السفير: الحكومة تبحر في البواخر .. وترسو في المعامل!

ينعقد مجلس الوزراء اليوم في قصر بعبدا بـ«أوراق مكشوفة» على صعيد ملف أزمة الكهرباء، بعدما استبقت الأطراف المعنية الجلسة بـ«حملات دعائية» لتسويق مشاريعها، ومحاولة كسب الراي العام قبل كسب أصوات الوزراء، بعد اخفاق اللجنة الوزارية المختصة بملف البواخر في التوصل الى وضع تقرير مشترك، تمت الاستعاضة عنه بتقارير متفرقة لكل من رئيس الحكومة ووزيري الطاقة والمالية.
ولئن كانت الأولوية لدى المواطن هي الحصول على الطاقة، سواء أتت عن طريق البواخر او المعامل، إلا ان ذلك لن يحول دون ان تشهد جلسة مجلس الوزراء «مبارزة منضبطة» بين «معامل» الرئيس نجيب ميقاتي و«بواخر» الوزير جبران باسيل المدعومة من الوزير محمد الصفدي، فيما توقعت مصادر واسعة الاطلاع ان ينتهي الامر عاجلا أم آجلا الى حل توافقي يبدأ مع البواخر ويُستكمل مع المعامل، مستبعدة اللجوء الى خيار التصويت في جلسة اليوم.
وبانتظار ما سيؤول اليه المخاض الكهربائي، من المتوقع ان يُقر مجلس الوزراء في جلسته ثلاثة تعيينات متوافق عليها وفق آلية التعيين وهي:
ـ مدير عام للأبحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية.
ـ مدير عام لإدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية.
ـ مفتش عام تربوي في التفتيش المركزي.

قطع الحساب
وفيما يناقش مجلس الوزراء مشروع قطوع الحسابات الذي أعده وزير المالية محمد الصفدي لمعالجة مسألة الإنفاق بين 2006 و2010، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ«السفير» انه برغم أن المشروع يحترم، من حيث الشكل، الصيغة التي تم التوافق حولها ولا سيما لناحية تقديم قطع الحساب لكل سنة على حدة، إلا أنه يوحي من حيث المضمون أن الهدف هو تشريع التجاوز بالانفاق.
واستغرب كنعان كيف قدمت الأرقام من دون التدقيق بالواردات
والنفقات ومن دون أي ذكر للهبات وسلفات الخزينة والمؤسسات العامة والبلديات. ورأى أن العبث كبير في الحسابات، «وبدلا من أن يقوموا بتوضيح هذه الأفعال هم يسعون إلى تمريرها بتسوية»، مؤكداً أن «ما أرسل إلى مجلس الوزراء يشبه كل شيء إلا قطع الحساب».
ميقاتي: سأقابل الإيجابية بمثلها
وعشية انعقاد مجلس الوزراء، قال الرئيس نجيب ميقاتي لـ«السفير» انه لمس إيجابية في العديد من جوانب كلام الوزير جبران باسيل حول ملف الكهرباء، معتبرا ان هذا الكلام في خطوطه العريضة متمم لما لديه، «وأنا سأقابل أي إيجابية بإيجابية مثلها».
وشدد ميقاتي على ان هناك ثابتتين لديه، هما تأمين الكهرباء 24 ساعة، والحرص على مال الخزينة، «وتحت سقف هذين المعيارين، أنا مستعد للبحث في أي أمر».
وردا على سؤال حول الموقف الذي سيتخذه في حال طُرح مشروعه على التصويت في جلسة مجلس الوزراء اليوم ولم يمر، أجاب: أعتقد ان المواضيع السياسية هي التي يمكن التصويت عليها، أما المسائل التقنية كتلك المتعلقة بالكهرباء فلا ينبغي ان تخضع للتصويت وإنما يجب الاحتكام الى المنطق للبت بها، وعلى كل حال، رئيس الجمهورية هو الذي يقرر.
وأكد ميقاتي انه مطمئن الى مسار جلسة اليوم، مستبعدا ان يفجرها ملف الكهرباء، وأضاف: نريد طاقة للتنوير، لا للتفجير.

بري ينأى بنفسه
في هذه الأثناء، بدا الرئيس نبيه بري كأنه قرر أن ينأى بنفسه، حتى إشعار آخر، عن المساعدة في معالجة مشكلات الحكومة، تاركا لرئيسها ان يقلع شوكها بيديه، وهو أبلغ زواره أمس انه لا يتدخل حاليا، وسينتظر أسبوعا أو اثنين او أكثر لمراقبة الاداء الحكومي، ومدى الاستجابة للصرخة التي أطلقها اعتراضا على النهج المتبع من قبل الحكومة في مقاربة الملفات المفتوحة.
وتعليقا على قول ميقاتي بان رئيس المجلس يعرف «البير وغطاه»، قال بري: معه حق.. لذلك كانت صرختي الهادفة الى حث الحكومة على تصويب مسارها وتفعيل عملها وإنتاجيتها.
وإذ أوضح انه لم يتم أي اتصال بينه وبين ميقاتي خلال الايام الاخيرة، أكد ان ما من مشكلة شخصية بينهما، لافتا الانتباه الى انه لم يكن هناك ما يستوجب الاتصال.
وأشار بري الى ان وزراء «حركة أمل» سيتخذون في جلسة مجلس الوزراء اليوم الموقف المناسب من المشاريع المطروحة لمواجهة أزمة الكهرباء، مشددا على ان «مصلحة المواطن والمال العام هي المقياس في تحديد خياراتنا».

تقرير الصفدي
وإضافة الى تقرير الرئيس ميقاتي المرفوع الى مجلس الوزراء حول موضوع الكهرباء، رفع الوزير محمد الصفدي تقريرا آخر بصفته وزيراً للمالية وعضواً في اللجنة الوزارية التي كلفت بدرس إمكانية استئجار البواخر.
وجاء في التقرير الذي حصلت «السفير» على نسخة منه ان مهام اللجنة الوزارية كانت محصورة فقط باستئجار البواخر وليس بإعداد استراتيجية للطاقة او تقديم اقتراحات لإنتاج الكهرباء 24 ساعة.
وأيد الصفدي في تقريره استئجار البواخر تقيداً بقرار مجلس الوزراء، على ان تحصر مدة الاستئجار بثلاث سنوات، ريثما يتم إنشاء معامل الإنتاج بطاقة 700 ميغاوات، مقترحا أن يكون استئجار البواخر محصوراً فقط بتوفير كمية من الطاقة تعادل الطاقة التي ستنقص نتيجة توقف الوحدات الإنتاجية في مصنعي الذوق والجية لإعادة تأهيلها.
واعتبر التقرير ان استئجار البواخر لن يزيد الأعباء المالية على الميزانية المعتمدة لكهرباء لبنان، باعتباره يأتي بديلاً عن توقيف معملي الذوق والجية لإجراء الصيانة، بل ذهب التقرير إلى القول إن كلفة إنتاج البواخر ستكون أقل من كلفة إنتاج هذين المعملين بنسبة 15 في المئة كحد أدنى.
ووفق التقرير، فان عدم تأهيل معملي الذوق والجية سيرفع ساعات التقنين من 13 إلى 15 ساعة في فصل الصيف، ويزيد كلفة الفاتورة الكهربائية على المواطن بسبب اعتماد المولدات الخاصة.

سليمان مع التوافق
في هذا الوقت، أكدت مصادر رئاسة الجمهورية لـنا أن الرئيس ميشال سليمان يحاول الوصول إلى نوع من التوافق بين مشروعي الرئيس ميقاتي والوزير باسيل، وأن لقاءاته أمس مع عدد من الوزراء تركزت على ضرورة توافر حل توافقي يرضي جميع الاطراف، موضحة انه طرح بعض الافكار التي تحتاج الى جوجلة، وهو على تواصل مستمر مع رئيس الحكومة الذي سيلتقيه قبيل انعقاد الجلسة «اذ لا حل إلاّ بالتوافق ولا يناسبنا الا التوافق».
وأشارت المصادر إلى أن «كلا المشروعين يحتاج إلى «شدشدة أو ركلجة»، ولا بد من مخرج يقوم على ثابتتين: الحفاظ على حقوق الدولة لجهة منع الهدر والحد من الإنفاق، وتأمين الكهرباء للمواطنين وهذا حق لهم على الدولة».

باسيل: البواخر ضرورية
وكان وزير الطاقة والمياه جبران باسيل قد اعتبر بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ان مشروع البواخر حل جزئي وموقت لكنه ضروري في ظل العجز المتزايد، محذرا من تفاقم الأزمة الكهربائية، وصولا الى الكارثة. ولفت الانتباه الى ان «الخطة تتضمن البواخر وتأهيل معامل الزوق ودير عمار والزهراني وانتاج الف وخمسمئة ميغاوات عبر معامل جديدة، ويجب القيام بكل ذلك ليكون لدينا كهرباء 24 على 24».
وأشار باسيل الى أن «البواخر تؤدي الى توفير اموال على الدولة، وكلفة البواخر اقل من كلفة المعامل الحالية بـ 130 مليون دولار بالسنة»، واعتبر ان «الخيار الثاني هو الغاء البواخر. وهناك شخص يجب ان يتحمل المسؤولية عندها»، مشيرا الى ان «الحل الثالث والمنطقي الذي نطالب به هو ان نأتي ببواخر وننشئ معامل كهرباء»، واصفا طرح ميقاتي بانشاء معامل بالامر الجيد.
وإذ رأى انه من الخطأ الافتراض ان الحكومة لا يمكن ان تستقيل، قال: نحن باقون في الحكومة بتركيبتها ورئيسها حتى إشعار آخر.

السابق
الشرق الأوسط: وثيقة عهد لسوريا الجديدة.. وإطلاق نار خلال زيارة الأسد لحمص
التالي
النهار: الجزيرة تستجيب طلب ساركوزي عدم بث شريط لجرائم تولوز