لم تخسر لفني بل طُردت

ان الاسطورة التي حاول ربابين كديما ترويجها في الاسابيع الاخيرة هي ان كل شيء سيكون على ما يرام بعد الانتخابات التمهيدية. فاستطلاعات الرأي سترتفع والجمهور سيحتضن وسيعود كديما ليصبح بديلا مناسبا عن السلطة ومرشحا طبيعيا للقيادة في الانتخابات القادمة.
يمكن ان تتحقق الاساطير واسألوا هرتسل. لكنها تتحطم على الأكثر على ارض الواقع. ان اعضاء كديما الذين يستيقظون اليوم في فجر يوم جديد قد يتبين لهم ان ما كان هو ما سيكون. وان الحقيقة المرة هي ان كديما فقد منذ زمن كونه ذا صلة وان انهياره لم ينبع فقط من قيادته الضعيفة بل انه فارغ الوفاض ايضا من المضمون.
يحاول رؤساء كديما في السنين الثلاث الاخيرة ان يقنعوا قدر استطاعتهم بأن كديما هو حزب مركز فلا يمين ولا يسار ولا رأسمالية ولا اشتراكية. وقد تحول بالفعل الى حزب لا طعم له ولا رائحة، لا يُلفظ ولا يُبتلع. وتحول الحزب الاكبر في الكنيست بجلوسه في المعارضة ليصبح قسم الحيل الرخيصة في الكنيست. وهو يصاب بالبكم في الموضوعات الجوهرية، أو تجد اعضاءه يتشاجرون من غير قدرة على صياغة موقف موحد.
ليس لكديما قول واضح في المجال السياسي والامني، ومن المؤكد انه ليس له ذلك ايضا في المجال الاقتصادي والاجتماعي. وقد قفز الى عجلة الحملة الدعائية على الحريديين متأخرا جدا وبصورة تثير السخرية. ان الحزب الذي أُنشيء زمن سلطته وزارة الأديان من جديد وجُددت مخصصات الاولاد وأُلغيت الدراسات الجوهرية في مؤسسات التربية الحريدية، يستطيع الآن فقط ان ينظر كيف يشرب يئير لبيد وزهافا غلئون في ظمأ من ينبوع جمهور ناخبيه.
ان تسيبي لفني هي التي قادت بثقة وتصميم كديما ليضرب رأسه بالحائط الاسمنتي مباشرة. وقد حاولت الرئيسة المُنحاة في الاسابيع الاخيرة ان تلقي التهمة على كل العالم وزوجته. واشتكت من التآمر ومن أنهم لم يقبلوا زعامتها، لكن الواقع كان مختلفا. فقد كانت لفني تملك قوة لا يستهان بها بفضل دستور الحزب وبواسطة أكثرية لا لبس فيها في الحزب، ولم يكن اجراء لم تكن تستطيع تنفيذه.
خطا كديما أمس أول خطوة الى الاصلاح. ولم تخسر لفني بل طردها رفاقها بالعصي. وتلاشى الأمل الابيض – الذي تبناه كثير من وسائل الاعلام وبخاصة في الايام الاخيرة وعرضوا عرضا باطلا التأثير الذي عاد اليه وانقلاب اللحظة الاخيرة الذي سينقذه – تلاشى كأن لم يكن. وتستطيع لفني ان تجد عزاءا واحدا في حقيقة ان الجمهور الاسرائيلي غفور. وهو لا يشمئز أبدا من المعاودة. والسؤال هو فقط هل سيكون لها مكان تعود اليه.  

السابق
إنسوا الردع
التالي
الانتخابات المصرية واعتزام بعض من الإخوان على الترشح