بعد نشوة إسقاط النظام!

ذهبت السكرة وجاءت الفكرة… ثورات الربيع العربي أحدثت الصدمة الزلزالية السياسية والنفسية في الداخل والخارج، على غرار تلك الصدمة التي أحدثها اصطدام الطائرتين ببرجي مركز التجارة الدولي في نيويورك في الحادي عشر من أيلول / سبتمبر ٢٠٠١. وكما أن أحداً لم يكن يتوقع – في غمرة تلك اللحظة الهستيرية – ما يمكن أن يترتب على ذلك الحدث الجنوني في نيويورك من نتائج وأهوال، وطغى عليها جانب الذعر والهلع، كذلك لم يكن في قدرة أحد توقّع ما سيترتب على الثورات العربية من نتائج، على الرغم من أن شرارة ذلك الربيع كانت لحظة هستيرية من الفرح والتفاؤل! غير أن ما أحدثته الثورات العربية على أرض الواقع بعد عام ونيّف من اندلاعها، وما أسفرت عنه من نتائج حتى الآن، ينشر في أجواء الأمة مناخاً من الاكتئاب العام والقلق على المصير…

الآن، وبعد أن ذهبت نشوة إسقاط النظام وحلّت محلّها صحوة ما حدث، فرضت الضرورات نفسها لاجراء مراجعة للتطورات، وإلقاء نظرة ثانية فاحصة على النتائج، بهدف الاستدراك ومحاولة التصويب. وظهرت معالم هذه الحالة في الداخل والخارج على السواء. وكانت أسباب ذلك عديدة… ومنها أولاً، تصدّر تنظيمات الأخوان المسلمين للواجهة السياسية في منطقة الثورات العربية. ومنها ثانياً، تعدّد الخطاب السياسي وتدرجه لدى الأخوان من المطالبة بتطبيق الشريعة بحزم أو بلين من تونس الى مصر، والى المناداة بالدولة المدنية والمتعددة كما في بيان أخوان سوريا، والى حالة من الضياع بين هذا وذاك كما في ليبيا. ومنها ثالثا، ظهور قيادة ثنائية مشتركة بين تركيا وقطر تقود خطى التيار الأخواني في المنطقة العربية وتسعى الى تعميمه. ومنها رابعاً، نقزة خليجية من نيّات مبيتة لدى من يقف وراء مقود المحدلة الأخوانية للعبث باستقرار الأنظمة الخليجية كما عبّر عن ذلك بصراحة صادمة الفريق ضاحي خلفان قائد عام شرطة دبي وعضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي. ومنها خامساً، نقزة في أوساط المعارضة السورية في الداخل، وقد تلقت إحدى شخصياتها دعوة لحضور مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول الذي دعا اليه المجلس الوطني السوري المعارض، غير أن من وجّه هذه الدعوة جاءت عن طريق وزارتي الخارجية في كل من قطر وتركيا! وهذا ما أعلنه صراحة المعارض القيادي السوري في الداخل لؤي حسين رئيس تيار بناء الدولة السورية المعارض!
أما على سطح العالم فيدور حوار آخر مباشر ومتصل بين عواصم القرار، عبّرت عنه الادارة الأميركية بقولها انه من المفيد اجراء لقاءات أميركية مع روسيا والصين و… ايران!

السابق
سورية في طريق الحل الوطني للأزمة
التالي
ميقاتي: هـل قررت الاعتزال؟