السفير : جنبلاط: أريد أن أختم حياتي بالقطيعة مع النظام السوري

تجاوز مجلس الوزراء خلال جلسته أمس "القطوع الكهربائي" بسلام، ونجحت "المدرسة اللبنانية" في تعميم فن التسوية على ملف الطاقة، تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب"، فظلت البواخر عائمة، من دون ان تغرق المعامل، وإنما مع إعادة ترتيب الأولويات، على قاعدة إعطاء قوة دفع للتفاوض بشأن الكلفة مع الشركتين الأميركية والتركية حول استئجار باخرة، كما يقول الرئيس نجيب ميقاتي أو اثنتين كما يؤكد الوزير جبران باسيل، وذلك في موازاة إطلاق ورشة بناء معامل جديدة لإنتاج 1500ميغاوات، بمشاركة من القطاع الخاص.
وأبلغت مصادر وزارية "السفير" أن النقاش في الجلسة كان علمياً، من دون أن يخلو أحياناً من بعض الحرارة، ولا سيما بين الوزير باسيل ووزير الاقتصاد نقولا نحاس، كما أن كلاً من الرئيس ميقاتي وباسيل أخذ وقته في عرض وجهة نظره، ليتبين أن هناك تقاطعات بين الطرحين، انعكست في قرارات مجلس الوزراء الذي وافق على استئجار البواخر لتأمين الطاقة بحوالي 270 ميغاوات لفترة أقصاها ثلاث سنوات، وعلى الإسراع في تنفيذ معامل 1500 ميغاوات وفق ورقة سياسة قطاع الكهرباء وإنجاز كل ما يلزم من ناحية الدراسات ودفاتر الشروط وشبكة النقل، والعمل على تأمين التمويل اللازم واتخاذ الخطوات لتسهيل مشاركة القطاع الخاص.
كما قرر مجلس الوزراء تعيين أنطوان جبر رئيساً لإدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية، ونتالي يارد رئيسة إدارة الأبحاث والتوجيه في المجلس نفسه، ومنى عواد رئيسة لفرع الشؤون الوزارية في رئاسة مجلس الوزراء.
ووافق المجلس على مشروع قانون السيارات العاملة على المازوت الأخضر والغاز، وإجراء مناقصة لشراء 250 باصاً، كما أقرّ قطع الحسابات المالية للأعوام 2006 الى 2010 ضمناً.
وخلال النقاش الكهربائي، أشار وزير المال محمد الصفدي الى أنه سبق لمجلس الوزراء أن اتخذ قراراً يقضي بتأهيل معملي الجية والذوق "وهذا يعني أن المباشرة بالتأهيل ستؤدي حكماً الى خفض في إنتاج الطاقة، مما يوجب علينا تأمين بديل عن طريق البواخر، حيث كلفة الإنتاج أرخص من المعامل بـ15 في المئة ولمدة ثلاث سنوات، وبذلك نكون قد زدنا 700 ميغاوات الى حين تأهيل المعامل التي ستحقق حكماً الزيادة في الإنتاج". وأوضح ان العلاقة بينه وبين الرئيس ميقاتي عادية، "لكن وزير الاقتصاد (نقولا نحاس) أدلى بكلام مؤسف".
وطرح باسيل في مستهل الجلسة تقديم البند المتعلق بالكهرباء ومناقشته كبند أول نظراً لأهميته، مبدياً خشيته من أن يؤدي التأجيل الى جعله ملف شهود زور جديداً، ولكن الرئيسين سليمان وميقاتي فضلا السير بجدول الأعمال كما هو، وقال سليمان لباسيل إن الموضوع سيناقش "وأنا مستمر معكم حتى الآخر".
وما ساهم في "تطرية" أجواء الجلسة مبادرة ميقاتي الى تهنئة الوزير الصفدي وتقبيله لمناسبة عيد ميلاده، على وقع تصفيق حار من بعض الوزراء.
ميقاتي: حققنا ما نريده
وقال الرئيس ميقاتي لـ"السفير" إن الجلسة جيدة ومنتجة، معتبراً أن القرارات التي صدرت كانت هامة جداً سواء ما يتعلق منها بالكهرباء أو بإقرار بعض التعيينات أو بإنجاز قطع الحساب او بشراء الباصات لتفعيل النقل المشترك.
وفي ما خص الملف الكهربائي، رأى ميقاتي أن ما كان يركز عليه قد تحقق، وهو تأمين أعلى معدلات من الطاقة بأقل كلفة ممكنة، "وبالفعل فقد تم التوفيق بين مبدأ معالجة أزمة الكهرباء والحفاظ على مال الخزينة"، مشيراً الى أن "الخلاصة التي توصلنا إليها هي ترجمة لقاعدة لا غالب ولا مغلوب".
وأوضح ميقاتي أنه وافق على مواصلة التفاوض مع الشركات المعنية بتأجير البواخر حول كلفة المشروع، على قاعدة الاحتفاظ بحق معاودة طرح المناقصة في حال لم نحصل على السعر المناسب، معتبراً أن هناك إمكانية لتخفيض الكلفة من قرابة 8700 مليون دولار على مدى خمس سنوات الى 400 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، ولكنه استبعد في كل الحالات التمكن من الاستفادة من الباخرة المنتظرة في الصيف المقبل، لا سيما أنه يجب ألا نظهر محشورين في الوقت خلال التفاوض حتى لا يُفرض علينا سعر مرتفع، موضحاً أن ذلك لا يعني بالضرورة أننا مقبلون على تفاقم في التقنين، لأن صيانة معملي الجية والذوق ستتم في الخريف وليس في الصيف.
وشدد على ان عملية الاستئجار ستترافق مع البدء في تشييد معامل جديدة لإنتاج 1500ميغاوات وتفعيل مؤسسة كهرباء لبنان وتعيين مجلس الإدارة ووقف الهدر، كما أنه من المتوقع ان ترسو مناقصة الـ700ميغاوات الملحوظة في خطة الكهرباء على الشركة التي تقدم العرض الأفضل قبل نهاية آيار المقبل.
باسيل: لا ضرورة للتشاطر
من ناحيته، قال وزير الطاقة والمياه جبران باسيل لـ"السفير" إنه يوافق ميقاتي على عدم وجود غالب ومغلوب في جلسة مجلس الوزراء أمس، بل هناك رابح واحد هو مشروع البواخر الذي يشكل جزءاً من كُل، لافتاً الانتباه الى ان هناك من افتعل أصلاً معركة وهمية لا مبرر لها. وأضاف: ما حصل انتصار لرئيس الحكومة واللجنة الوزارية والكهرباء، بعدما أُعيد تصويب مسار النقاش على اساس ان استئجار البواخر هو ممر إلزامي لا يتعارض مع بناء معامل جديدة كما يطرح الرئيس ميقاتي.
وفي ما خص تمسك ميقاتي بالتفاوض مع الشركات على سعر أفضل، اعتبر باسيل أن التفاوض لم ينته أصلاً، ونحن كنا في طور استكمال البحث مع الشركتين الأميركية والتركية حول العقد والشروط المالية، قبل ان يستجد موقف رئيس الحكومة الذي خلط الأوراق.
وأوضح باسيل انه يمكن استحضار الباخرتين اللتين نحتاج إليهما خلال شهر آب المقبل، إذا صفت النيات ولم يتصرف أحد على أساس ان ذلك يشكل خسارة له، مشيراً الى أنه يحتاج الى أسبوعين كحد أقصى لاستكمال التفاوض مع الشركتين الأميركية والتركية حول التفاصيل العالقة.
وشدد على ان تخفيض فترة استئجار الباخرتين من خمس الى ثلاث سنوات كان مطروحاً من الأساس، "وأنا معي كتابين من الشركتين حول هذه النقطة، كما ان الطاقة المراد إنتــاجها محددة أصلاً بـ270ميغاوات ولا جديد في الأمر"، داعياً الى الابتعاد عن التشاطر في تسجيل إنجازات غير واقعية.
جنبلاط: هكذا سأختم حياتي
على صعيد آخر، قال النائب وليد جنبلاط لـ"السفير"، إنه قرّر أن ينتقل الى موقع القطيعة النهائية مع النظام السوري مهما كانت الأكلاف، وسواء بقي النظام أم لم يبق، معتبراً أن لحظة التخلي الحقيقية والتي لن تتكرر تتمثل في عودته الى استئناف التواصل مع النظام والرئيس بشار الأسد بعد سنوات القطيعة التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وأضاف: أفضل أن أختم حياتي بخلاف مع النظام السوري، وأنا مرتاح بقراري وأجد نفسي منسجماً مع قناعاتي ومشاعري. أعرف أنني قد أخسر سياسياً، لكنني في النهاية أربح نفسي.
في المقابل، أكد جنبلاط ان التواصل مستمر بشكل شبه يومي مع "حزب الله" من خلال مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق وفيق صفا. وتابع: لقد تجاوزنا مرحلة التوتر الكبرى التي سادت بعد احداث أيار 2008، ووضعنا تسوية قائمة على عدم الدخول في أي مساجلة مذهبية وهذا ما نتمسك به، ولنكن واقعيين: أيّ خطر يمكن ان اشكله شخصيا أو بما أمثل على "حزب الله"؟ وأنا اختلف مع منطق منظري فريق 14 آذار القائل بالرهان على سقوط النظام السوري لاستعادة السلطة، وبالتالي تجاوز الشريك الشيعي("حزب الله" والرئيس نبيه بري) وعدم محاورته، فهذا منطق لا يوصل الى أية نتيجة.
وشدد جنبلاط على أنه يؤيد بقاء سلاح المقاومة "الى أن تأتي تسوية سياسية تضع هذا السلاح في عهدة الدولة، اذا ما قدر لنا ان ننشئ دولة، وبالتالي لا يجوز ان نجعل من هذا الأمر مبعث توتر دائم".
ورداً على سؤال حول إمكانية عقد لقاء بينه وبين الرئيس سعد الحريري، أجاب: لمثل هكذا لقاء ثمنه السياسي، وأنا لست مستعداً لدفعه، وبالتالي أنا راض بواقعي الحالي وباق في الحكومة على علاتها.
  

السابق
النهار: جلسة الساعات ال 8 استولدت التسوية واعتراض جنبلاطي
التالي
المستقبل : 14 آذار ترفض انتهاك السيادة من أي جهة أتى