع الشركات بأنها لم تكن وفق الشروط المطلوبة مما وفّر مناخاً بعد نقاش طويل حول الموضوع، أدى الى إقرار المجلس إعادة التفاوض والتدقيق في شروط التعاقد، وأوكل الأمر بذلك الى اللجنة الوزارية برئاسة ميقاتي وليس الى باسيل الذي سبق وفاوض الشركات منفرداً.
وكان ميقاتي افتتح النقاش منتقداً الأسعار والمفاوضات التي جرت معتبراً أن الأمور انطلقت من مكان وانتهت في مكان آخر، وردّ باسيل بالقول "نحن اتصلنا بشركات وأنتم اتصلتم بشركات أيضاً. وأنت (ميقاتي) أبلغتني بشيء ونفّذت شيئاً آخر". فقال ميقاتي "ان المسألة تحتاج الى إعادة نظر"، فيما قال الوزير غازي العريضي "سبق وظهرت على هذه الطاولة التباسات في الأرقام والأسعار فلماذا نلوم الاعلام بعد أن تطرطشت كل الحكومة وتمّت الإساءة لنا جميعاً، مضيفاً "لم نكن مضطرين لحصول ما جرى والوصول الى ما وصلنا إليه اليوم بسبب سوء الادارة لهذا الملف". وقال "نحن نعترض على ما جرى وعلى ما يُطرح الآن". فأكمل الوزير وائل أبو فاعور قائلاً "نحن نصرّ على اعادة المناقصة من جديد" وأيّده في طرحه الوزراء نقولا نحاس ووليد الداعوق وعلاء الدين ترّو وناظم الخوري المعترض أساساً على البواخر لأسباب بيئية، عندها قرّ الرأي، بعد ظهور شبه الإجماع المشار إليه، على إعادة التفاوض حول الأسعار، من دون أن يلغي ذلك إنشاء معامل وفق المواصفات العالمية. وكان لافتاً هنا، أن ميقاتي قال "انه اذا لم تعجبنا الأسعار الجديدة سنعيد المناقصة كلها".
وأضافت المصادر أن وزراء "حزب الله" و"أمل" دافعوا عن وجهة نظر باسيل ووصل الأمر ببعضهم الى حدّ توجيه انتقادات لميقاتي. فيما بدا أن معظم الوزراء الباقين معارضون لطرح باسيل ما حدا بالوزير سليم جريصاتي الى القول "هذا نوع من تصويت"، فردّ عليه الوزير أبو فاعور بالقول "وهل أصبح التصويت ممنوعاً في مجلس الوزراء؟.
وعُلم أن مجلس الوزراء أقرّ خطة النقل كما تقدّمت بها وزارة الأشغال المتعلقة بشراء الباصات والحوافز للسائقين.
المحروقات
الى ذلك، توقفت الشركات المستوردة للنفط عن تسليم المحروقات الى أصحاب المحطات، التي ما زالت تبيع مخزونها الى أن ينفد، بعد خطوة الوزير باسيل عدم توقيع جدول تركيب أسعار النفط للأسبوع الجاري.
ويأتي عدم توقيع باسيل على وقع إضراب قرّره القطاع النفطي مطلع الشهر المقبل، بعد إضرابه التحذيري في 15 الشهر الجاري، وفي وقت بدأت اتحادات ونقابات قطاع النقل البرّي "التحضيرات والاتصالات، التي ترافق الإجراءات لتنفيذ الإضراب والتظاهر في 19 نيسان (ابريل) المقبل"، وهو ما يدفع الأمور الى مزيد من التعقيد.
وأشارت مصادر عليمة الى أن "خطوة باسيل تبدو كأنها تحريض للشركات على افتعال أزمة محروقات يتحمّل جزءاً منها المواطن باعتباره الأضعف في الحلقة. وذكّرت بأن "تعديل أسعار المشتقات النفطية هو من صلاحية الوزير وفقاً للأنظمة والقوانين المطبّقة والمرعية الإجراء، وهي أمانة في يده وعليه أن يعدّل الأسعار هبوطاً أو ارتفاعاً حماية لمصالح المواطنين"، واعتبرت ان "ما حصل يدعو الى التساؤل عن التوقيت وأسبابه".
وقال رئيس تجمع شركات النفط مارون شماس، لـ"المستقبل"، إن الشركات لم توزع حمولاتها على محطات الوقود، وأنه لا يعلم الأسباب التي دعت وزير الطاقة الى عدم التوقيع. وتوقّع حصول "أزمة وقود اليوم في حال لم تتم معالجة الأمر سريعاً".  

السابق
السفير : جنبلاط: أريد أن أختم حياتي بالقطيعة مع النظام السوري
التالي
الديار: هكذا خرج مجلس الوزراء من عنق الزجاجة: تجزئة البواخر ومناقصة