سليمان: وجودنا ضروري في قمة بغداد

فيما يعلو الضجيج السياسي حول الحكومة نتيجة التجاذبات بين افرقائها خصوصا في موضوع الكهرباء وضجيج من نوع اخر يتصل بتداعيات الازمة السورية التي تردد ان الحدود اللبنانية السورية شهدت فصولا جديدة منها امس الثلثاء، يبدي رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان رؤية ابعد من التفاصيل الصغيرة التي تغرق الوسط السياسي. يستقبل الرئيس سليمان اليوم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبيل مغادرته الى تركيا فيما يستعد هو للمغادرة الى بغداد للمشاركة في القمة العربية في بغداد غدا الخميس. وعلى رغم ان عددا كبيرا من زعماء الدول العربية ورؤسائها قد يتخلفون عن الحضور شخصيا، يشدد الرئيس سليمان على ان وجود لبنان على المستوى الرئاسي ضروري في القمة وان يكون موجودا في الجامعة العربية متفهما وجود ظروف سياسية قد تحول دون حضور بعض الزعماء. وينفي وفق اتصالاته مع قيادة الجيش حصول انتهاك للسيادة اللبنانية عبر عبور الجيش السوري الى لبنان في اطار ملاحقة معارضي النظام.

يبرز الرئيس سليمان في حديث الى "النهار" أهمية حضوره قمة بغداد على قاعدة انه لو انعقدت القمة في لبنان لكان صعبا غياب ملوك ورؤساء عنها مؤكدا ان وجود لبنان ضروري ومهم ولو بدا الوضع غير سهل على مستوى ما سيطرح فيها. لكنها تسير في شكل مواز مع المبادرة التي يتولاها المبعوث الدولي كوفي أنان حول سوريا التي باتت تحظى بدعم روسي وصيني الى جانب دعم الجامعة العربية. ومن المهم "أن تعقد القمة حتى لو ان نتائجها قد لا تكون كبيرة" كاشفا انه سيدعو في كلمته الى التضامن العربي ومستبعدا ان يثير موضوع احتضان سوريا عربيا ما اثير سابقا كون هذا الموضوع يحتاج الى عناصر متعددة قد لا تكون متوافرة راهنا وتبدو صعبة. ويكشف الرئيس سليمان الذي اقتصرت زياراته للعاصمة السورية على ثلاث زيارات حتى الان فيما هو عشية سنته الرابعة في الحكم على عكس اسلافه من الرؤساء انه يستمر في التواصل مع نظيره السوري بين وقت واخر والاطمئنان على ما يجري في سوريا من جهته معربا عن اعتقاده ان قبول دمشق بمبادرة انان كانت مرجحة نتيجة الجو الدولي الذي اتاح صدور بيان رئاسي عن مجلس الامن بموافقة روسية وصينية وان هناك افتراض حسن النية على ان المهم هو ان يتم التوصل الى اقتناع بان تداول السلطة شيء حتمي وطبيعي. ولا يخفي اعتقاده ان "سوريا تتجه الزاميا نحو الديموقراطية التي هي موضوع خلاف حول ماهيتها في حين انها ينبغي ان تكون موضوع حوار بين كل الافرقاء السوريين". ويعرب عن أمله في ان يتفق هؤلاء الاطراف على اي ديموقراطية يريدون وان تجمع كل مكونات الشعب السوري الطائفية والعرقية والمذهبية لكي يكون المستقبل اكثر أمنا وان يحصل تحول حقيقي في سوريا".
ويجزم الرئيس سليمان ان لا توغل سوريا حصل امس في الاراضي اللبنانية نتيجة الاشتباكات المسلحة التي حصلت على الحدود اللبنانية السورية موضحا ان اتصالاته مع قيادة الجيش اوضحت ان ما حصل كان اشتباكات بين الجيش السوري وعناصر من الجيش السوري الحر على مركز للهجانة السورية ادى الى وقوع قذيفة في لبنان لكن من دون اصابات او توغل او وجود للجيش السوري الحر في لبنان مؤكدا "ان اي توغل لن يقبل به ولو حصل فانه كان سيجري اتصالات مباشرة بالقيادة السورية وغير مباشرة عبر الجيش وكل الوسائل المتاحة من اجل منعه". واستتباعا يبدي الرئيس سليمان اطمئنانا لانحسار المخاوف عن انعكاسات الوضع السوري على لبنان ويبدي ثقته بقوة بتراجعها كليا. يقول "بعد اتفاق الطائف تعرض لبنان لتجارب كثيرة منها بعد انسحاب القوات السورية من لبنان واخرى بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري واخيرا الفراغ على مستوى الحكم. وفي كل مرة كانت تثار مخاوف من حرب أهلية بين اللبنانيين وقد تساءلت وقتها اذا كان اللبنانيون كواسر ينقضون على بعضهم فيما ان الجيش موجود والاجهزة الامنية". ويضيف "ان اتفاق الطائف ارسى شبكة امان سياسية على لبنان وقد حمته. وأقول اليوم كما بعد احداث نهر البارد وحرب تموز واغتيال الحريري ان هناك الجيش وهناك الشعب ايضا. هذه تجارب قطعناها فالجيش متين بوحدته وقد مرت سنة وشهر على الازمة السورية وقد تجاوزناها ويمكن ان نستمر في فعل ذلك واذا لم نفعل فان الحق يقع علينا". وعلق على ذلك ضاحكا بانه يثق "بالنضج لدى الشعب اللبناني" ردا على سؤال اذا كانت ثقته في هذا الامر مرتكزة الى "نضج القوى السياسية".
يستحوذ الموضوع الداخلي على الحديث مع رئيس الجمهورية خصوصا الوضع الحكومي. فيبدي هدوءا لا تعكسه الاجواء الحكومية الصاخبة. يقول "انني أتطلع الى جلسة مجلس الوزراء ومناقشة موضوع الكهرباء على قاعدة انني لا أريد ان تنفجر او تتأزم بين الافرقاء فيها. فانا اريد الشفافية اولا. وسنرى ما هي المعلومات التي تتجمع لدينا ونناقشها بديموقراطية واذا كانت كافية نتفق والا نذهب الى جلسة اخرى تتحدد بعد يومين على الارجح بعد عودتي من القمة العربية حيث نتابع المناقشة باعتبار ان المهم هو ان نخرج بنتيجة. اذ ان الخطة الاساسية التي أقرت للكهرباء "ماشية" ويبقى موضوع البواخر التي يفترض ان تحل محل المعامل اثناء التأهيل وهذه جزء من الخطة. ويجب ان نجد حلا بما يؤمن الشفافية".

وردا على سؤال حول الاتهامات لرئيس الحكومة بافتعال مشكلة واستهداف وزير الطاقة قال الرئيس سليمان "لا اعتقد ان رئيس الحكومة كانت لديه نية مسبقة بالوصول الى هذا الموضوع وقد توافرت لديه معلومات عن كلفة البواخر وهل هناك امكان ايجاد بديل عنها". وتابع "لا آخذ جانب فريق ولا اتهرب فانا لا اصوت. اذا كان هناك شفافية وهناك شكوك في مكان ما فانا اختار الشفافية وغالبية الوزراء كذلك. ما يبقي موضوع البواخر ان يتبين انها شفافة ولمصلحة الوطن. وانا أجريت اتصالات واستقبلت وزراء اليوم ولسنا مستعجلين في انتظار ان نختار الانسب. اي نخفض السعر ونقلل الوقت وليس علينا ان نكون بسطاء وقد بدا ايجار البواخر مرتفعا جدا فالرئيس ميقاتي على حق انه وجد الاسعار مرتفعة فدق الجرس وكانت خطوته جيدة".
وهل هو راض عن اداء الحكومة؟ يقول الرئيس سليمان "حين يرضى الانسان عن عمله يصبح للرمي. فأنا لم أكن مرة راضيا عن عملي انما أرضي ضميري نعم. مجلس الوزراء غير راض عن انتاجه ورئيس الحكومة كذلك. هناك تجاذبات كثيرة انما المهم ان الاستقرار الامني مؤمن في هذا الظرف الصعب جدا اذ صحيح ان اتفاق الطائف ارسى شبكة امان لكن هذه الشبكة في حاجة لاشخاص "لفلشها" واقول بشجاعة ان لا بأس به… وهناك ايضا الاستقرار الاقتصادي ولم نذهب الى تراجع اذ تراجع النمو العام الماضي الا انه مبشر هذه السنة "مؤكدا" ان المؤشرات الاقتصادية جيدة في اتجاه الاقتصاد اللبناني. وهذا الاستقرار هو جزء من مهمة الحكومة وان كنت غير مكتف او غير راض اذ يجب ان نستفيد لنضع اصلاحات وتجديد القوانين خصوصا ان مصاعب بدت لنا مع تطبيق اتفاق الطائف. وهذا يحتاج الى قانون انتخاب من اجل تأمين حسن الممارسة والى تصحيح الاشكالات الدستورية كما ذكرت في خطاب القسم".

واذ كشف ان تعيينات ستعرض على مجلس الوزراء اليوم قال الرئيس سليمان ان ما طرحه وزير العدل شكيب قرطباوي حول اسم رئيس مجلس القضاء الاعلى غير مطروح على جلسة مجلس الوزراء وهو اعتمد معيار الكفاءة والاقدمية لخمس او 6 سنوات وانا أضيف معيار الشفافية ايضا موضحا مجددا انه "ثابت في موقفه على آلية التعيينات وحين عرضت علي اللجنة التعيينات التي ستقدم اليوم لم اسأل بل قلت انني معها وفق الآلية من دون اي تمييز".

وعن المصالحة مع العماد ميشال عون التي رعاها البطريرك الراعي وهل أوصلت الى نتيجة، يرفض الرئيس سليمان كلمة مصالحة "ولا اي أمر اسمه مصالحة مع رئيس الحكومة او اي زعيم مسيحي او مسلم. فأنا اتواصل مع الجميع ومواقفي لا تطاول الهجوم على احد. وما حاوله البطريرك الراعي هو اعادة العلاقة عادية بين العماد عون والرئاسة كما بينها وبين باقي الافرقاء اذ وجد انه لا يجوز توجيه عون انتقادا علنيا لرئيس الجمهورية في حين ان علاقته افضل مع باقي الافرقاء. اذ ان الانتقاد مشروع لكن ليس الانتقاد المبتذل. ولم يحصل اتفاق لا على التعيينات او على اي اسماء. فهذه غير واردة وانا متمسك بتطبيق آلية التعيينات".

وعن احتمال بقاء الحكومة حتى الانتخابات النيابية واحتمال اجراء هذه الاخيرة، لا يرى الرئيس سليمان ضيرا فيما لو تغيرت الحكومة لكن لا أرى ذلك ملحا ولو ان ذلك يمكن ان يحصل في اي لحظة نسبة الى الظروف المحيطة "فانا لا أعرف اذا كانت تستمر أم لا. فالتغيير الحكومي عمل ديموقراطي لكن أصبح تأليف الحكومات يستغرق وقتا ما لم يكن شلل الحكومة وعدم انتاجيتها سببا أساسيا بديلا من الوقت الضائع من أجل تأليفها. اما الانتخابات النيابية فانا أرى ضرورة ان تحصل لانها السمة الاساسية للديموقراطية ويجب ان نحافظ على اجراء الانتخابات بمواعيدها الدستورية وفقا لما كنت أصررت عليه في الانتخابات البلدية وكما في انتخابات النقابات والاحزاب".

السابق
المنامة تهاجم الرئيس بري: ادعاءاته كاذبة وتمثل تهديدا لسيادة البحرين
التالي
البيئة البحرية ..كيف تحفاظ عليها؟