من المستفيد من التعتيم على قضية السيد موسى الصدر ؟

الامام موسى الصدر بقي على قيد الحياة في زنزناته في سجن ابو سليم في طرابلس الغرب حتى اواخر التسعينات من القرن الماضي اي بعد نحو 12 عاماً من "اختفائه" حين فارق الحياة متأثراً بمرض السكري في الدم بعدما رفض سجانوه تأمين الادوية الضرورية اللازمة له، قبل ان يطلب العقيد معمّر القذافي تحويل الزنزانة إلى ثلاجة على طريقة مشارح المستشفيات المعدة لحفظ جثث الموتى، وفيها بقي جثمان الامام المغيّب حتى 22 اغسطس الماضي تاريخ سقوط العاصمة الليبية في أيدي الثوار حين تعرّض السجن لقصف مدفعي كونه كان تحت اشراف أحد المسؤولين الاستخباريين التابعين للنظام، وهو عبد الحميد السائح، الذي اشتهر بأنه أحد أكثر الاستخباريين القذافيين وحشية، وكان قد شغل منصب قائد الحرس الثوري، فضلاً عن أنه آمر فرع الإرهاب في استخبارات النظام. وبنتيجة ذلك القصف انقطعت الكهرباء عن الجثمان، ومن ثم أصيبت الزنزانة – البراد (كانت مباشرة تحت مكتب السائح) ودُمرت بالكامل، قبل ان "يضيع" الجثمان بعد نقله مع الجثث الاخرى التي سقطت في القصف وسط إفادات أكثر من شاهد بأنهم رأوا العمامة والعباءة اللتين كان صاحب الجثمان يرتديهما.

هذه الخلاصة المُرة تبلّغتها الأوساط الحكومية اللبنانية قبل فترة من الدوائر الرسمية الجديدة في ليبيا ما بعد القذافي التي كانت بيروت بدأت قبل نحو شهرين ونصف شهر تواصلاً مباشراً معها لمواكبة مآل الإتصالات الجارية بين وزارتي الخارجية في البلدين حول مصير التحقيقات الجارية لكشف مصير رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين الذين اختفوا خلال زيارة لطرابلس العام 1978. ومع هذه المعلومات والتأكيدات حول وفاة السيد موسى ينتظر الجميع تصريح رسمي من قيادة حركة أمل وحزب الله ليؤكد او يدحض هذه القصة.

وفي تفاصيل هذه الحقيقة القاسية كما كشفتها جريدة "الأخبار" بالامس أن الليبيين الذين كانوا قد انكبوا منذ سقوط طرابلس على مراجعة عدد من الملفات المتعلقة بانتهكات نظام القذافي لحقوق الإنسان، تمكنوا من تتبع قضية الصدر في الأشهر الماضية، من بين نحو 23700 مفقود من الحقبة القذافية.

وبحسب المعلومات فان الجهات اللبنانية تبلّغت من طرابلس ان الإمام الصدر لم يغادر ليبيا منذ اختفائه على أراضيها في 31 اغسطس 1978. لا بل نُقل مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، بعد اعتقالهم في طرابلس الغرب، إلى معتقل سري في جنوب البلاد، في المناطق الموالية مباشرة للقذافي، قبل ان يُنقل لاحقاً الى سجن أبو سليم في طرابلس الغرب، وذلك في فترة ما لم تحدد بدقة، من العام 1997. ومنذ ذلك التاريخ ظل معتقلاً حياً يرزق، وكان يعاني مرض السكري في الدم.

حقيقة مرّة وقاسية، لم يتقبلها القسم الاكبر ممن يسير على خطى الامام الصدر، وفي خضم الاحداث الليبية سارع لبنان لكشف هذا اللغز والوصول الى الحقيقة التي طال انتظارها ومع ذلك بقيت كل التحركات طي الكتمان ولم ينطق أحد بأي معلومة حول مصيره.

وبعد نشر تقرير الجريدة، انقسم مناصرو الامام فهناك من امتعض ورفض ما جاء معتبرا اياه انه كذب وافتراضات فارغة، وهناك من اقتنع وسلم بالامر الواقع. في الحالتين يبقى السؤال الاهم الى متى سيبقى التعتيم الاعلامي من الثنائية الشيعية حول هذه القضية؟ ومما يخاف هؤلاء اذا ما اعلن على العلن خبر استشهاد الامام المظلوم ؟

السابق
حوري: عون وباسيل يحاولان اتهام الآخرين بالارتكابات
التالي
مع وثيقة الأخوان وضد وثيقة الحزب